IMLebanon

فصل جديد من فصول المواجهة السنية-الشيعية “بالواسطة”

لأن الظروف المحلية والاقليمية لا تحتمل نشوب صراع سني – شيعي بالمباشر في بيروت، خاصة وأنه نظرا الى موازين القوى الداخلية غير المتكافئة، سيقضى على المكوّن السني “الأعزل”، فيما “حزب الله” يمتلك ترسانة أسلحة وصواريخ من الاكبر في المنطقة- وهو لم يتردد في استعراض جزء منها في شوارع بيروت في 7 أيار 2008- تقول مصادر سياسية سيادية لـ”المركزية” إن ما تعيشه البلاد منذ ما قبل انتخاب العماد ميشال عون رئيسا للجمهورية، هو في الواقع، مواجهة “غير مباشرة” بين الطرفين.

هذا الكباش الدائر بالواسطة، اتخذ أكثر من شكل. فبعد فرط صف قوى 14 آذار، الذي كان للحزب دور فيه، لجأ الاخير الى استخدام سلاح التعطيل والمقاطعة بالتعاون مع حلفائه، أكثر من مرة، لفرض الخيارات التي تضمن مصالحه السياسية الصغيرة والاستراتيجية على الساحة المحلية:

هذا ما فعله إبان تأليف الحكومات في تلك الحقبة، وإبان انتخابات رئاسة الجمهورية أيضا، معتمدا غالبا سياسة “التلطّي” خلف “حجّة” دعمه مطالب حلفائه “المحقة”. كما انه تمكّن أيضا من انتزاع قانون انتخاب يناسبه تماما. ففيما يُبقي له الغلبة في بيئته، يسمح في الوقت عينه بتشظّي صفوف خصومه، وأبرزهم تيار المستقبل والحزب التقدمي الاشتراكي، فاتحا الباب امام دخول حلفاء له من السنّة والدروز، الى الندوة البرلمانية.

ما يجري اليوم في مسألة حوادث “البساتين”، ليس الا فصلا جديدا من فصول سيناريو المواجهة السنية – الشيعية الكبير نفسه، بالواسطة دائما، تضيف المصادر. فكسرُ كل من رئيس الحكومة سعد الحريري ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط ومعهما رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، بما يشكلونه من رأس حربة في معركة قيام الدولة الفعلية ونزع السلاح غير الشرعي، يُعتبر هدفا استراتيجيا من الاهم على أجندة “حزب الله”.

والحال انه، اذا استمرت الضاحية في دعم مطالب رئيس الحزب الديموقراطي النائب طلال ارسلان باحالة ملف البساتين الى المجلس العدلي ولو من خلال التصويت في مجلس الوزراء، من دون ان تُطالبه من باب “المونة” التي لديها على خلدة، بالتنازل قليلا والسير بتسوية وسطية مرضية للجميع (قد يكون ما اقترحته المختارة من احالة ملفي البساتين والشويفات، معا الى “العدلي” أحدها)، اذا استمرت على هذه الحال، فإن موقفها هذا سيعني انها تستفيد من تصعيد ارسلان لتحقيق أهداف أخرى، منها تكبيل الرئيس الحريري ودفعه الى التنازل امام الفريق الآخر والا تعطّلت حكومته، خاصة وانه يرفض وضع “لغم” المجلس العدلي على طاولة مجلس الوزراء مخافة تفجيره من الداخل.

هذا هو حجم القضية الحقيقي، تتابع المصادر، وهي ليست محصورة بصراع درزي – درزي. وفي حين تشير الى ان الحريري وجنبلاط وجعجع، يدركون هذا الواقع، وهم ليسوا أبدا في صدد الانكسار، تقول المصادر ان رئيس الحكومة  سيواصل مساعيه للخروج من مستنقع البساتين عبر “مخرج” توافقي، الا انه لن يقبل بليّ ذراعه في المواجهة الدائرة، لمعرفته أن “التراجع” هذه المرة، قد تكون كلفته كبيرة، ليس فقط على صورته في الشارع السني وعلى الصعيد الوطني، بل ايضا على صورته لدى القوى الاقليمية والدولية الكبرى…