IMLebanon

طفلك يعاني من الوحدة.. هكذا تساعدينه!

كتب د. أنطوان الشرتوني في “الجمهورية”:

خلال عاميه الخامس والسادس، يبدأ الطفل بتكوين صداقات في المحيط الذي يعيش فيه. كما تتكوّن الصداقات في المدرسة، صداقات يمكن أن تستمر لمدى العمر. ولكن نجد عند نسبة من الأطفال بعض الصعوبات في تكوين الصداقات مع أقرانهم. ونراهم يتحاشون الإقتراب من الأطفال أو اللعب معهم، ويفضلون البقاء لوحدهم، ويلعبون ألعاباً فردية لا جماعية، ويمارسون نشاطات لا تتطلب مشاركة طفل آخر كالألعاب الإلكترونية أو السباحة… فما سبب هذه الوحدة؟ وكيف يمكن مساعدة الطفل لكي يكتشف أهمية الصداقة في حياة الإنسان؟ وما هو دور الأهل في هذا المضمار؟
جميع الأطفال يحبون اللعب ومشاركة الآخرين أوقاتاً ممتعة. وطبعاً يختلف مستوى المشاركة بين طفل وآخر. فنجد بعض الأطفال يقدمون ويشاركون كل ألعابهم مع أطفال آخرين. بينما نجد بعض الأطفال أكثرَ حذراً في المشاركة. ولكن في كلا الحالين، هناك نقاط مشتركة، تساعد الطفل على أن يصبح إجتماعياً منذ صغره. ولكن بعض الأطفال لا يعيرون إهتماماً للصداقة وللأصدقاء. فيفضلون اللعب لوحدهم وذلك يؤدي إلى صعوبة في تكوين الصداقات.

الصداقة في عالم الأطفال
فسّر علم النفس الصداقة بأنها شعور بالاتّفاق والجاذبية والعاطفة الإيجابية بين شخصين أو مجموعة من الأشخاص. كما في الصداقة، لا وجود للاستفادة المادية بل تتحلّى علاقة الأصدقاء بالتعاطف والاستفادة المعنوية المتبادلة ومساعدة الصديق إلى أقصى حدّ بدون أي إستفادة مادية. لذا نجد الكثير من الأطفال يلجأون لبعضهم لمساعدة ومساندة صديقهم. ويمكن للصداقة أن تستمر سنوات وسنوات عدة وصولاً إلى مرحلة الشيخوخة. فكم نعرف من الأشخاص الذين تكوّنت صداقتهم في السنوات الأولى على المقاعد الدراسية واستمرت مدى العمر. والطفل يفهم أيضاً الصداقة ويقدرها. ويعتبر علم نفس النمو، بأنّ الطفل الصغير يفهم «مبدأ الصداقة» ما بين عمر السنتين إلى ثلاث سنوات. ولكن تتضح الصداقة منذ اللحظة الأولى بين الأطفال في الصفوف الدراسية. لذا نجد الأطفال الذين لديهم صديق خيالي، يتركونه عندما يجدون صديقاً حقيقياً في المدرسة. أما بالنسبة لعلم النفس الإجتماعي، فإنّ الصداقة هي حاجة ضرورية لحياة الإنسان. فيلعب الأصدقاء دوراً بارزاً بتقديم العاطفة والنصائح الإيجابية والدعم المعنوي وطبعاً الحنان بدون أيّ مقابل. ومن المستحسن أن يكون الصديق موضوعياً في «مساعدة» صديقه. ولكن هذا لا يعني أنّ الأصدقاء لا يتشاجرون أبداً.

عندما لا يوجد صديق للطفل…
هناك أسباب كثيرة تحول دون تكوين الصداقة بين الأطفال. ويمكن أن نسرد بعض هذه الأسباب في النقاط التالية:

– خلل في التواصل: عند وجود مشكلات في اللغة وعدم قدرة الطفل على التعبير بشكل واضح، نجد بأنّ الأطفال يبتعدون عنه ولا يتفهمون وضعه. وفي بعض الأحيان، يعاني هؤلاء الأطفال من عدوانية أقرانهم، لذا نجدهم غير قادرين على معالجة مشكلاتهم. لذا مساعدة الطفل عند أخصائي النطق والأخصائي النفسي يخفف من وطأة المشكلة التي تمنعه من تكوين الصداقات.

