IMLebanon

دعكم من جبران باسيل! (بقلم رولا حداد)

استطاع وزير الخارجية والمغتربين رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل أن يفرض نفسه حدث الساعة وحديثها. لا شيء في السياسة والإعلام والصحافة سوى ما يفعله ويقوله جبران باسيل. باسيل قال كذا في البقاع الغربي. باسيل فعل كذا في الجبل. باسيل زار طرابلس وعكار. باسيل يصر على الاستفزاز. باسيل الخ…

في السياسة والاعلام لا شيء يتقدم أخبار الوزير جبران باسيل. وفي فن الدعاية أهل المهنة يقولون إن الدعاية السيئة توازي الدعاية الجيدة، فالمهم أن تكون موضوع الدعاية وكلام الناس بغض النظر عن المضمون.

لا بد من الاعتراف بتواضع أن المشكلة ليست في جبران باسيل على الإطلاق، إذ يحق للرجل، وهو وزير ورئيس أكبر تكتل نيابي وصهر رئيس الجمهورية، أن يفعل ما يحلو له. لكن المشكلة هي حتماً على مستويين:

– المستوى الأول هو في خواء الساحة السياسية من أي منافس فعلي لباسيل، ليس لخلو الساحة من الأسماء اللامعة إنما لأن لا أحد يطرح أي بدائل، بل المطروح هو فقط انتقاد أداء باسيل بغض النظر عن أحقية هذا الانتقاد وبغض النظر عن أي تقييم لما يفعله باسيل. والمطلوب على هذا المستوى، وحرصاً على الحد الأدنى من مفهوم العمل السياسي الديمقراطي أن نشهد طرح بدائل جدية ومشاريع وبرامج وأفكار تجمع اللبنانيين حولها عوض أن يجتمعوا على انتقاد باسيل!

– المستوى الثاني هو في الكارثة التي غرقنا فيها مالياً واقتصادياً بحيث بتنا نراقب أسوارنا المالية الأخيرة تنهار فيما المسؤولون يتلهون بالجدل في جنس مواقف باسيل وزياراته من دون أن يقوم أي منهم بأي خطوة في الاتجاه الصحيح، وحتى الحكومة باتت عاجزة عن الانعقاد وسط كم هائل من الاستحقاقات التي لا ينفع معها التأجيل والتسويف في اتخاذ القرارات المناسبة!

فليزر جبران باسيل كل المناطق اللبنانية ما همّ؟! لا انتخابات نيابية قريبة، وهذه الزيارات لا تتجاوز الإطار الإعلامي الدعائي في أفضل الأحوال، فلماذا كل هذا الاستنفار السياسي؟

هل يمكن القول إن حركة جبران باسيل تخدم كل الطبقة السياسية العاجزة عن اتخاذ أي خطوة أو قرار للانفاذ المالي والاقتصادي، فيعمد الجميع إلى إلهاء الرأي العام بحركة باسيل ومواقفه وردود الفعل عليها؟ ماذا عن الخطوات المطلوبة على صعيد إقرار الموازنة وتفعيل النمو وتحقيق الإصلاح؟ لا همّ فالكل عاجزون ويتلهون بما يفعله جبران باسيل، وكأن انتقاد باسيل يدفع الوضع خطوة إلى الأمام!

أتركوا جبران باسيل يزور حيثما يشاء، ولكن تفضلوا وخوضوا المواجهات على المستوى المالي والاقتصادي، فهنا الامتحان وهنا ستُكرمون أو تُهانون ويهان معكم جميع الللبنانيين.