IMLebanon

ساحة لبنان الأميركية (بقلم بسام أبو زيد)

أصبحت الإدارة الأميركية اكثر إدراكا للوضع اللبناني ولاسيما لجهة كيفية التعاطي مع الأطراف اللبنانية التي هي على خصومة سياسية مع “حزب الله”، ولاسيما مع رئيس الحكومة سعد الحريري. فالمطلوب منه حاليا ومن حلفائه الحفاظ على مؤسسات الدولة وتقويتها مع استعداد إدارة الرئيس دونالد ترامب لتقديم كل الدعم المطلوب شرط أن ينجح هؤلاء في التأسيس لدولة قوية في وجودها وسيادتها واقتصادها وحضورها على الصعيدين المحلي والدولي، علما أن هناك أصواتاً عدة في الإدارة وفي الكونغرس تعارض هذا الاهتمام بلبنان على خلفية ما يوصف بسيطرة “حزب الله” على هذه الدولة.

رئيس الحكومة سعد الحريري تبلغ رسالة واضحة من الأميركيين تدعوه إلى الصمود في وجه كل الضغوط والممارسات والخلافات، في مقابل التأكيد أن هذه الإدارة ستواصل ضغوطها على “حزب الله” في مختلف المجالات، وذلك في إطار الضغط على الجمهورية الإسلامية الإيرانية. ويعتقد الأميركيون في هذا المجال أن إيران أصبحت في وضع لا تحسد عليه نتيجة العقوبات وكذلك “حزب الله”، وبالتالي فهم يتوقعون أن تبدأ نتائج هذه الضغوط بالظهور قريباً، ما سيؤدي في لبنان إلى تعزيز دور الدولة.

ويركز الأميركيون اهتمامهم في لبنان على 3 محاور:

الأول هو الوضع الاقتصادي، وهم سيبذلون ما باستطاعتهم كي يبقى هذا الوضع ممسوكاً، فأي انهيار لن يكون لمصلحتهم ومصلحة اللبنانيين أولا، ولذلك سيجددون الدعم لمؤتمر سيدر ويبدون اهتماما بقطاع النفط والغاز والكهرباء ويأملون في أن تكون شركاتهم موجودة، ولكنهم في المقابل ينتظرون إصلاحا فعليا وشفافية في الإدارة تبدأ بمكافحة الفساد.

المحور الثاني هو إنهاء أكبر قدر ممكن من الخلافات بين لبنان وإسرائيل، ولذلك سيكثف الأميركيون من جهودهم لإنهاء النزاع الحدودي البحري والبري في أسرع وقت ممكن، ولذلك أعلن الرئيس الحريري عن أمله في نهاية هذا النزاع في أيلول المقبل، ما يسحب من يد “حزب الله” بحسب الأميركيين واحدة من الذرائع التي يستند إليها دور الحزب، علما أن ليس لديهم ولدى الرئيس الحريري أي ضمانة لجهة أن الحزب وحلفاءه سيوافقون على ما يمكن التوصل إليه. وهنا يبرز سؤال لديهم حول ما إذا كان “حزب الله” سيحبط هذه العملية برمتها أم أنه سيترك الاتفاق يمر وسط اعتراضات فقط في مجلس الوزراء؟

المحور الثالث هو الاستمرار في دعم وتقوية الجيش اللبناني والأجهزة الأمنية الأخرى، ولاسيما قوى الأمن الداخلي، كقوى شرعية وحيدة يحق لها فقط أن تلعب الدور العسكري والأمني، وقد حصل الرئيس الحريري على ضمانات تؤكد استمرار هذا الدعم.

كل ذلك بحسب الأميركيين سيؤدي إلى زيادة الاستقرار في لبنان، وهو بالنسبة للأميركيين خط أحمر أكدوا عليه في الأزمة الأخيرة المتعلقة بحوادث قبرشمون. وتتحدث معلومات عن أن المسؤول الأميركي ديفيد هيل اتصل بوزير الخارجية جبران باسيل محذرا من أن عدم التوصل إلى حل سريع قد يودي بالأمور إلى مكان لا أحد يتمناه.

في الخلاصة الدور الأميركي في لبنان سيتصاعد ولن يتم ترك الساحة لجهات وفئات تستفيد من أزمات يعاني منها لبنان، وفي إطارها أزمة النازحين السوريين. وبات واضحا أن الأميركيين ليسوا أبدا في واقع استهداف القطاع المصرفي في لبنان ولكنهم قد يلجأون في عقوباتهم ضد “حزب الله” إلى استهداف شخصية واحدة على الأقل من الحلفاء السياسيين للحزب لإيصال رسالة تقول إن مساحة اللعب على الساحة اللبنانية قد أصبحت أكثر ضيقا وصعوبة.