IMLebanon

خطف الناقلات يعمّق عزلة إيران

كتب إيلي يوسف في صحيفة “الشرق الأوسط”:

لم يصدر أي بيان رسمي عن الاجتماع الذي عقد في وزارة الخارجية الأميركية في واشنطن الجمعة، بحضور مسؤولين من وزارة الدفاع الأميركية (بنتاغون) ودبلوماسيين أجانب، لمناقشة تشكيل التحالف الدولي لحماية الملاحة البحرية في منطقة الخليج.

لكن التطورات عززت ما كان يحذر منه المسؤولون الأميركيون وتحديدا من الرئيس دونالد ترمب في الأيام والأسابيع الأخيرة، حول الخطر الذي تشكله إيران على أمن الخليج، بحسب واشنطن. وقالت أوساط في واشنطن بأن سلوك إيران «وضع الكرة في الملعب الأوروبي وعقد قدرته على الدفاع عن الاتفاق النووي».

قبل ساعات على قيام إيران باختطاف ناقلة نفط بريطانية في مضيق هرمز، كان الممثل الأميركي الخاص لإيران برايان هوك يقدم مطالعته في هذا الاجتماع أمام نحو 100 دبلوماسي يمثلون نحو 60 بلدا، يشرح فيها مبادرة إدارة ترمب للأمن البحري في منطقة الخليج. وقال هوك إن التوترات ارتفعت بشكل حاد وهو ما يستلزم الحاجة إلى تشكيل تحالف من القوات البحرية لحماية السفن التي تعبر مضيق هرمز، حيث يمر يوميا 30 في المائة من تجارة النفط الدولية.

بعد ساعات، كانت إيران تؤكد ما حذر منه هوك عبر اختطافها الناقلة البريطانية، ما يعتقد أنه رد على احتجاز بريطانيا للناقلة الإيرانية في مضيق جبل طارق كانت تنقل نفطا إلى مصفاة بانياس المدرجة على قائمة العقوبات الأوروبية على النظام السوري، بحسب ما اعترف به الإيرانيون لاحقا.

القيادة المركزية الأميركية، من جهتها، وصفت خطط تشكيل التحالف، بأنها جهود بحرية متعددة الجنسيات، أطلق عليها «سينتينيل» (عملية الحارس). وتهدف تلك العملية لـ«تعزيز الاستقرار والأمن البحريين وضمان المرور الآمن وعدم تصعيد التوترات في المياه الدولية في كل مياه منطقة الخليج من مضيق هرمز إلى مضيق باب المندب وخليج عُمان».

وبحسب القيادة المركزية، فإن هذا الإطار سيمكّن الدول المعنية، خصوصا دول المنطقة والدول التي تعتمد على إمدادات النفط منها، على توفير حراسة لسفنها التي ترفع علمها، والإفادة من تعاون الدول المشاركة من أجل التنسيق وتعزيز الوعي في المجال البحري ومراقبته.

واعتبرت أوساط دبلوماسية أن شمول اقتراح تشكيل التحالف البحري كل منطقة الخليج وصولا إلى باب المندب، يأتي في سياق جهود متكاملة تضغط الولايات المتحدة لتحقيقها، عبر ضمان أمن المنطقة، وإنهاء الخطر الذي تشكله الممارسات الإيرانية المزعزعة للاستقرار في المنطقة.

وتؤكد تلك الأوساط أن الرئيس ترمب كان واضحا عندما قال بأنه لا يسعى إلى تغيير النظام في إيران، لكنه أكد أنه لن يسمح بامتلاكها السلاح النووي، مطالبا إياها في الوقت ذاته بالخروج من اليمن تحديدا. وهو ما اعتبر إشارة واضحة عمّا تريد واشنطن الحفاظ عليه في تلك المنطقة.

وأعلن المتحدث باسم البنتاغون شون روبرتسون أن وزارة الدفاع الأميركية بالتنسيق مع السعودية قررت تحريك مجموعة من الأفراد والموارد ونشرها في المملكة. وأضاف أن قرار البنتاغون يهدف إلى توفير هذه القوة كعنصر ردع ودفاع وحماية لمصالح الولايات المتحدة في المنطقة من التهديدات الإيرانية. وتابع روبرتسون أن قرار نشر القوات سيوفر شبكة لوجيستية تقوم بتنسيق الأعمال الحربية مع القوات السعودية وإجراءات الدفاع عن المملكة.

ويأتي إرسال تلك القوات في سياق تعزيز ونشر المزيد من القوات الأميركية الذي بدأ منذ نحو شهرين، إثر تصاعد المخاوف من احتمال قيام إيران بتنفيذ هجمات واعتداءات مباشرة أو عبر أدواتها على القوات والمصالح الأميركية في المنطقة.

وكان الرئيس الأميركي ترمب، أعلن العام الماضي انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي مع إيران واصفا إياه «بالصفقة السيئة».

وأرسلت الولايات المتحدة 2000 جندي إلى المنطقة لردع إيران على وجه التحديد بهدف التدقيق في أنشطتها وحماية القوات الأميركية المتمركزة بالفعل في الشرق الأوسط. كما تم نشر بعض الطائرات المقاتلة وأنظمة الصواريخ أرض – جو. وكان البنتاغون قد فكر في إرسال ما يصل إلى 6000 جندي إضافي، لكن تم تأجيل ذلك.

وأعلن الرئيس ترمب مرارا أنه لا يسعى إلى شن حرب على إيران، لكن إذا ما أجبر على ذلك فإنها ستتلقى ضربة ماحقة لم ترها من قبل، على حد قوله.

وترى أوساط أميركية أن ما جرى في الأيام الأخيرة يصب في مصلحة الرؤية الأميركية و«قد تكون إيران انزلقت فعليا نحو تعزيز عزلتها، بما يعطي واشنطن الشرعية السياسية والدولية لتشكيل التحالف الدولي البحري ضدها»، بعدما نزعت الشرعية السياسية عن وزير خارجيتها محمد جواد ظريف، مطالبة رأس السلطة بالتحاور مباشرة معها.

وتشير تحليلات أميركية إلى أن احتمالات وقوع مواجهة عسكرية مباشرة لا تزال بعيدة رغم كل التصعيد الذي جرى. والحديث عن تكليف السيناتور الجمهوري راند بول المناهض للحرب بفتح قنوات اتصال دبلوماسية، يصب في هذا الاتجاه، ويشير إلى أن واشنطن عازمة على إدارة التفاوض مع طهران بشكل مباشر من دون وساطات، بحسب أوساط أميركية.

رغم أن السيناتور راند بول يناهض العمل العسكري، كان من بين المعارضين للاتفاق النووي وشروطه، ولم يعترض على قرار ترمب بالانسحاب منه لمصلحة توقيع اتفاق جديد.

ويرى البعض أن «الكرة الآن هي في الملعب الأوروبي، خصوصا أن السلوك الإيراني تجاه بريطانيا وضعها في موقف صعب لمواصلة الدفاع عن الاتفاق النووي مع كل من ألمانيا وفرنسا، ما لم توضع على طاولة المفاوضات الممارسات والأنشطة السياسية والأمنية الإيرانية في المنطقة».