IMLebanon

الحيوانات الأليفة والأطفال: بين الفوائد والمخاطر

كتبت ماريانا معضاد في صحيفة “الجمهورية”:

تختلف أجناس الحيوانات الأليفة عن غيرها في تناسب طبعها مع تربيتها داخل المنزل. فليست كل الحيوانات ودودة، ما قد يشكل مشكلات عدة في حال حرمانها من العيش في الطبيعة وإدخالها إلى منازلنا وحياتنا اليومية. وقد شهد لبنان في السنوات الأخيرة ارتفاعاً ملحوظاً من ناحية تقبّل وجود الحيوانات الأليفة في المنزل، لا سيما الكلاب والقطط. ولتربية حيوان داخل المنزل فوائد وكذلك مخاطر.

للأسف، تربّي نسبة من الناس في لبنان أفاعي وتماسيح ونموراً وسعادين في بيتها، وهو عمل ناتج عن حبّهم للحيوانات. ولكن لهذا الفعل عواقب محتملة وخيمة على الحيوان كما على الإنسان. حتى إنّ ثمّة أنواعاً شرسة من الكلاب لا يمكن توقع تفاعلها مع الأولاد، لذا وجودها في المنزل خطر. وتحاول الدولة والجهات المختصة اليوم ضبط الوضع وتنفيذ الرقابة على الموضوع.

معايير تربية حيوان أليف داخل المنزل

في هذا السياق، شدّد الطبيب البيطري الدكتور خليل سمعان في حديث لـ»الجمهورية» على ضرورة «إجراء فحوصات طبية عامة بشكل متواصل للحيوان الأليف في المنزل، وزيارة الطبيب البيطري، وإجراء اللقاحات على الوقت، وإعطائه دواء ضد الدود، بهدف حماية الحيوان من الإصابة بأيّ فيروس أو مرض، وحماية الذات من أمراض قد ينقلها لنا، لا سيما التهاب الكبد لدى الكلب».

وأضاف: «الحيوانات الأليفة وغيرها حرام ينزربوا بالبيت أو بقفص حتى لو كانوا عصافير. أنا ضد هذا الموضوع. حتى لو اقتنينا كلباً صغيراً، من الضروري أن يخرج من المنزل، ويركض، وألّا يبقى داخل المنزل. بهذه الطريقة، صاحب الكلب هو المستفيد الأول من الموضوع، فعندما يُخرج الكلب طاقته خارج المنزل ويهدأ، يرتاح صاحبه داخل المنزل. إذاً من الضروري اصطحاب الكلب على الأقل ثلاث مرات في اليوم لنصف ساعة في كل مرة».

وحول الموضوع نفسه، لفتَ الدكتور داني حمود، رئيس قسم الأمراض الصدرية والعناية المركزة وأمراض النوم ورئيس قسم الطب الداخلي في مستشفى القديس جاورجيوس الجامعي، لـ»الجمهورية» إلى أنّ «الأهم عند إدخال الحيوانات الأليفة إلى المنزل هو إدخالها تدريجاً. أي نبدأ بتعويد الولد على مبدأ وجود حيوان في البيت والتعاطي معه. فيمكننا البدء بسمكة ثم عصفور فقطة أو كلب…».

الفوائد

قال الدكتور سمعان «إنَّ وجود حيوان في المنزل مفيد جداً. نفسياً، شيئاً فشيئاً، يتحمّل الطفل المزيد من المسؤولية (من خلال عادات يكتسبها مثل إطعام الكلب، وتحميمه…). ويصبح الولد أحنّ بطبعه من دون أن يلاحظ الأمر، كما يتراجع الإحساس بالخوف لديه. إلى جانب ذلك، معدّل عمر الكلب تقريباً 13 سنة. عندما نتبنّى كلباً لطفلنا الصغير، يتعلّم الطفل عندما يتقدّم الكلب في السن ويموت شعور وفاة قريب له. فيعيش هذه التجربة على الكلب، ما يحضّره على تقبّل وفاة إنسان قريب منه (جديه، أهله، إلخ) بشكل أفضل، وهي تجربة لا مفرّ منها عاجلاً أم آجلاً. أمّا من الناحية الاجتماعية، فمهارات طفل يملك حيواناً أليفاً في المنزل عادة متقدّمة جداً ومتطوّرة».

ومن جانبه، يطمئن حمود الأهل قائلاً: «لا يزيد وجود الحيوانات الأليفة في المنزل نسبة إصابة الأطفال بالأمراض، طالما أننا نهتم بهذه الحيوانات جيداً ونعطيها اللقاحات على الوقت ونهتمّ بنظافتها. بل العكس، تأثير الحيوان الأليف إيجابي على الأولاد. فهو يخلق لدى الطفل نوعاً من الفرح لأنه يتعامل مع هذا الحيوان ويلعب معه. كما يلعب الحيوان الأليف، ولا سيما الكلب، دوراً مهمّاً في حماية الطفل.

