IMLebanon

حكومات العلل (بقلم بسام أبو زيد)

منذ اتفاق الطائف وحتى اليوم لم تستطع الحكومات المتعاقبة أن تمارس الحكم في لبنان بطريقة صحيحة، وإذا كان البعض يتذرع أن الوصاية السورية حكمت عمل الحكومات منذ العام ١٩٩٠ حتى الانسحاب السوري في نيسان ٢٠٠٥، فإن أداء هذه الحكومات لم يكن أفضل بعد خروج الوصاية، لا بل أوقع البلد في المزيد من المشاكل والمطبات ولم تتمكن من معالجة المشاكل المستشرية على مختلف الصعد.

علل الحكومات في لبنان متعددة تبدأ في ما يعرف بحكومات الوحدة الوطنية وهي تضم في شكل عام كل الأطراف الموجودة في البرلمان مع مختلف تناقضاتها السياسية وغير السياسية، ما يجعل من الحكومة فريقا غير متجانس يختلف على أبسط الأمور وينقسم إلى محورين أو أكثر ما يؤدي إلى شلل وتعطيل وانتفاء المسؤولية، لاسيما وأن مجلس النواب يكون عاجزا عن المحاسبة والمسائلة فهو في حكومات من هذا النوع وكأنه يحاسب نفسه وهذا أمر لن يحصل.

في العلل أيضا مسألة تقاسم والمصالح والمغانم والحصص، وهي مسألة وجودية وأساسية لدى بعض الفرقاء، وتشهد تضاربا في المصالح بين بعضهم البعض ما يؤدي إلى شد حبال في مجلس الوزراء بين بعضهم البعض واستخدام الأساليب المالية والشعبوبة والطائفية في الضغط ما يؤدي أيضا إلى التعطيل والتوتر بانتظار إيجاد الحل الذي يضمن توزيعا عادلا بين الحاكمين المستفيدين.

تعاني الحكومات أيضا من غياب الموقف الموحد من القضايا الإقليمية ما يجعل لبنان مجردا من أي قرار في هذا المجال ويضعه في عين العواصف، لأن المصلحة الإقليمية لدى البعض تتخطى بأشواط المصلحة الوطنية حتى ولو كان ذلك سيؤدي إلى إلحاق أضرار جمة بلبنان واللبنانيين، فكان شعار النأي بالنفس شعارا لتبرير الفشل ليس إلا ومحاولة للقول للرأي العام بأننا نقف على الحياد وهو أمر لا وجود له باعتبار أن هناك من هو منخرط في صلب صراعات المنطقة ليس في السياسة فقط بل في المعارك العسكرية.

إزاء كل ذلك لا يمكن في لبنان الحديث عن إمكان نجاح أي حكومة في أي ملف إذا استمر الحكم بهذه الطريقة التي تعطي الجميع حق الفيتو والتعطيل والقفز فوق الصلاحيات، ولاسيما صلاحيات رئيس الحكومة، ورفض اعتماد الأسس الصحيحة للديمقراطية والاكتفاء بالمظاهر الديمقراطية التي أصبحت ممجوجة ومحور سخرية بين المواطنين حتى أن بعض المسؤولين وفي قرارة أنفسهم لا يصدقون ما يعلنونه أمام الرأي العام من أنهم يستميتون في الدفاع عن دورهم الدستوري وعن تأمين المسار اللائق والمنتج للحكم، فليس المهم أن تقول ولكن المهم هو ماذا ستفعل.