IMLebanon

المُراهِق وقيادة السيارة.. بين الترغيب والترهيب!

كتب د. أنطوان الشرتوني في “الجمهورية”:

 

خلال عمر المراهقة المتقدّمة، أي بعد عمر الـ14 سنة، يهوى المراهق تعلّم قيادة السيارة. وفي كثير من الأحيان نجد بعض المراهقين الذين لم يتخطّوا هذا العمر، يلحّون على والديهم للجلوس خلف مقود السيارة وقيادتها ولو حتى لدقائق. وطبعاً، هذه الخطوة المهمة تتطلب مسؤولية كبيرة من الأهل ومن المراهق على حد سواء. ويجدر التفسير برويّة للمراهق الذي لا يطلب من الحياة سوى الحرية التي لا يراها سوى في قيادة السيارة، ومساعدته على التمييز ما بين ما المناسب لعمره وما يشكّل خطراً عليه. لذا كيف يمكن للوالدين مساعدة ولدهم المراهق في هذا المجال، والتفسير له عن مخاطر القيادة المتهورة، من دون ترهيبه؟
خلال مرحلة المراهقة، يحب الكثير من المراهقين ومن المراهقات مواجهة الصعاب وتحدّي العقبات وتحقيق الأمنيات حتى لو كانت أمنيات صعبة المنال. فهذا العمر الذي «لا يعرف الحدود» عند بعض المراهقين مرحلة صعبة على الأهل والمراهق الذي «لا يعرف ماذا يريد». ومن أهم وأخطر الأمنيات التي يحاول بعض المراهقين تحقيقها وبشتى الطرق هي الجلوس خلف المقود وقيادة السيارة.

مخاطر قيادة السيارة في عمر المراهقة
كثير من حوادث السيارات يمكن أن يكون سببها السرعة الزائدة أو عدم إحترام إشارات السير… أو حتى قيادة مراهق متهور. فخلال عمر المراهقة، يتعلم الشاب والشابة مبدأ المسؤولية، ولكن هذا لايعني أنّ كل مراهق يمكنه أن يتمتع بروح المسؤولية كشخص راشد. لذا، السماح لشاب لم يتخط عمر الرشد بقيادة السيارة خطوة خطيرة له ولأهله وللمجتمع أيضاً. لذلك، تُعتَبَر قيادة المراهق للسيارة مخالفة قانونية، نظراً لعدم أهليته بالقيام بهذا الأمر. وهناك الكثير من المخاطر التي يمكن أن تؤدي إلى مأساة إذا تمّ السماح للمراهق بالقيادة، ومنها:

أولاً، عدم الشعور بالمسؤولية خلال القيادة، فلا ينتبه لأبسط تفاصيل عند القيادة، وذلك يمكن أن يؤثر بشكل سلبي على سلامة المراهق والأشخاص والسيارات من حوله.

ثانياً، عدم المسؤولية تجاه ما يقوم به المراهق خلال القيادة، والتهور والسرعة، لأنّ خلال مرحلة المراهقة، لا يبحث الشاب سوى عن الشعور بالحرية و»بقدرة التحكّم». ولكن خلال القياة، يمكن أن يفلت زمام الأمور ما يؤدي إلى مشهد درامي.

ثالثاً، بعض المراهقين يميلون للتباهي أمام أقرانهم، حيث يمكن أن يقوم المراهق ببعض السلوكيات الخطرة خلال القيادة.

رابعاً، اللهو خلال القيادة هو من الأسباب الرئيسة في حوادث السير عند المراهق الذي يمكن أن يقوم بعمل آخر خلال القيادة التي تتطلب تركيزاً كاملاً. وأهم أشكال اللهو: إستعمال الخليوي خلال القيادة أو كتابة الرسائل القصيرة… وغيرها من الأمور التي تعيق التركيز خلال القيادة.

خامساً، الشرب والتدخين من الأسباب التي تعيق عملية القيادة بنجاح، ويمكن أن تؤدي إلى مخاطر حوادث السير.

سادساً، عدم الإعتناء بالسيارة، فنسيان المعاينة الدورية لها كفحص الفرامل وزيت المحرّك… وغيرهما، من الأمور الأساسية لميكانيك سليم للسيارة، يمكن أن يؤدي إلى أعطال فيها وبالتالي إلى مشاكل خطيرة خلال القيادة.

عندما يلحّ المراهق على قيادة السيارة
يتسابق الكثير من المراهقين بلهفة إلى تعلّم القيادة. وطبعاً «القيادة» لها تفسير رمزي وهو الشعور بالحرّية. ويتباهى المراهق أمام أصدقائه بأنّه يقود سيارة، وذلك يدفعه للقيام بمغامرات و»بهلوانات» خلال القيادة. ودور الأهل في هذا السياق أساسي خصوصاً عندما يلحّ المراهق على القيادة. وهناك بعض النقاط التي يجب أن يتّبعها الأهل وهي:

– التفسير للمراهق أنه لا يمكنه قيادة السيارة دون «إذن أو رخصة القيادة». ويمكن للأهل أن يقدّموا لابنهم المراهق التفسيرات القانونية والإجتماعية حول أهمية القيادة بشكل قانوني.

– الإبتعاد عن التصرفات غير الآمنة خلال قيادة الأهل للسيارة أمام المراهق، لأنَّ الشاب (أو الشابة) سيقلد عادةً الأهل بشكل تدريجي.

– عدم إستعمال الأهل لهاتفهم الخليوي أمام أطفالهم أو كتابة الرسائل أو الإستماع إلى الموسيقى الصاخبة… وغيرها من الأمور الخطرة خلال القيادة والتي تشتت الإنتباه.

– إذا ألحّ المراهق على تعلّم قيادة السيارة، يمكن للأهل أن يعلّماه بعض الخطوات البسيطة جداً والتي لا تجعله قادراً على القيادة بشكل مطلق. ومن المستحسن أن يبدأ الشاب (أو الشابة) تعلّم القيادة في الأشهر الأخيرة قبل دخوله مرحلة الرشد، وليس خلال المراهقة المتوسطة (14 – 16 سنة).

– الخبرة في القيادة والتمرين اليومي مع الأهل وليس مع الأصدقاء عندما يصبح الشاب في عمر الرشد (اي فوق 18 سنة) ويجلس خلف مقود السيارة. وهذه التمارين يجب أن تتزامن مع تفسيرات عن آداب القيادة. كما التمرين حول إشارات السير.

– عدم تسليم المراهق مفاتيح سيارة كهدية لنجاحه في الإمتحانات الرسمية ودخوله إلى الجامعة قبل الحصول على «رخصة القيادة» أي قبل أن يتمم العمر القانوني للقيادة.

– متابعة المراهق والمراهقة في القيادة بشكل جدّي وعدم الإستهزاء بأسئلتهم التي يمكن أن تكون أساسية لشخص يتعلّم القيادة.

– الخوف من القيادة، خصوصاً في الأشهر الأولى من التعلّم يمكن أن يكون سبباً مباشراً للتهور. لذا تهدئة المراهق، الذي يتحضّر لإمتحان القيادة والحصول على «الرخصة»، والتفسير له عن مخاطر القيادة المتهورة، يساعدان الشاب والشابة على الإنتباه والتركيز خلال القيادة.