IMLebanon

الديبلوماسية الغربية: حكومة الوحدة فشلت… إلى التكنوقراط در!

لم تكد البلاد تطوي فصل الانتخابات النيابية في أيار 2018 حتى أطلق الجميع العنان لحرب تناتش الحصص الوزارية، على وقع الشهية المفتوحة على الاستيزار بوصفه الطريق الأقصر إلى ترجمة نتائج الاستحقاق النيابي مقاعد وزارية تتيح للفائزين الإمساك بزمام الحكم والحكومة. فولدت توليفة إلى العمل بعد 9 شهور من الأخذ والرد وتقاسم النفوذ والحصص، باعتبارها تشكيلة وحدة وطنية تستطيع إيجاد الحلول الناجعة لأزمات لبنان المتناسلة، علما أنها خلت من أي ممثلين عن حزب “الكتائب” (الذي احتفظ بموقعه معارضا أول للتسوية الرئاسية والمعادلات التي أرستها) والحزب السوري القومي الاجتماعي الذي بقي بعيدا نسبيا من المفاوضات المضنية التي سبقت التشكيل.

إلا أن الرياح الحكومية جرت بما لا تشتهي سفن رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس الحكومة سعد الحريري. ذلك أن التشكيلة الجديدة لم تلبث أن وقعت، على ما كانت تترقبه الأوساط السياسية والديبلوماسية، أسيرة التناقضات والمناكفات التي لطالما نصبت المتاريس السياسية بين مكوناتها التي ارتضت التعايش القسري تحت سقف مجلس الوزراء للأسباب المعروفة. بدليل أن وزير الدولة لشؤون النازحين صالح الغريب لم يستطع أن ينتظر أكثر من ثلاثة أيام بعد نيل الحكومة الثقة لزيارة سوريا مفجّرا خلافا بين أطراف الحكومة – على رأسها “التيار الوطني الحر” و”القوات اللبنانية” – حول تطبيع العلاقات على خط بيروت – دمشق، علما أنه ملف سيادي شائك لطالما انقسم اللبنانيون في شأنه، ما سبّب بعض التعطيل الحكومي، فيما دفعت الاقتراحات المفاجئة التي قدمها رئيس “التيار الوطني الحر” إلى رفع الإيرادات في موازنة 2019 إلى وضع العصي في دواليب رحلة الموازنة في محطتها الحكومية، ما أدى إلى بعض التأخير في إقرارها في الحكومة قبل انتقالها إلى حلبة مجلس النواب.

وفي أحدث الأمثلة على غرق الحكومة في وحول تناقضات أطرافها، تشير مصادر سياسية، عبر “المركزية”، إلى الشلل الذي ضرب مجلس الوزراء على وقع الكباش الذي خلّفه التناقض التام بين المكونات الوزارية حول إحالة قضية قبرشمون  على المجلس العدلي، والذي فضّل الحريري تجنيب مجلس الوزراء شظاياه، فعلّق الجلسات إلى أجل غير مسمى.

لكن، إذا كان التعطيل الحكومي أمرا اعتادته الساحة المحلية، فإن الأهم وربما الأخطر يكمن في أن الحكومة الحريرية الثالثة لا تزال تحت المجهر الدولي. وهي التي تعمل لكسب ثقة المانحين الدوليين في مؤتمر “سيدر” الذي علق عليه الحريري، كما الفريق الدائر في فلك العهد.

وفي السياق، لا تخفي أوساط ديبلوماسية غربية، عبر “المركزية”، استغرابها إزاء السجالات السياسية والإعلامية التي تغرق الحكومة في فخ الشلل، فيما كان من المفترض أن تقدّم نفسها كـ”حكومة العهد الأولى”، على حد قول رئيس الجمهورية، القادرة على صون وحدتها وتضامنها لانتشال البلاد من أزماتها الكثيرة.

وتذهب الأوساط بعيدا إلى حد القول إن التجارب دلت إلى أن خيار حكومات الوحدة الوطنية أثبتت فشلها، ما يعني أن من الضرورة بمكان الانتقال إلى صيغة أخرى، قد يكون أفعلها حكومة التكنوقراط.

لكن الأوساط الديبلوماسية تجد للفيتو المرفوع ضد هذه الصيغة تفسيرا آخر: هناك نيات مبيتة لإبقاء الوضع على حاله وتكريس منطق الزبائنية والسمسرة في وقت يرفع العدد الأكبر من القوى السياسية شعار مكافحة الفساد، علما أن ذلك بات ملحا، مشددةً على أن الركون إلى “حكومة الاختصاصيين” بات ضرورة لانتشال لبنان من كبواته، وإطلاق مزيد من الإشارات الإيجابية إلى المجتمع الدولي عموما، والدول المشاركة في مؤتمر “سيدر” خصوصا.