IMLebanon

“أبو جندل” بعد “الخميني”… الأمن في “عين الحلوة” إلى “الصفر”

كتب محمد دهشة في صحيفة “نداء الوطن”:

لا يكاد مخيم عين الحلوة يتنفس الصعداء بتجاوز قطوع أمني حتى يطل آخر برأسه، ليفرض واقعاً جديداً على القوى الوطنية والاسلامية، في محاولة لحرف الأنظار والاهتمام عن قضايا مطروحة وإعادة خلط الأوراق في معادلة المخيم الذي يعيش هاجس “الأمن الهش”، رغم كل الجهود السياسية لتحصينه على اعتباره “عاصمة الشتات” الفلسطيني ومركز “القرار”.

آخر هذه القطوع الأمنية، قتل الناشط الاسلامي محمد لطفي الملقب “أبو جندل” في منطقة “السكة” في تعمير عين الحلوة، في وقت كانت تستعد فيه القوى الفلسطينية لوضع برنامج جديد للتحركات الاحتجاجية رفضاً لقرار وزارة العمل. ما يعيد المشهد نفسه باغتيال الفلسطيني حسين جمال علاء الدين الملقب بـ (الخميني) في ذروة التحركات الاحتجاجية، ما فرض جدول “أعمال طارئاً” في إنهاء حالة بلال العرقوب الذي قتل في عملية أمنية خاطفة، بينما جرى تسليم نجليه “أسامة ويوسف” إلى مخابرات الجيش.

و”أبو جندل” أحد الناشطين الاسلاميين البارزين، كان ينتمي إلى “جند الشام” سابقاً، قبل أن يصبح قبل شهرين مقرباً من “عصبة الأنصار الاسلامية”، حيث ظهر في صورة كمرافق للناطق الرسمي باسمها الشيخ أبو شريف عقل، خلال مسيرة “جمعة الغضب”، رفضاً لقرار وزارة العمل، وتؤكد مصادر فلسطينية لـ”نداء الوطن”، أنّ قتل “أبو جندل” أعاد الوضع الأمني في عين الحلوة إلى “نقطة الصفر” خلافاً لما كان متوقعاً بأن ينعم بمرحلة من الهدوء والاستقرار بعد إنهاء حالة العرقوب بتوافق فلسطيني للمرة الأولى شكل “رسالة” بأن العبث بالأمن ممنوع.

وتوقفت المصادر باهتمام عند خصوصية المنطقة التي قتل فيها “أبو جندل”، والتي شهدت توتراً ونزوحاً إذ إنها منطقة متنوعة فلسطينياً ولبنانياً، ومتداخلة فلسطينياً في تعمير “عين الحلوة” اللبناني، ومع “حي الطوارئ – خط السكة”، وتخضع أمنياً لنفوذ “عصبة الأنصار” الإسلامية و”الناشطين الإسلاميين”، وفي الوقت نفسه قريبة من آخر حاجز عسكري للجيش في التعمير التحتاني، ما يعني أن الذي نفذ القتل في تلك المنطقة، كان يريد الإيقاع بين جميع القوى وإدخالهم في أجواء أمنية مربكة، خصوصاً مع “الروايات المتضاربة” و”الشائعات” المتداخلة والتي تحدثت حيناً عن خلافات وحيناً آخر عن الارتباط بإنهاء حالة العرقوب.

هذه القراءة، إستدعت تحركات سياسية وأمنية فلسطينية عاجلة لقطع الطريق على أي فتنة، فعقدت قيادة “هيئة العمل الفلسطيني المشترك” في منطقة صيدا اجتماعاً طارئاً في مركز “النور” الإسلامي في الشارع التحتاني، بينما طالبت عائلة لطفي القوى الفلسطينية والوطنية وحركة فتح و”القوى الإسلامية” بالمسارعة الى درء الفتنة وحجب الدماء عبر تحقيق سريع وواضح وتسليم المشتبه فيهم، وأعرب “الشباب المسلم” في بيان تداوله ناشطون عبر “مواقع التواصل الاجتماعي” عن تفاجئه بِمقتل محمد لطفي في منطقة “حي السكة” وهي منطقة متداخِلة يتحرك فيها أكثر من طرف، معتبراً أنّ “الجريمة مُقدمة “لِشيطَنة” منطِقة التّعمير ولا أدلّ على ذلك من الإتِهامات المباشرة بعد دقائق من الحدث التي وُجّهت لفلان أو فلان، وسنقوم بالتحقيق اللازم ومتابعة الأمر بتفاصِيله حتى كشف كل ملابَساتِه. ولم نتّهم أي جهة بِعينِها ولن نتّهم أحداً إلا بالأدلة الموثوقة”.

يُذكر أنّ “عين الحلوة”، شهد خلال هذا العام، سلسلة من الأحداث الأمنية أبرزها اغتيال أحد عناصر قوات الأمن الوطني الفلسطيني محمد نزيه خليل الملقب “أبو الكل”، في حي حطين (26 نيسان)، ثم أعقبه إشكال غير مترابط في “حي الزيب” أدى إلى سقوط أربعة جرحى (30 نيسان) وقبله إشكال بين “عصبة الأنصار الإسلامية” ومجموعة “العرقوب” في منطقة الصفصاف، أدى على مرحتلين إلى سقوط 6 جرحى (12 و14 آذار)، في وقت بلغت فيه الخلافات الفلسطينية وتحديداً بين حركتي “فتح” و”حماس” ذروتها ما بين شهري شباط وآذار، ما دفع رئيس مجلس النواب نبيه بري وقيادة “حركة أمل” إلى العمل على رأب الصدع وإعادة إحياء “هيئة العمل الفلسطيني المشترك” في لبنان والتي تشكل مظلة سياسية وأمنية تقطع الطريق على أي محاولة للعب على وتر الخلافات.