IMLebanon

«استراحة مُحارِب» في لبنان

يتمدّدُ «الاسترخاءُ» السياسي في بيروت مع «التسليم والتسلم» بين عطلتيْ الأضحى المبارك وعيد انتقال السيدة العذراء، لتصبح الأيام الفاصلة عن الأسبوع المقبل بمثابة «استراحة المُحارِب» قبل سلسلةِ محطاتِ واستحقاقاتِ مهمّةِ سيَتَرَتَّبُ عليها اتّضاحُ كاملِ الصورةِ حيال ما ينتظر البلاد على أكثر من مستوى.

وإذا كانت نهايةُ الأسبوعِ الحالي، ستحمل انتقالَ رئيس الجمهورية ميشال عون إلى مقرّه الصيفي في بيت الدين (الشوف) في خطوةٍ يُرتقب أن يُقابِلها زعيمُ «الحزب التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط بزيارةٍ تقليدية ستكتسب هذه المَرَّة أبعاداً أكثر أهمية باعتبار أنها ستصبّ في إطار تثبيتِ التسويةِ التي طَوَتْ صفحة «حادثة البساتين» (عاليه – 30 يونيو)، فإن الاثنين المقبل وما يليه سيكون محطّ الأنظار لجهة رصْد 3 مسارات، اثنان منها خارجي وواحد داخلي، وهي:

* النتائجُ التي ستُسْفِرُ عنها زيارة رئيس الحكومة سعد الحريري لواشنطن حيث ستكون له غداً وبعده لقاءات رسمية حُسم بينها الاجتماع مع وزير الخارجية مايك بومبيو.

ويجري التعاطي مع هذه اللقاءات التي مهّد لها الحريري باستقباله (الاثنين) في مقر إقامته في واشنطن ‏نائب وزير الخزانة مارشال بيلينغسلي، وهو المسؤول عن مكافحة عمليات التمويل غير المشروع بما في ذلك ما تعتبره الولايات المتحدة «تمويل نشاطات (حزب الله) الارهابية وقيامه بعمليات إتجار غير مشروعة»، على أنها ستكشف إذا كانت الإدارة ستُبْقي على استراتيجية «المواجهة الشرسة» مع «حزب الله» (من ضمن مسار الصراع الكبير مع إيران) ولكن مع عدم قطْع «شعْرة» تحييد الحكومة عن الضغوط المتصاعدة على الحزب بالعقوبات التي تزداد التقديرات بأنها ستتوسع لتشمل حلفاء لبنانيين له، أم أن هذه الإدارة ستُنْهي «صلاحية» ديبلوماسيةَ التفهّم لتعقيداتِ الواقع اللبناني ولموجبات «الواقعية» التي يعتمدها خصوم «حزب الله» في لبنان وتالياً لتَفاهُم الحدِّ الأدنى مع سلطاته الرسمية على إدارة هذا الواقع بضوابط، من أوّل مرتكزاتها سياسة «النأي بالنفس» وتَفادي جرّ لبنان الرسمي إلى «المحور الإيراني» وأجندته.

وثمة مَن يرى في بيروت أن خلاصاتِ «أزمة البساتين» ستشكّل عامِلاً مُساعداً للحريري، الذي يُدْرك أن مهمته هذه المرة في واشنطن ليست سهلة، لجهة تأكيد ثبات الواقع اللبناني ضمن «الستاتيكو» السائد منذ 2016، ولا سيما بعدما خرج جنبلاط من هذا «القطوع» بنقاطٍ ثمينة في أعقاب المسار الذي بدا وكأنه ينطوي على محاولة لـ«التخلّص» منه سياسياً وكسْره، وهو ما حذّر منه زعيم «الاشتراكي» واستوجبَ الدخول غير المألوف و«بلا قفازات» لواشنطن عبر سفارتها في بيروت على خطّ هذه الأزمة رافعة «بطاقة صفراء» بإزاء أي استفرادٍ لجنبلاط الذي يشكّل أحد عناصر ما تبقى من توازُن داخلي (مع الحريري وحزب «القوات اللبنانية) بوجه التحالف الذي جاهرتْ طهران بأنه بات يسيطر على لبنان بعد الانتخابات النيابية.

* التقريرُ المرتقب في 23 اغسطس الجاري، لوكالة «ستاندر اند بورز» والذي بدتْ التسريباتُ المتوالية التي لم تستبعد خفْض تصنيف لبنان من الدرجة الحالية (-B) إلى درجة (+CCC)، وكأنها أتاحت «امتصاص الصدمة الأولى» التي سيشكّلها مثل هذا الخفض الذي يعني «هشاشةً أكثر تجاه عدم السداد مع انعدام القدرة على تغطية الالتزامات المالية في ظل ظروف اقتصادية ومالية معيّنة».

وقد بَذَل لبنان الرسمي مع بدء العدّ العكسي لصدور التقرير جهوداً كبيرة للحؤول دون تَجَرُّع «كأس» التخفيض وبينها تفكيك «صواعق» الأزمة السياسية التي شلّت عمل الحكومة لأربعين يوماً، وصوغ ما يشبه «بروتوكول» إصلاحي في الاجتماع الرئاسي – الوزاري – المصرفي الذي سبق «مصالحة البساتين» في القصر يوم الجمعة الماضي، وذلك في سياق تأكيد ثبات لبنان في مسار الإصلاحات الذي أسست له موازنة 2019 وسيُستكمل في موازنة 2020 التي سيجري العمل لإنجازها في مواعيدها الدستورية.

أما المسار الداخلي الذي يجْري رصْده، فهو استئناف جلسات العمل للحكومة التي عقدت السبت الماضي جلسة انتهاء «عطلة البساتين» المديدة القسرية التي أخذتها منذ 30 يونيو، وسط اعتبار أوساط مطلعة أن الحكومة ستكون أمام مرحلةِ «كل جلسة اختبار»، أولاً لرصْد صلابة الأرضية التي انطلقت منها «صلحة البساتين» وإذا كانت مجرّد «وقت مستقطع» لتقطيع الوقت و«الانحناء» أمام «عاصفة الغضب الأميركي» والمخاطر المالية ما سيعني استئناف مساعي ليّ ذراع جنبلاط في «حلبات أخرى» بينها التعيينات عبر اقتطاع حصةٍ لخصومه في البيت الدرزي، وثانياً لتأكيد مدى جدية الطبقة السياسية في السعي إلى تطبيق «إعلان نيات» المضي بالإصلاحات وإنجاز سلّة من التعيينات الضرورية العالقة وبعضها مرتبط بانطلاق المسار التنفيذي لمؤتمر «سيدر».

وفي موازاة ذلك، يزداد الحديث عن زيارة يُرجّح أن يقوم بها رئيس «القوات اللبنانية» سمير جعجع للمختارة، بعد «امتحان النار» الذي مرّت به إبان «حادثة البساتين» التي وقعت في مسْرح الخلاف السياسي بين زعيم «التقدمي» و «التيار الوطني الحر» والتي كادت أن تنزلق إلى مشكلة درزية – مسيحية معلَنة بعد إعلان عون أن صهره الوزير جبران باسيل كان هو المستَهدف بالحادثة.