IMLebanon

“تطبيق القانون” شعار من دون مضمون

في اعقاب العشاء- المصالحة الذي جمع رئيس الحكومة سعد الحريري بزعيم الحزب الاشتراكي وليد جنبلاط في عين التينة اثر حادثة قبرشمون منذ يومين، أكد رئيس مجلس النواب نبيه بري أن “الحلّ ينبغي أن يرتكز إلى مثلث المعالجة، السياسة والأمن والقضاء”، مشددا على “أهمية التواصل بين كل الأطراف لإنهاء ذيول ما حصل”.

في منطق الدول التي يحكمها القانون ولا حكم يعلو فوقه، يُفترض أن المسار الكفيل بمعالجة أي حادثة امنية او اشكال فردي كان ام سياسيا، هو القضاء والركون الى موجباته وأحكامه بدءا من إلقاء القبض على المتورطين الى تقديمهم للعدالة فإصدار الاحكام الواجب ان تنتهي عندها ملفات من هذا النوع. لكن في لبنان حيث الامن بالتراضي والقضاء بالتسييس والاستنسابية والسياسة تحت عنوان الديموقراطية التوافقية، يصبح القانون مجرد شعار او حلم تبذل الجهود لتحقيقه وتدار محركات الوساطات على مساحة البلاد وربما ابعد منها، لإقناع المعنيين بالاحتكام اليه.

ضمن هذا المحور بالذات، يتحرك المدير العام للامن العام اللواء عباس ابراهيم الذي أخذ على عاتقه معالجة إشكال قبرشمون بكل تفاعلاته الامنية والمذهبية والسياسية، وإدارة الازمة من خلال صيغ توافقية وحلول  رضائية تخفف من مآسي وشرور التقاتل بين الفريقين الدرزيين الاشتراكي والديموقراطي اللبناني ومن خلفهما بعض الحلفاء السياسيين من الجبهتين، من الذين يحتفظون لأنفسهم بنفوذ يمس بهيبة الدولة ويفوق سطوة أجهزتها الأمنية ويقوى على سلطة القضاء وعدالته، كما ثبت في اكثر من موقعة وحادثة، حيث اعتمدت سياسة الصيف والشتاء تحت سقف واحد. هذا الواقع، كما تقول مصادر سياسية مراقبة لـ”المركزية”، يجعل مهمة “رجل المرحلة” اللواء ابراهيم في غاية الصعوبة، وهو لا يتوانى عن التعبير عن الوضع المأزوم ويشكو منه وقد اعتبر اجمعة أن “الاهتراء السياسي الذي تعيشه البلاد راهنا غير مقبول وغير مبرر”، معتبرا أن “الظروف الراهنة تستدعي من اللبنانيين أن يتصارحوا ليتصالحوا”، ومشددا على أن “ما يجري يشكّل خطرا على الدولة.”

وتضيف المصادر: “صحيح ان اللواء ابراهيم الذي لم يضطلع بدور الا وأبلى فيه، يتقن جيدا فن السياسة اللبنانية ويملك مفاتيح تعقيداتها، اذ لم تواجهه عقدة الا وحلها في لبنان وخارجه، وقضية راهبات معلولا ومخطوفي اعزاز خير دليل، لكنّ الصحيح ايضا ان في دولة تتنفس آخر انفاس هيبتها من خلال اهتراء شامل في مختلف قطاعاتها ومؤسساتها، وتتخبط في اتون التناحر والتقاتل والتخوين والتشكيك والفساد، لم يعد من ضمانة للمواطن الذي فقد الثقة بأن حادثة قبرشمون لن تتكرر في بلدة اخرى ليكون هو ضحيتها، ما دام القانون مجرد حبر على ورق النظام والنكايات السياسية تطيح هذا القاضي او ذاك اذا لم يرضخ للاستزلام السياسي”.

وتعتبر ان “اكثر ما يثير الغرابة في ما يجري ان السياسيين انفسهم لا ينفكون يتغنون بوجوب تطبيق القانون وفرض الدولة القوية هيبتها على الجميع في حين يشكلون هم السبب الاساس في استهدافه وتسديد الضربة تلو الاخرى اليه، بحيث يشغّلون محركاتهم العابرة للحدود لتهريب قاتلين ومتورطين في جرائم لا لسبب الا لأنهم من ازلامهم ويخدمون اهدافهم. فيحكمون بتغاضي الناس عن فسادهم وشناعة أدائهم ويستثمرون “تغاضي الأمن والقضاء” لتغطية من يشاركهم الفساد والشناعة”.

وتختم المصادر أن “يصبح الأمن ورقة بيد المتخاصمين سياسيا وأداة يستخدمونها لضرب زعامة هنا وفرض ثنائية هناك فتلك مصيبة، لكن الاستمرار في لعبة التغاضي عن توريط الأمن والقضاء في زواريب السياسة بما يمكن ان تفضي اليه في دولة كلبنان، فتلك أم المصائب”.