IMLebanon

لبنان والمجهول المعلوم! (بقلم رولا حداد)

لن تعقد الحكومة اللبنانية أي جلسة لها في المدى المنظور، لا قبل عيد الأضحى ولا بعده، والأرجح ألا يدعو الرئيس سعد الحريري أيضاً لأي جلسة قبل بدء العقد العادي لمجلس النواب في الثلثاء الأول الذي يلي الخامس عشر من تشرين الأول المقبل.

ما سبق لا يدخل على الإطلاق في إطار التشاؤم، ولا شيء أساساً يدعو إلى التفاؤل، بل هو مجرّد قراءة موضوعية لسير التطورات السياسية في لبنان والمنطقة. بطبيعة الحال ليس المير طلال أرسلان من يعطّل انعقاد الحكومة اللبنانية، بل “حزب الله” هو من يُتقن استعمال أطراف داخلية ليمارس هوايته في التعطيل تنفيذاً للأجندة الإيرانية المعتادة كلما تعقدت ظروف المنطقة، واسألوا الرئيس تمام سلام في هذا الإطار عن تجربته عند تشكيل حكومته التي استغرقت 11 شهراً وماذا أخبره يومها الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما!

ولكن فلنعد إلى الداخل اللبناني، والانعكاسات الكارثية لتعطيل العمل الحكومي. ما بين التصنيف الائتماني الجديد للبنان المنتظر في 23 آب الجاري، والذي من المتوقع أن يكون سلبياً ما يشي بتدهور مالي دراماتيكي جديد، وما بين عجز الحكومة المعطلة عن مناقشة موازنة الـ2020 الموعودة في مواعيدها الدستورية وبإصلاحاتها المعلقة والمؤجلة من موازنة الـ2019 يمكن أن نتوقع مرحلة مالية واقتصادية قد تكون الأخطر في التاريخ اللبناني، ولا يمكن لأحد أن يتوقع نتائجها وإلى أين يمكن أن توصل البلد.

أما على الصعيد السياسي فمن الواضح أن مساعي الإمساك بالبلد وإعادته إلى مرحلة أسوأ من تلك التي عشناها أيام الوصاية السورية، وما يجري على صعيد المحكمة العسكرية في قضية قبرشمون يعيدنا إلى زمن كنا ظنناه ولّى إلى غير رجعة. وفي الوقت نفسه، ومع تبدّل التوازنات السياسية والأكثرية في مجلس النواب والحكومة، تصبح المواجهة أكثر تعقيداً لمنع عودة عقارب الساعة إلى الوراء. كل ذلك يترافق مع عودة الخطاب الطائفي والمذهبي إلى مستوى لم نعرفه منذ “انتفاضة الاستقلال” في العام 2005 وكل ما أعقب انسحاب الاحتلال السوري من لبنان، ما يعني عودة منطق “فرّق تسُد” واللعب على أوتار الغرائز والعصبيات المذهبية.

الصورة قاتمة حتماً، لكن الأمل غير مفقود حتى الساعة في انتظار تبلور الصورة الإقليمية ونتائج المواجهة الأميركية- الإيرانية في المنطقة. كل الخوف أن تطول هذه المواجهة إلى ما بعد الانتخابات الرئاسية الأميركية في خريف الـ2021 لأن الثابتة الوحيدة هي أن الوضعين المالي والاقتصادي في لبنان لا يملكان مقومات الصمود حتى ذلك الوقت… وكان الله في عون اللبنانيين الذين ينتظرهم المستقبل المجهول- المعلوم!