IMLebanon

المادتان 95 و80 بين التنظير والتطبيق (تحقيق ميليسا ج. افرام)

95 و80، رقمان لمادتين شغلتا اللبنانيين عموما والسياسيين خصوصا في الآونة الاخيرة، لاسيما بعدما رفع وزراء ونواب تكتل لبنان القوي، وفي مقدمتهم الوزير جبران باسيل الصوت رفضا لتمرير المادة 80 من الموازنة من دون التصويت عليها في المجلس النيابي والمتعلقة بحفظ حق الناجحين في مباريات مجلس الخدمة المدنية.

فما الرابط بين المادة 80 من الموازنة والمادة 95 من الدستور اللبناني؟

تنص المادة 95 من الدستور على انه بعد انتخاب اول مجلس نيابي على اساس المناصفة يصار الى تشكيل الهيئة العليا لالغاء الطائفية السياسية، وحتى الساعة لم تشكل هذه الهيئة والتي يجب ان تضم رئيس جمهورية وحكومة ورئيس مجلس نواب ورجال قانون واختصاص.

وبحسب مرجع قانوني بارز، نحن اليوم في مرحلة انتقالية اي بين ما يسمى بانتخاب مجلس نيابي بالمناصفة وتشكيل الهيئة العليا لالغاء الطائفية.

وتؤكد الفقرة الثانية من المادة 95 من الدستور اعتماد الكفاءة والجدارة عوض الانتماء المذهبي في كافة الوظائف والادارات والمؤسسات العسكرية والقضائية باستثناء وظائف الفئة الاولى حيث المناصفة تبقى قائمة وفقا لمقتضيات الوفاق الوطني، لكن بالعودة الى الفقرة “ي” من مقدمة الدستور التي تنص الا شرعية لاي سلطة تناقض العيش المشترك، يتبين ضرورة ان تحترم كل سلطة منتخبة او معينة العيش المشترك اي المناصفة.

وعلما ان كافة القوانين الدستورية بامكانها ان تطرح وتعدل، الا ان مقدمة الدستور تبقى منزلة والاساس في اي معضلة دستورية.

ورغم توقيع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون قانون الموازنة الا ان المادة 80 منه ما زالت موضع نقاش، خصوصا وان طرحها من البداية كإحدى “فرسان الموازنة” يعتبر بحد ذاته مخالفة دستورية.

وخيرا فعل الرئيس عون بتوجيهه رسالة الى أعضاء مجلس النواب بواسطة رئيسه نبيه بري يطلب فيها تفسير المادة 95 من الدستور لاسيما منها الفقرة “ب” لوضع حدّ للغط الحاصل حولها.

ورأى المرجع القانوني ان هفوة كبيرة مررت في المادة 80 من الموازنة، واصفا اياها بالتعديل الواضح لقانون مجلس الخدمة المدنية والذي لا يمكن القبول به. وسأل:” على اي اساس يتم تعديد قانون مجلس الخدمة المدنية باعطاء حق استثنائي لاشخاص؟”

وفي ظل استبعاد فرضية الطعن بالموازنة أمام المجلس الدستوري من قبل رئيس الجمهورية وفريقه، الا ان الحلول تبقى ممكنة امام الوزير باسيل ونواب التكتل، فاما يصار الى تعديل نص المادة 80 من الموازنة عن طريق اقتراح قانون معجل مكرر يقدم من قبل مجموعة من نواب التكتل وبالتالي تناقش في اول جلسة لمجلس النواب وتلغى النقطة الاخيرة من المادة 80، أو عبر الذهاب الى قانون موازنة 2020 لالغائها، علما انه سيتم البدء بالعمل فيها في آب المقبل.

ورغم امتناع تكتل لبنان القوي عن الطعن بالموازنة نظرا لسوء الوضع الاقتصادي الذي يمر به لبنان، الا انه بحسب المعلومات سيتم الطعن بعدد من بنود الموازنة من قبل الاطراف الاخرى، علما ان هناك مخالفات عدة تؤدي للطعن بالموازنة منها عدم إقرار قطع الحساب و”فرسان الموازنة”.

وان سلمنا جدلا بأن المادة 95 فسرت بإسقاط المناصفة في التوظيف في إدارات الدولة وأننا بتنا في مرحلة إلغاء الطائفية السياسية، لماذا يعرقل رئيس الحكومة سعد الحريري منذ أشهر صدور مرسوم الناجحين بكتاب العدل والذين يتوزعون بين 30 مسيحيا و26 مسلما، علما ان كتاب العدل ليسوا موظفين في القطاع العام لتطبق عليهم المناصفة؟ ولماذا يعرقل الرئيس الحريري وتيار المستقبل صدور نتائج دورة خفراء الجمارك. اذا التوزيع الطائفي مهم لكل طرف في لبنان، وإلغاء الطائفية ليس سوى شعارات رنانة يستخدمها البعض عند الحاجة.

هي اتهامات بالطائفية والمذهبية تُوجه لكل من يريد المحافظة على حقوق طائفته والتوازن في مؤسسات الدولة تحت عباءة الدستور، فكيف يمكن المطالبة بالتخلي عن المناصفة والتوازن في ملف الناجحين بمجلس الخدمة المدنية في حين لبنان بشعبه ومؤسساته يرزح تحت الطائفية؟ وإن اعتبر البعض أن الطائفية السياسية ألغيت فلنبدأ اذا بإقرار قانون موحد للأحوال الشخصية والزواج المدني، ولو اختياريا بعيدا من الطائفية، هذا القانون الذي صوتت عليه الحكومة سابقاً لكن رئيسها يومها الشهيد رفيق الحريري رفض توقيعه وأبقاه في الأدراج… لأسباب طائفية ومذهبية!