– مشكلات في الثقة بالنفس، لا سيما عند الأطفال الذين يعانون من مشكلات عائلية، نجدهم غير قادرين على نسج صداقات مع أقرانهم بسبب عدم ثقتهم بأنفسهم وبالآخرين. فلا يستطيعون التوجه نحو الآخر للتحدث معه وجعله صديقاً لهم. متابعة الطفل نفسياً وإجتماعياً أساسي في هذه المرحلة الدقيقة من حياته.

– الأطفال الذين يتمتعون بثقة خارقة بأنفسهم، يجدون أيضاً بعض الصعوبات في الإستمرارية في صداقات جديدة. ولكن لماذا؟ السبب بسيط وهو «سيطرتهم على الآخرين» وعدم قبول آراء أصدقائهم، وغيرها من الأسباب ما يؤدي الى نفور أصحابهم منهم وهم لا يجدون في هذا «الصديق الواثق من نفسه» غير صورة «الأب المتسلط» و»غير المتسامح»…

– الأطفال ذات «الذكاء الخارق»، يعانون أيضاً من الوحدة وعدم القدرة على تكوين صداقات. تشجيع الطفل ومرافقته عند أصدقاء جدد، يمكن أن يساعده في تخطي وحدته.

– تغيير المدرسة أو الموقع الإجتماعي المعتاد عليه الطفل، يمكن أن يكون أيضاً سبباً لعدم قدرته على تكوين صداقات جديدة. ثمة أطفال لا يجدون أيّ مشكلة في تكوين صداقات سريعة، بينما أطفال آخرون ربما يجدون صعوبة في الإندماج في «منظومة جديدة» لم يعتادوا عليها من قبل.

– شخصية الطفل تلعب دوراً أساساً في تكوين الصداقات. فبعض الأطفال يتمتعون بشخصية «منغلقة» ما يعني أنهم لا يحبّذون كثيراً الأصدقاء بل يكتفون بصديق أو صديقين. وهذا لا يعني بأنّ الطفل المنفتح إجتماعياً هو أفضل من الطفل المنزوي، ولكل واحد منهما ميزاته، فلا يمكن أن نقارنهما.

– كما الحياء يمكن أن يكون حجر عثرة في تكوين الصداقات لدى الأطفال.

دور الأهل في مساعدة طفلهم
عندما يلاحظ الأهل أن طفلهم يجد صعوبة في تكوين الأصدقاء، لا يجب أن يهلعوا، بل يجب مساعدته من خلال:

أولاً، مساعدة الطفل في التقرب من أطفال ذوي الشخصية الإيجابية والإبتعاد قدر الإمكان عن الأطفال ذوي الشخصية المتسلطة أو الشخصية المتنمرة. فالصديق المناسب هو صديق إيجابيّ يحمل كل معاني المحبة.

ثانياً، مرافقة الطفل إلى حفلات الأعياد… لأنها المكان المناسب للتعرف الى أصدقاء جدد. كما يمكن للأهل أن يساعدوا طفلهم في إختيار صديق متشابه إلى حد كبير مع صفات شخصية طفلهم ولكن هذا لا يعني الإبتعاد عن الأطفال المختلفين عنه. بل يجب على الطفل أن يتعرف الى كل أنواع الشخصيات.

ثالثاً، إصطحاب الطفل إلى أماكن عامة أو في زيارات عائلية للتعرف الى أطفال آخرين: أطفال الاصدقاء أو أطفال العائلة أو أطفال الجيران. كما يجب تشجيعه للعب مع أطفال من عمره في المدرسة او دار الحضانة.

رابعاً، التخفيف من لوم الطفل إذا قام بأمر سيئ مثل كسر مزهرية أو رسم على الحائط… فيجب أن يساعده الأهل في تعزيز الثقة في نفسه.