IMLebanon

تنصُّل الحكومة من قرار “العمل”.. رصاصة قاتلة في هيبة الدولة!

خلال اطلاقه مطلع حزيران الماضي خطته لتنظيم العمالة الأجنبية في لبنان، أكد وزير العمل كميل أبو سليمان أن “هدفنا حماية اليد العاملة اللبنانية وتطبيق القوانين”، مشيرا إلى أن “هذه الخطة بعيدة من العنصرية وتساعد على صون حقوق العمال الأجانب”. وأوضح أننا “وضعنا خطة لمكافحة العمالة غير الشرعية ترتكز بخطوطها على: إعطاء مهلة شهر للمخالفين من أجل تسوية أوضاعهم تبدأ في 10 حزيران، تفعيل جهاز التفتيش في الوزارة، إنشاء غرفة مشتركة بين وزارة العمل وقوى الأمن والأمن العام وأمن الدولة وتحرير محاضر ضبط”.

لم يكن الوسطان السياسي والشعبي، حينها، يدركان أن ما وعد به الوزير القواتي سيلتزم بتطبيقه على أرض الواقع في شكل جدي، في بلد اعتاد إعلان “الخطط” ورميها على الرفوف ليتآكلها الغبار وفق ما تقول مصادر سياسية مراقبة لـ”المركزية”. لكن الرجل ليس من هذه “الطينة”. فقرن قوله بالفعل وباشر تنفيذ ما رسمه. تدريجيا، بدأت ترتفع صرخات الاحتجاج من حناجر المتضررين، أوّلهم العمال السوريون غير الشرعيين ومن ثم الفلسطينيون، وقد كانت لهؤلاء التحركات الأوسع رفضا لقرارات وزير العمل حيث تحوّلت قطعَ طرقات وأعمال شغب وتظاهرات مع تلويح بخطوات تصعيدية، فاستدعى هذا الواقع اتصالات دخل على خطها أبو سليمان وقيادات فلسطينية من أعلى الهرم، أبرزها الرئيس محمود عباس الذي دعا إلى الحوار لحل الأزمة الناشئة.

وفيما يُعتبر الاعتراض طبيعيا ومتوقّعا كون القانون يفرض على الفلسطينيين تنظيم أوراقهم وترتيبها، كان مستغربا التنصل التدريجي الرسمي من قرار أبو سليمان. خطّته كانت تحظى بغطاء سياسي رئاسي وحكومي إلا أنه تلاشى في الساعات الماضية تحت وطأة تحرّكات الشارع، حيث أعلن رئيس الحكومة سعد الحريري في مستهل الجلسة التشريعية أنه سيطلب من وزير العمل أن يرفع القرار بشأن مكافحة اليد العاملة الأجنبية غير الشرعية إلى مجلس الوزراء لاتخاذ القرار الملائم بهذا الموضوع، في وقت أكد برّي أنه سيطلب من أبو سليمان عقد مؤتمر صحافي لإعلان انتهاء العمل بالقرار الجديد.

وكان عضو كتلة “الوفاء للمقاومة” النائب علي عمار  أول من أثار الموضوع وطالب بعودة وزير العمل عن القرارات التي اتخذها لأنها تهدد بتفجير الوضع في المخيمات. وقد ناشد المعنيين، بناء على ما حدث الأربعاء من اضطرابات أمنية، بأن يتم سحب الموضوع والعودة إلى القرار السابق “لأن الجيش أنهك بما حصل”.

في المقابل، أكد أبو سليمان أنه “أعطى تعليماته لتسهيل إعطاء إجازات العمل بأسرع وقت”، وقال: “كل ما نفعله في وزارة العمل هو تطبيق القانون ونريد أن نعامل الفلسطينيين كلبنانيين وفقا للقوانين، ليتوقف الشغب على الطرقات لأن لا معنى له وقانون العمل اللبناني يحمي العمال الفلسطينيين من الطرد التعسفي”. وأضاف “مستمرون بتطبيق القانون ولا قرار ضد الفلسطينيين ونطبق القوانين التي تؤمن لهم التسهيلات، لا أفهم الاحتجاجات وكل ما نفعله هو تطبيق القوانين وحماية الفلسطينيين أنفسهم”.

وسط هذا المشهد الملبد، ترى المصادر أن “الدولة أمام امتحان جديد لهيبتها. فهل يجوز أن تتراجع عن تطبيق قوانينها تحت ضغط التظاهرات؟ وهل يجوز ان يُطالَب وزيرٌ بتعليق العمل بالقوانين اللبنانية خاصة إن كان من شأنها حماية اللبنانيين من منافسة غير شرعية تحرمهم فرص عمل هم أحقّ بها من أي أحد آخر؟ وبعد، هل يمكن أن نرى ما يجري في بيروت في أي دولة أخرى تستضيف لاجئين فلسطينيين؟ المطلوب، أن تنتصر الحكومة لقوانينها وليس فقط لوزيرها أو فلتعدّل القانون الموجود. أما التراجع عن تطبيق القانون اللبناني فيُعتبر رصاصة قاتلة إضافية ستُسدَّدها الدولة في قلبها وصورتها، تختم المصادر.