IMLebanon

هل يحمل الأسبوع الطالع مَخْرَجاً يُنْزِل الجميع عن الشجرة في لبنان؟

الجميعُ في لبنان مَحْكومون بالنزولِ عن الشجرة، ولكن السؤال متى؟ وبأي أكلاف على البلاد؟». هكذا تَخْتَصِرُ أوساطٌ واسعة الإطلاع لـ«الراي» المَشهد في بيروت بعد أسبوعٍ من «التوتّرات النقّالة» التي عاودتْ رفْعَ «المتاريس» السياسية بين أكثر من فريقٍ و«احتجزتْ» الحكومةَ في لحظةِ تَعاظُم مَخاطر انكشاف الواقع المالي الهشّ في الداخل وتَصاعُد «حمّى» الصراع المتعدّد الجبهة في المنطقة.
وفي تقدير هذه الأوساط أنه رغم «الجِراح الكبيرة» التي تَسَبَّب بها الأسبوع الذي بدأ من عاليه (الأحد 30 يونيو) وانتهى بطرابلس السبت، والذي شهد اهتزازاً لـ«الأمن السياسي» من بوابة حادثة قبرشمون ومعاودة النفخ في ملفات الحرب اللبنانية، فإنّ ثمة اعتباريْن أساسييْن يُمْليان على مختلف الأفرقاء التجاوب مع مساعي «إطفاء الحرائق» المتدحْرجة، وهما:

  • ضرورة حفْظ الاستقرار الذي ما زال يشكّل بالنسبة للقوى الوازنة في لبنان كما للمجتمع الدولي «خطاً أحمر»، وذلك رغم فداحة «الأضرار» التي نجمتْ عن مشهدية انفجار «القلوب المليانة» في عاليه حيث سقط اثنان من مرافقي الوزير صالح الغريب (من حزب النائب طلال أرسلان) في إشكالٍ مع مؤيدين للحزب التقدمي الاشتراكي (يتزعّمه وليد جنبلاط) أثناء حركة احتجاجية على زيارة رئيس «التيار الوطني الحر» جبران باسيل لبلدة كفرمتى، قبل أن تتحوّل عاصمة الشمال «ثكنةً عسكرية» نتيجة الاعتراض السياسي على محطة باسيل الذي اكتفى بـ«زيارةٍ خاطفة» عَمَد خلالَها إلى فتْح «جبهة جديدة» من المواجهة السياسية مع «القوات اللبنانية» حين نَبَشَ صفحات من الحرب بينها جريمة اغتيال الرئيس رشيد كرامي (1987)، في ما اعتُبر من هذه الأوساط «سعياً ضمنياً إلى تأليب طرابلس عليها ومحاولةً لاستدراج سجالٍ يزيح الأنظار عن فشل الزيارة».
  • الوضع المالي الدقيق الذي يُبْرِزُ مؤشراتٍ مُقْلِقةً، وإن كانت غير معلَنة، والذي يستوجبُ الإسراعَ بإقرار موازنة 2019 في البرلمان بأرقام مخفَّضة للعجز بما يشكّل «جواز مرور» للاستفادة من مخصصات مؤتمر «سيدر» وتَفادي مَخاطر أي خفْض لتصنيف لبنان الائتماني من وكالاتٍ دولية سبق أن حذّرت، الى جانب التداعيات السلبية لعدم المسارعة إلى إيجاد ضوابط فعلية للعجز واعتماد إصلاحات بنيوية، من «المشاحنات السياسية» التي تُعتبر إشارة غير مشجّعة على الإطلاق للمجتمع الدولي حيال قدرة السلطة المحلية على تطبيق التزاماتها.

وفي ضوء المحاذير الكبرى التي تترتّب على أي تأخيرٍ في لملمة الواقع السياسي وهو ما سيكبّد البلاد أثماناً باهظة، فإن الجهود ستكون مُنْصَبَّةً في الساعات المقبلة، ولا سيما بعد عودة رئيس الحكومة سعد الحريري اليوم مبدئياً الى بيروت من زيارةٍ خاصة، على «فكّ أسْر الحكومة» التي لم تجتمع منذ أحداث عاليه بسبب ربْط الإفراج عنها بشرْط إحالة هذا الملف الى المجلس العدلي وفق ما يطالب إرسلان مدعوماً من «التيار الحر» وسط مُعارَضةٍ معلَنة من الحريري ورئيس البرلمان نبيه بري وجنبلاط و«القوات».
وفي هذا الإطار، علمتْ «الراي» من مصادر بارزة في الثنائي الشيعي («أمل» و«حزب الله») أن موقف «حزب الله» من إحالة أحداث عاليه على «العدلي» يعبّر عنه تماماً بري. مع الإشارة الى أن الأخير يَعتبر أن المسار المطلوب لهذا الملف يبدأ باكتمال التحقيقات بعد توقيف المطلوبين ليتّضح في ضوء ذلك إذا كان ما حصل يستدعي اللجوء الى «العدلي» أم لا بعد أن تُعرَض الوقائع على مجلس الوزراء.
وبحسب هذه المَصادر فإن الأولوية بالنسبة الى «حزب الله»، الذي يدير اللعبة السياسية عن بُعد والذي لا يزْعجه خروج جنبلاط من هذه التجربة بأضرار، تبقى الاستقرار وحفْظ الستاتيكو الحالي، وهو ما عَكَسَه أمس موقف نائب رئيس المجلس التنفيذي الشيخ علي دعموش الذي أكد «أن ما يهم حزب الله أن يبقى لبنان مستقراً، وان حماية العيش المشترك والسلم الأهلي والاستقرار هو مسؤولية الجميع، ويجب أن يكون أولوية لدى الجميع»، معتبراً أن من غير المقبول «تعريض السلم الأهلي للاهتزاز، وضرب الاستقرار والاقتصاد من أجل معالجة أزمات خاصة أو إيصال رسائل معينة أو استدراج دعم ضدّ خصوم في الداخل».
وكانت الساعاتُ الماضية حملتْ إشارات انزعاج كبيرة من الحريري جراء ما آلتْ اليه الأوضاع داخلياً واستشعاره بوطأة الانجرار الى مزيد من التمتْرس السياسي وتعطيل الحكومة. وما لم يقُله رئيس الحكومة عبّرت عنه مقدمة أخبار «تلفزيون المستقبل» التي تحدثت عن «عصفورية سياسية لبنانية في أسوأ تجلياتها»، معتبرة أن مَن يستحضر «خطاب الانقسام والعصبيات وفرز المكونات اللبنانية بين مكوّن آدمي وبين مكوّن أزعر، يستحقّ وسام الجنون السياسي عن جدارة واستحقاق».