IMLebanon

حادثة البساتين: ما قبل زيارة السعودية ليس كما بعدها

لا مصلحة لأحد في فرط الحكومة، في هذه اللحظة المحلية والإقليمية على الأقل. تحت سقف هذه المعادلة، يتحرك المعنيون بملف حادثة البساتين الأخيرة، وإن كان رئيس الحزب الديموقراطي اللبناني النائب طلال إرسلان قد حافظ على التصعيد السياسي الذي ركن إليه منذ اليوم الأول لانطلاق ما كان من المفترض أن يكون قطار المعالجات، وهو ما عاد يستطيع التراجع عن موقفه العالي السقف هذا، تجنبا للاحراج أمام جمهوره، من باب ما قد يعتبرها تنازلات في غير زمانها ومكانها.

على وقع التصعيد الكلامي الذي عاد إرسلان إلى العزف على وتره عبر “تويتر”، حتى اللحظة على الأقل، لا يزال البحث جاريا عن مخرج لائق يحفظ ماء وجه إرسلان، الذي رفع سقف خطابه باكرا، ولا يجعل الزعيم الاشتراكي وليد جنبلاط يخرج خاسرا من حلبة الصراع الذي تخوضه المختارة مع المناوئين لتوجهاتها السيادية، والذي لا يفصله المراقبون عن حوادث الجبل الأخيرة.

وفي انتظار ما ستؤول إليه الجولة الجديدة من اتصالات المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم، يبدو أن أمرا وحيدا بات ثابتا: رئيس الحكومة سعد الحريري لا يزال على موقفه الرافض تحويل الملف إلى المجلس العدلي، على الأقل قبل انتهاء التحقيقات، وهو لا يزال يعارض نقل الكباش السياسي الدائر على أشده على حلبات “تويتر”، وبين سطور البيانات والبيانات المضادة، إلى طاولة مجلس الوزراء ذي التركيبة التي أثبتت هشاشتها في كثير من المحطات، وإن كان على يقين بأن حال البلاد لا تتيح ترف التعطيل والشلل الحكومي لأسباب مرتبطة بما يمكن تسميتها الكيدية السياسية.

وفي السياق، أشارت مصادر سياسية عبر “المركزية” إلى أن تبعا لهذه المقاربة، يبدو الركون إلى المحكمة العسكرية مرحلة اولى من المخرج الذي من شأنه أن يؤمن ضخ جرعة حياة باتت ضرورية في عروق مجلس الوزراء، ويبعد عنه كأس الانفجار من الداخل.

وشددت المصادر على أن “الحل الذي ينطلق من المحكمة العسكرية لا يصب في صالح الحزبين الاشتراكي والديموقراطي وحدهما، بل يخدم توجه رئيس الحكومة، الذي مدّته زيارة رؤساء الحكومات السابقين فؤاد السنيورة وتمام سلام ونجيب ميقاتي الأخيرة إلى الرياض بجرعة دعم سعودية تحمل معاني سياسية كبيرة ورسائل سياسية مشفرة في أكثر من اتجاه، وهو لا يستطيع القفز فوقها”، متوقعة أن يستفيد منها ليعزز موقفه في هذه المواجهة التي يخوضها إلى جانب حليفه الاشتراكي التقليدي (من دون أن يعني ذلك إطلاق رصاصة رحمة زرقاء على التسوية الرئاسية التي تربطه برئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل)، مكرسا الفصل بين انعقاد مجلس الوزراء وانتشال البلاد من مستنقع أزمة قبرشمون.

ومن باب الصلاحيات هذا على وجه التحديد، رجحت المصادر أن يتمسك الحريري برفض الدعوة إلى جلسة حكومية ما لم يتأمن المخرج الذي يقيه شر الانفجار من الداخل، كما برفض طرح ملف حادثة البساتين أمام المجلس من خارج جدول الأعمال، لافتة إلى أن على عكس ما يذهب إليه البعض، فإذا كان من شأن موقف من هذا النوع أن يعيد إلى الأذهان مشهد أزمة الصلاحيات التي انفجرت مرارا على خط بعبدا- السراي ، فإنه لن يسبب هذه المرة جولة جديدة من هذا الكباش لأن عون والحريري متفقان على ضبط الأمور تحت سقف التهدئة والتسوية، بدليل أن كليهما ينتظران مآل وساطة اللواء ابراهيم قبل الاقدام على أي خطوة في الميدان الحكومي.