IMLebanon

لماذا ترفض إسرائيل تلازم الترسيم البحري والبري؟

عند رفض اسرائيل اقتراح لبنان تلازم الترسيم البحري والبري ورعاية الامم المتحدة للمفاوضات، توقّفت حركة الوسيط الاميركي السفير ديفيد ساترفيلد بعد جولات خماسية تنقّل فيها بين بيروت وتل ابيب لايجاد نقاط مشتركة يُمكن البناء عليها لبدء مسار التفاوض.

وبانتظار تسلّم الوسيط الجديد ديفيد شنكر المهمة والمتوقّعة بعد اتّضاح صورة التطورات السياسية داخل اسرائيل نتيجة الانتخابات النيابية المُقررة في ايلول المقبل، لا تزال تل ابيب على موقفها الرافض ربط الترسيم البحري والبري، لا بل انها مُستعجلة ترسيم الحدود البحرية فقط دون البرية لحسم الخلاف مع لبنان حول البلوك 9 قبل البدء بالتنقيب نهاية العام خشية ان يُنفّذ حزب الله تهديداته بأن “اذا لم يسمح لنا التنقيب عن نفطنا لن نسمح لاسرائيل بذلك. واننا نرفض المس بثروتنا النفطية والغازية في البحر”.

اما عن سرّ استعجال اسرائيل حسم الترسيم بحرا دون البر، توضح اوساط سياسية مراقبة لـ”المركزية” انها “تضغط في هذا الاتجاه لمنع وقوعها في اي مطب عند بدء التنقيب في البلوك التاسع ما سينعكس سلبا على الشركات المستثمرة التي ترفض العمل في ظل اجواء تشنّج وتهديد”.

وفي مقابل الاستعجال الاسرائيلي، ترفض بيروت اعطاء تل ابيب ما تريده في مفاوضات الترسيم، وكأن الهدف الاوحد منها ضمان مصالحها كما اعتادت في كل استحقاق مرتبط بها. وتقول الاوساط السياسية ان “لبنان لن يقبل بإعطاء اسرائيل ما تريده في البحر اي الترسيم لضمان التنقيب بسلام، واستمرارها في ابتزازه في البر بقضم باقي الاراضي بفرض القوة، لذلك يتمسك لبنان بإنهاء الملفين معا حتى لو بدأ الترسيم في البحر قبل البر، لكن الشرط اللبناني الاساسي ان ينتهي ترسيمهما معا”.

وعلى رغم اشتراط لبنان تلازم ترسيم الحدود البرية والبحرية لبدء مفاوضات غير مباشرة مع اسرائيل لفضّ النزاع الحدودي، يتعاطى حزب الله بحذر مع الملف الذي يتولاه “حليفه” التقليدي الرئيس نبيه بري ويضطلع بمهمة التفاوض مع الوسيط الاميركي لنقل موقف لبنان الرسمي من القضية. فهو “يشتم” رائحة “استهداف” له ولسلاحه تحت عنوان ترسيم الحدود البرية والبحرية لتكبيل حركته لاحقا عبر الحدود.

ويتقاطع تخوّف الحزب مع المعلومات المتداولة في هذا السياق عن طلب اسرائيل بأن يشمل ترسيم الحدود البرية مزارع شبعا وكفرشوبا بعد انتهاء عملية الترسيم البحري، وان يترافق ذلك مع خطوات من قوات اليونيفيل في توسيع اطار عملها والتشديد على تنفيذ  القرار 1559 لجهة نزع سلاح الميليشيات.

وتلفت الاوساط السياسية الى ان “حزب الله “يرغب” في إقفال ملف ترسيم الحدود من اساسه، البحرية والبرية مع اسرائيل وحتى الشرقية مع سوريا لاعتبارات سياسية محلية واقليمية، لأنه يستشعر بأن ضبط ومراقبة الحدود، لاسيما مع سوريا، يقطع الطريق امام استخدامه الحر لهذه الحدود وبالتالي نقل السلاح من ايران اليه بعيدا من اعين المراقبين. لذلك يتريّث الحزب في إعطاء موقف رسمي من ملف الترسيم خشية استخدامه كمنصة سياسية لاستهدافه في هذه المرحلة، ما يجعل هامش حركة المقاومة ضيّقا”.

ويأتي حذر الضاحية من ذهاب لبنان بعيدا في ملف الترسيم مع مواقف المجتمع الدولي التي تُعبّر عنها البيانات الاممية الصادرة اخيرا، لاسيما تصريح الامين العام للامم المتحدة انطونيو غوتيريش حول تنفيذ القرار 1701، وبيان المجموعة الدولية لمساعدة لبنان الذي يشدد على حصرية السلاح بيد الشرعية، وليس بيد الميليشيات، وضرورة نزع سلاح حزب الله وتحوله الى حزب سياسي غير مسلّح اسوة بالاحزاب اللبنانية الاخرى.