IMLebanon

“الحزب” أبلغ “كلمة السر” فتوقفت المواجهة!

هل يُكتب النجاح هذه المرة للجهود الجديدة التي انطلقت بزخم استثنائي عقب اخفاق جملة المبادرات لإنهاء نزاع “البساتين” المستفحل، في توفير الحل المنشود ووضع حد لأزمة علّقت الحكومة والدولة برمتها على حبالها على مدى شهر ونيف؟

الواقع أن التفاؤل بإمكان إزالة العقبات الاخيرة من طريق المصالحة بدا في ذروة غير مسبوقة، وإن يكن لم يحجب حذرا من شياطين التفاصيل التي قد تكمن للمحاولة في اللحظة الاخيرة. وإذ ترجم هذا التطور في حركة لقاءات واتصالات استمرت حتى لحظة كتابة هذه السطور على ان تترجم بلقاء رئاسي يحضره الى الرؤساء ميشال عون ونبيه بري وسعد الحريري، كل من رئيسي الحزب الاشتراكي وليد جنبلاط و”الديمقراطي اللبناني” النائب طلال ارسلان، فان ما بدا واضحا من سياق التطورات هو أن صدمة ما، من جهة ما، حملت الجميع على النزول عن سقف مواقفهم التي علقوا فيها، وكان لها دور حاسم في اطلاق هذا الاستنفار السياسي الشامل.

وفي حين اعتقد البعض ان اتجاه الازمة نحو “مفرق” التدويل” من خلال بيان السفارة الاميركية الأربعاء شكل الدافع الاساس خلف قرار انهاء الازمة الى جانب ضغط العوامل الاقتصادية والمالية الداخلية، قالت اوساط سياسية سيادية لـ”المركزية” ان الرسالة الاميركية قد تكون فعلا الهزة الاقوى على محور نزاع “البساتين”، غير ان، وامام هذا المشهد، لا يمكن اغفال حقيقة ساطعة مفادها ان في ضوء النقطة التي بلغتها الازمة وعدم توافر عناصر الدعم الكافي لارسلان وفريقه ودخول رئيس الجمهورية مباشرة على الخط وعدم تبني حزب الله المعركة نظرا لطبيعتها غير الاستراتيجية بالنسبة اليه، فعل فعله على مستوى فرملة الاندفاع واستمرار سياسة التحدي، لاسيما بعدما ثبت ان كسر الزعيم الاشتراكي ليس بالسهولة التي تصورها هؤلاء، ولو انهم سيتحينون الفرصة في اسرع وقت لرد الصاع خصوصا انهم يخرجون من المعركة بغير النتيجة التي راهنوا عليها.

ولاحظت ان حزب الله الذي يضطلع بدور اساسي في ما بلغته “النهاية السعيدة”، صحيح انه ساند حلفاءه في الحزب الديمقراطي اللبناني ثم في التيار الوطني الحر، حينما انتقلت وجهة المواجهة اليه في اعقاب موقف الرئيس عون عن ان المستهدف كان الوزير جبران باسيل وليس الوزير صالح الغريب، لكن المساندة ليست تبنيا والفرق شاسع في قاموس الحزب بينهما. ذلك ان المعركة المحلية والمناطقية الطابع، لا تستأهل من وجهة نظر الحزب الذي يخوض معارك وجودية ان يندفع البلد نحو الانهيار، فهي ليست لاسترجاع مزارع شبعا المحتلة ولا لنزع سلاحه ولا غيرها من المواجهات التي تستوجب شراسة في التعاطي معها واعتماد سياسة “يا غالب يا مغلوب”. في حالات مماثلة اثبتت التجربة اللبنانية ان حزب الله لا يستخدم كل سلاحه الذي يخبئه لـ”يومه الاسود”. فهو يخوض معاركه غبّ الطلب نسبة لأهميتها، ويدرك جيدا كيف يخوضها وأين، وليس مضطرا لخوض معركة كسر عظم لن تقدم او تؤخر ولن تخدم اجندته السياسية.

واعتبرت الاوساط ان حزب الله لا بد يقف خلف ما آلت اليه الامور من انفراج، وما كلام نائب الامين العام للحزب الشيخ نعيم قاسم منذ ايام، عن ان حادثة البساتين ليست اقليمية او دولية ويجب حلها داخليا عن طريق القضاء والتصالح وفق التقليد اللبناني، سوى الدليل الى الطريقة التي يقارب بها الحزب هذا الملف. وهو حينما استشعر خطورة المنحى الذي بلغه بُعيد بيان السفارة الاميركية والاتصالات الدولية التي اجريت بلبنان وكبار مسؤوليه وإمكان تشظيه سياسيا في مرحلة هو في امسّ الحاجة الى الاستقرار السياسي في البلاد، طلب من الحلفاء التراجع، لأن اي خطوة في الاتجاه المعاكس قد ترتد عليه سلبا قبل اي طرف آخر، وهو ليس في وارد تحمل تبعاتها راهنا.