لذا أنا أشجّع وجود حيوان أليف في المنزل، بشرط الاهتمام به (لقاحات، نظافة، قص الأظافر، إلخ). لا شك في أنه في بعض الحالات أثناء اللعب، تخدش القطة الطفل أو يعض الكلب إصبع الطفل بالخطأ، لذا تأمين اللقاحات للحيوانات والاهتمام بها بالغ الأهمية. وللولد أيضاً دور في كيفية تعامله مع الحيوان. فعند إدخال الحيوان إلى المنزل في عمر صغير للولد، يكبر الطفل وهو يجيد التعامل مع الحيوانات. بينما إذا أتينا بقطة مثلاً إلى المنزل في وجود أولاد كبار، يصبح هؤلاء عدائيين، ويضربون الحيوان. هنا نرى طبعاً ردّة فعل سلبية من الحيوان».

المخاطر

على رغم الفوائد العديدة لتربية حيوان أليف في المنزل لا سيما على الأطفال، يحذّر د. سمعان من بعض المخاطر، أولها نتيجة الإهمال: «ثمة أنواع كلاب مثل الكلب القوقازي – وهو كلب كبير الحجم (حوالى 100 كلغ) – يناسبها العيش في الطبيعة، وليست جاهزة للعيش داخل منزل. ولكنّ كثيراً من الناس يربّون هذه الأنواع في لبنان في بيتهم، ما يشكّل خطورة على الناس كما على الحيوان. فضلاً عن ذلك، علينا إعطاء نوعية اهتمام خاصة للطيور في المنزل، لأنها تسبّب الحشرات والسلمونيلا وغيرها من الأمراض. ولكن لا نواجه مشكلات إن أحسنّا الاهتمام بها، وإن أحسنّا اختيارها (ببغاء، كاناري، إلخ). إذ ثمّة حيوانات خلقها الله لتعيش في البرية لا في المنزل، مثل البومة التي يربيها بعض الناس في البيت».

ويضيف خليل: «قد تنقل الحيوانات الأليفة أمراضاً للإنسان، ومن أخطرها مشكلات الجلد أو الدود. تتعدّد الأنواع، ولكن العوارض والعلاج تقريباً هما نفسهما. والحلّ طبيعي وسهل، إذ على الناس الانتباه فقط إلى نظافة الحيوان وعدم إهمال صحته. واطمئنوا، ما من أمراض أخطر قد تنقلها الحيوانات الأليفة للأولاد. أما في حال كان يعاني الولد من مشكلات في الجهاز التنفسي، فثمة احتمال أن يؤذي وجود الحيوان في المنزل المريض. هنا، علينا استشارة الطبيب المختصّ لتقييم الوضع واتّخاذ الإجراءات والقرارات المناسبة».

في المقابل، أفاد د. حمود إلى أنّه «ثمّة دراسات بيّنت أنّ وجود قطة في المنزل مثلاً يساعد الطفل على التخلص من حدة الربو في حال إصابته بهذا المرض في الجهاز التنفسي، وذلك لأنه يتأقلم».

الحساسية

تظهر حساسية الأطفال على الحيوان بحسب د. خليل إما من خلال «عوارض على الجلد (حبوب صغيرة أي حكة) أو سعال، أو تدميع العين… يجب هنا التوجّه إلى الطبيب لتحديد مصدر الحساسية، فقد لا يكون الحيوان الأليف دائماً السبب. وفي حال تأكيد تحسّس فرد من العائلة على الكلب أو الحيوان الأليف، يمكن للفرد تناول أدوية لعلاج الحساسية، ولا ضرورة للتخلّص من الحيوان الأليف – يعود القرار للعائلة».

ويضيف سمعان: «أما في حال وجود حيوان أليف في المنزل مع امرأة حامل أو رضيع، لا مشكل إذا لم يعانِ كل من الطفل والأم من الحساسية. ولكن في حال إصابة الحامل بداء المقوّسات، قد يؤثّر سلباً عليها. عندما تعرف المرأة أنها حامل، عليها فوراً إجراء الفحوصات للكشف عن وجود أي مشكلة. في حال وجود داء المقوّسات، عليها الانتباه أكثر إلى مسألة النظافة، والابتعاد قدر الإمكان عن لمس الحيوان».

وقال د. حمود في هذا الشأن: «أمراض الحساسية هي أمراض وراثية تولد مع الطفل. وتخفّف العلاجات تواتر الحساسية إلى أن تختفي مع مرور السنوات، ولكن أحيانا تكون مزمنة».

الوقاية

لدى ورود الشكوك حول أيّ مشكلة محتملة لا سيما في الجلد، يشدد د. خليل على وجوب التوجّه فوراً عند الطبيب البيطري، «ففي كثير من الأحيان، يخطئ أصحاب الكلاب والحيوانات بالتصرّف، فيستشيرون أصدقاءهم أو الصيدلي، ويصف الصيدلي دواءً قد يهدّئ عوارض هذا المرض ولا يعالجه، فيبقى الفيروس أو المرض حيّ في الجلد، وينتقل إلى الإنسان. إذاً الوقاية في زيارة البيطري دائماً».