IMLebanon

العهد يفقد رصيده والبلاد تغرق… فهل من يسأل؟

لم يعد من مجال للشك ان المربع الذي وُضعت فيه حادثة البساتين بمضاعفاتها ومفاعيلها البالغة السلبية هو الاخطر منذ تبوّء رئيس الجمهورية ميشال عون سدة الرئاسة. فهي، الى جانب تعطيلها الدولة برمتها من خلال انعكاساتها على عمل مؤسساتها، اصابت بشظاياها العهد في الصميم بعدما انخرط مباشرة في المواجهة، ان من خلال ما نقل عن الرئيس عون الاثنين عن ان المستهدف كان الوزير جبران باسيل وليس الوزير صالح الغريب، او في ضوء ما تضمنه المؤتمر الصحافي الاشتراكي الثلثاء من وقائع خطيرة حول تورط فريق الرئيس بفبركة ملفات وممارسة الضغط على قضاة الى حد تهديدهم وقول الوزير وائل ابو فاعور ان “سليم جريصاتي هدد القاضي غانم إلى حد إجباره على الادعاء على أعضاء من الاشتراكي للحصول على اتهام سياسي لاتهام مسؤولين في الحزب عن الحادثة وربما سحب رخصة الحزب”. فإلى اين قد يصل الصراع على حلبة البساتين وهل بات الداء فتاكا وعصيا على اي دواء او علاج محلي؟

تعتبر اوساط سياسية سيادية، عبر “المركزية”، ان “الامور امام واحد من احتمالين، اما تصفية حسابات شخصية لمصالح رئاسية مستقبلية لا تستأهل التضحية بالوطن لاجلها، وهو الخيار الاضعف منطقيا، وإما ان المطلوب أبعد من البساتين وحادثتها بغض النظر عن هوية المستهدف أكان الوزير الغريب او باسيل لا فرق، ما دام الهدف يتخطى الاشخاص”.

فلو كانت الحادثة على المستوى المحلي المحض كسائر الاشكالات التي تضجّ بها الساحة اللبنانية ومجزرة الزفاف في بلدة يونين خير شاهد حيث سقط ثلاثة قتلى بنيران “موّال” وغيرها من الحوادث، لما سقطت على مذبحها كل مبادرات الحلول والاقتراحات والمخارج التي عمل عليها جاهدا مدير عام الامن العام اللواء عباس ابراهيم بدايةً ثم رئيس مجلس النواب نبيه بري فتلاشت الواحدة تلو الاخرى. ولما بلغت موجة التصعيد ما بلغته اليوم من تسمية الاشياء بأسمائها، الا اذا كان هذا التصعيد على قاعدة “اشتدي ازمة تنفرجي”، ولما غادر رئيس الحكومة سعد الحريري البلاد في اجازة تاركا لمصادر السراي و”المستقبل” مهمة الرد على المحاولات القديمة المتجددة للمسّ بصلاحياته بتسريب من هنا واتصال من هناك ودعوة رئاسية مباشرة اليه لتوجيه الدعوة لانعقاد مجلس الوزراء من هنالك.

وإذا كان “حزب الله” محرّك عصب الفريق الذي ينتمي اليه ارسلان وباسيل ينأى بنفسه عن السجال ويكتفي بما يهمه من الوضع الداخلي راهنا، اي عدم المسّ بالاستقرار لأن اهتماماته العابرة للحدود لا تسمح له بفتح جبهات داخلية، لا يبادر الى اطفاء نار المضاعفات وهو القادر بإشارة منه على اخمادها، كما اثبتت التجربة، فإن المصادر ترجح ان تكون حادثة البساتين خرجت من المحلي الى الاقليمي لاستثمارها حيث تدعو الحاجة في لحظة تكاد تكون الادق لفريق الممانعة، كما تشكل الفرصة الانسب للنظام السوري للاقتصاص ممن يناصبه العداء جهارا، وفي شكل خاص وليد جنبلاط وسعد الحريري. فهو يعبّد الطريق لكسر الزعيم الاشتراكي من خلال استعادة سيناريو “سيدة النجاة” الذي اشار اليه ابو فاعور سابقا كما رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع، ولن يتوانى عن تسديد الضربة حينما تسنح الظروف، ويتطلع للاقتصاص من زعيم المستقبل بتجميد حكومته في ثلاجة “البساتين”.

غير ان الهدف، ايا كان، فإن المستهدف الاوحد والمتضرر الاول مما يدور على الساحة هو عهد الرئيس عون الذي يدخل عتبة عامه الرابع بعد ثلاثة اشهر فيما البلاد في تراجع مستمر والاوضاع تلامس الانهيار، فهل من يسأل؟ تختم الاوساط.