IMLebanon

واشنطن “تحصر” التفاوض مع بري لضمان موقف “الحزب”!

على رغم حجب أحداث البساتين الأنظار عن ملف ترسيم الحدود البحرية والبرية بين لبنان وإسرائيل الذي توقّف عند النتائج السلبية للزيارة الخامسة للموفد الاميركي ديفيد ساترفيلد، لا يزال اهتمام واشنطن بمعالجة النزاع القائم على الوتيرة نفسها من الحماسة مع انتقال المهمة إلى الخلف ديفيد شنكر.

فالإصرار الأميركي على فضّ النزاع الحدودي بين بيروت وتل أبيب لم يتوّقف عند فشل مهمة ساترفيلد الأخيرة التي أظهر فيها تراجعا عن طرح رئاسة الأمم المتحدة للمفاوضات كما كان مقررا عند انطلاق مهمته، بل سيُستكمل مع  خلفه شنكر الذي سيتصدر المشهد السياسي اللبناني في الفترة المقبلة.

وبحسب أوساط أميركية متابعة للملف، فإن “الوسيط الأميركي الجديد عائد إلى بيروت برؤية ومقاربة جديدتين للملف تأخذان في الاعتبار “إبعاد” نقاط خلافية عن صيغة الحل شكّلت مادة تجاذب بين الطرفين المتنازعين”.

وأشارت إلى أن “واشنطن ماضية في معالجة النزاع لتنطلق بعد ذلك ورشة أعمال التنقيب في أجواء هادئة ومستقرة لا تخرقها مناوشات سياسية وأمنية من الطرفين”، إلا انها أكدت في المقابل أن “مهمة شنكر لن تبدأ بشكل عملي إلا بعد جلاء صورة المشهد السياسي الإسرائيلي في ضوء نتائج الانتخابات التشريعية المقررة في أيلول المقبل وهوية الحكومة الجديدة التي ستُشكّل لجهة معرفة موازين القوى فيها وسط معلومات تشير إلى انخفاض شعبية بنيامين نتنياهو وضعف حظوظ عودته لترؤس الحكومة المقبلة”.

وبانتظار عودة الوسيط الأميركي الجديد إلى بيروت وما يحمله في جعبته من أفكار جديدة، يبقى الثابت في مفاوضات ترسيم الحدود تصدّر عين التينة واجهة حركة اللقاءات والاجتماعات في هذا الخصوص، إذ يبرز في هذا المجال أن الرئيس نبيه بري يكون على رأس جدول لقاءات الوسيط الأميركي طيلة زياراته إلى لبنان، ما يطرح علامات استفهام عن “سرّ” ارتياح واشنطن للتعاطي أولا وأخيرا مع الرئيس بري في ملف ترسيم الحدود البرية والبحرية وهي تعلم جيدا أنه الحليف التقليدي والأساسي لـ”حزب الله” المُصنّف إرهابيا وتفرض عليه بين فترة وأخرى رزمة عقوبات تطال شخصيات وكيانات تابعة له؟

وانطلاقا من معلومات أشارت إلى أن ملف الترسيم وضع في عُهدة الرئيس بري وليس رئيس الجمهورية ميشال عون أو وزير الخارجية جبران باسيل بدليل أن ساترفيلد كان يبدأ زيارته من عين التينة واستثنى في الجولتين الأخيرتين قصر بعبدا، بعدما كشفت أوساط مطلعة أن عون “أبلغه ألا يعود إلى بعبدا إلا إذا أنجز المهمة حاملا أجوبة إسرائيلية “إيجابية” بشأن تلازم الترسيم البحري والبري ورعاية الأمم المتحدة مع تحديد موعد بدء المفاوضات، أوضحت أوساط سياسية متابعة في معرض إجابتها عن “سر” تفضيل واشنطن التعاطي مع بري حصرا في هذا الملف، أن “الولايات المتحدة الأميركية تفاوض الرئيس بري كممثل عن لبنان لضمان موقف إيجابي من حليفه “حزب الله”، إذ تبيّن في استحقاقات عدة مدى التزام الضاحية بما يخرج عن عين التينة انسجاما مع ما أعلنه بري في إحدى مقابلاته الصحافية بأننا “ونصرالله جسدان في قلب واحد”.

واعتبرت الأوساط عبر “المركزية” أن “الوسيط الأميركي يستطيع “ضمان” موقف الحزب عبر الرئيس بري على عكس أي جهة لبنانية أخرى مهما كان موقعها في الدولة، في حين يمكن لـ”حزب الله” أن يدحض أي موقف يتّخذه أي مسؤول آخر غير الرئيس بري، وهناك أمثلة عديدة في هذا المجال لعل أبرزها تخلي الحزب عن “إعلان بعبدا” بعد أن وافق عليه في هيئة الحوار الوطني واعتبره ساقطا ودعا إلى “غليه وشرب زومو”.

ومع أن أي ترسيم للحدود سواء كان بريا أو بحريا قد يفتح الباب أمام البحث في الاستراتيجية الدفاعية، وبالتالي حصر السلاح بيد الشرعية وهو ما يخشاه “حزب الله” الذي لا يثق بالأميركي مهما كان عنوان مهمته في لبنان، وضعت الأوساط السياسية زيارة السفيرة الأميركية مع السفير البريطاني إلى الحدود والمواقع المتقدمة لأفواج الحدود على السلسلة الشرقية برفقة قائد الجيش في سياق “تشدد وإصرار” واشنطن على إنهاء ملف ترسيم الحدود اللبنانية البحرية والبرية بين لبنان وإسرائيل وبين لبنان وسوريا، لأن لبنان البلد الوحيد الذي حدوده غير مرسّمة ومحددة وهناك إشكالات حولها، وهي تريد حصر مهمة المراقبة بالجيش من خلال تزويده بالمعدات الضرورية اللازمة لسحب كل ذرائع “عدم جهوزيته” لمهمات كهذه.