IMLebanon

الملف اللبناني في عهدة واشنطن وتحت إشرافها المباشر!

دفع أكثر من تطوّر سُجّل على الساحة الداخلية في الاسابيع الماضية، مراقبين محليين الى استنتاجٍ “سياسي” يفترض ان يترسّخ أكثر في قابل الايام، يقول ان الملف اللبناني برمّته بات تحت اشراف الولايات المتحدة الاميركية مباشرة، وفي عهدتها، وإنه خرج الى حدّ كبير، من يد القوى الدولية النافذة التي لطالما أمسكت به، وأبرزها فرنسا التي، في رأي المراقبين أنفسهم، تراجع دورها حتى بات مقتصرا على الشق الاقتصادي اللبناني، اذا جاز القول.

هذه الخلاصة قاد اليها أوّلا الاهتمامُ غير المسبوق الذي أبدته السفارة الاميركية في لبنان بحوادث البساتين وما تبعها. فرغم انهماكها بقضايا لا تعد ولا تحصى اقليميا ودوليا، وجدت واشنطن وقتا كافيا لاصدار موقف واضح وحازم في شأن مستجدات الجبل، جاء في بيان مقتضب على قاعدة “ما قل ودلّ”، بدت فيه تحذّر من اي استغلال سياسي لحادثة قبرشمون. تدخّلها هذا، لم يأت من عدم، يضيف المصدر المطّلع لـ”المركزية”. فقد رأت ان رسالتها لا بد منها في ظل محاولات كسر “المختارة” بما تمثّله من خط تصدّ لمحور “الممانعة” في لبنان، في مسار من شأنه جر بيروت الى الحضن الايراني – السوري. وبالفعل، يبدو ان “تحذيرها” فعل فعله، حيث وجد المسؤولون اللبنانيون بعده بساعات قليلة، الصيغة السحرية للخروج من وحول البساتين. فهل هي صدفة؟ أم ان ما جرى يدل الى ان الكلمة الاولى والاعلى في لبنان باتت لواشنطن؟ المصادر ترجّح الاحتمال الأخير.

المؤشر الثاني، يتمثل في اهتمام الادارة الاميركية الكبير ايضا، بملف ترسيم الحدود الجنوبية بين لبنان وتل ابيب، بحرا وبرا، حيث أطلقت منذ اشهر وساطة لتقريب وجهات النظر بين الجانبين والتوصل الى اتفاق ينهي الخلاف بينهما ويتيح ارساء هدوء متين على الحدود من جهة، واطلاق عملية التنقيب عن النفط بحرا، من جهة ثانية.

ويضاف الى هاتين النقطتين، الزيارة التي قام بها رئيس الحكومة سعد الحريري الى واشنطن في الساعات الماضية حيث بحث الرجل- الذي غالبا ما كان يتوجه في المحطات المفصلية الى “الام الحنون”- من كثب مع المسؤولين الاميركيين وعلى رأسهم وزير الخارجية مايك بومبيو، في قضايا الساعة كلّها وعرض للمستجدات اللبنانية من كل جوانبها السياسية والاقتصادية والامنية، اضافة الى تأثيرات التطورات الاقليمية والدولية، وأبرزها ما يتعلق بـ”صفقة القرن” والنزاع السوري(…)، على الوضع فيه.

وبحسب المصدر، ساهم الموقف الفرنسي “المساير” أو المهادن لايران في ملف الاتفاق النووي – حيث تحمل باريس باسم الاوروبيين لواء الدفاع عنه ومنع سقوطه، رافضة الانسحاب الاميركي منه ومقاربة الولايات المتحدة ككل للقضية، وتنخرط منذ أشهر في مفاوضات مع طهران لايجاد حل يرضيها اقتصاديا وتجاريا ويثنيها عن الاخلال ببنوده – ساهم هذا الموقف في خسارتها دورها في لبنان كراعية للتوازنات السياسية داخله، دائما بحسب المصدر، ودفع في المقابل، بالدور الاميركي الى الامام. فالتركيبة اللبنانية الحساسة أصلا، والتي زادت من هشاشتها الصراعاتُ الاقليمية، لا تحتمل الرمادية، بل تحتاج الى “حسم” لمنع سقوط بيروت في محور “المقاومة”. ونظرا الى دقة الوضع، تضيف المصادر، يبدو واشنطن قررت ان تلعب بالمباشر، دور مايسترو وضابط ايقاع اللعبة الداخلية.

فهل سيحسن لبنان الرسمي التعاطي مع القرار الاميركي الصارم هذا ام تستمر محاولات اخراج بيروت من حيادها؟ الخيار الثاني سيعني مزيدا من العقوبات وسيحرم لبنان مساعدات عسكرية واقتصادية وامنية، يختم المصدر.