IMLebanon

باريس عاتبة على لبنان: ليس هكذا تردون الجميل!

مع انتقال وجهة الرصد السياسي على مدى نحو اسبوع في اتجاه واشنطن التي عبقت بمواقف اميركية ولبنانية ذات دلالات طوال فترة اقامة رئيس الحكومة سعد الحريري فيها، واستكملها اليوم فور وصوله الى مطار رفيق الحريري الدولي الذي افتتح مرحلة التوسعة الجديدة فيه، من العقوبات الى النفايات ومن تصنيف لبنان الائتماني الى التحالف الراسخ مع زعيم الاشتراكي، تستعد الساحة الداخلية اعتبارا من مطلع ايلول المقبل لتوجيه بوصلة الاهتمامات نحو باريس لاطلاق صفارة “سيدر” والشروع في وضع مقرراته موضع التنفيذ وتشكيل لجنة تنفيذية بقيادة فرنسية وعضوية ممثلين عن الدول المانحة مهمتها الاشراف على عملية التنفيذ برمتها استنادا الى اعلى المعايير الدولية في التزام الشفافية والمسؤولية وجودة الادارة المالية وحسن التطبيق.

على الضفة اللبنانية، استنفار سياسي لمواكبة المرحلة، استنادا الى مواقف رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الذي وعد “أن يبدأ لبنان في تشرين الأول تنفيذ سلسلة من الإجراءات الاقتصادية والمالية المتفق عليها في اجتماع بعبدا المالي، متعهدًا برعاية ذلك شخصيا بالتعاون مع الرئيسين نبيه بري والحريري والقوى السياسية المشاركة في السلطة، من اجل تأمين أكبر قدر من الإنتاجية خاصة لجهة تنفيذ موازنة 2019 بوارداتها وإصلاحاتها.. مما يؤدي إلى ارتفاع معدلات النمو وينعكس إيجابًا على الوضعين الاقتصادي والمالي”.

وفي السياق، توقعت مصادر متابعة لمؤتمر “سيدر” أن توضع مشاريعه الـ٢٥٠ في مختلف القطاعات، على الطاولة الحكومية مطلع أيلول وان تلقى تجاوباً من مختلف القوى السياسية التي تتهيب المرحلة اقتصاديا وماليا، وترى في مشاريع “سيدر” منفذا لإنقاذ الاقتصاد الوطني وتحريك الدورة الاقتصادية وإنعاش القطاعات الإنتاجية، على ان يزور المبعوث الفرنسي المكلف متابعة تنفيذ مقرّرات ​مؤتمر “سيدر” بيار دوكين بيروت بعد نحو اسبوعين للحث على الإسراع في تنفيذ المشاريع، ولقاء المسؤولين اللبنانيين .

غير ان العودة الفرنسية الى لبنان يشوبها شيء من الانزعاج وبعض من العتب، كما تقول اوساط دبلوماسية غربية لـ”المركزية”. فباريس التي لطالما شكلت السند والظهر لبيروت في احلك الظروف وفي عزّ مواسم الازمات والتاريخ شاهد على وقفاتها المتكررة لمنع الوطن الصغير من الانزلاق نحو براثن السقوط المدوي تكرارا والتي كانت لها مبادرات انقاذية كثيرة كان ابرزها في مرحلة استقالة الرئيس الحريري من السعودية حيث لعبت دورا بالغ الاهمية في معالجة التداعيات وطي صفحة استقالته، كما في عقد ثلاثة مؤتمرات دولية من اجل لبنان، امني عسكري في روما خصص لمساعدة الاجهزة الامنية والعسكرية واجتماعي في بروكسل بحث في ملف النازحين السوريين وسبل دعم لبنان في مواجهة الازمة، وثالث اقتصادي في باريس هو مؤتمر سيدر حيث اعلنت الدول المشاركة عن مساعدة لبنان عبر قروض بفوائد متدنية بمبلغ ناهز الـ12 مليار دولار ستبدأ الشهر المقبل الخطوات التحضيرية لتنفيذ مقرراته، هذه الدولة التي كانت لها اليد الطولى في منع لبنان من التهاوي، لم تبادَل الجميل بالمثل، اذ ان اضعف الايمان يقضي بحسب الاوساط، ان تكون لها حصة الاسد من المشاريع وهو ما لم يحصل، حتى ان الدولة اشترت ثلاث فرقاطات من ايطاليا عوض ان تشتريها من باريس التي اعدتها في وقت سابق من ضمن هبة المليارات الاربعة التي جمدتها السعودية. حتى ان رهانها على تنفيذ الاصلاحات لم يكن في محله، اذ تبين لها ان لبنان لم يفِ بما تعهد به، فلم يشكل الهيئات الناظمة لاسيما للكهرباء ولم يعين مجلس ادارة جديدا للاشراف على تنفيذ الخطة، وهو ما ترى فيه محاولة هروب من جانب بعض السياسيين المعنيين من الهيئة الناظمة والاكتفاء بالاستعانة بخبرات البنك الدولي بمبلغ يناهز الـ 4 مليار دولار موجودة لدى البنك قد يستخدمها لبنان لتنفيذ خطة الكهرباء مع شركات اجنبية وليس مع شركة كهرباء فرنسا.

مجمل هذه المعطيات، تبدي الاوساط تخوفها من ان تقود فرنسا الى فرملة اندفاعتها نحو مساعدة لبنان واعادة تقويم الوضع من اجل تعزيز حضورها في تنفيذ مشاريع “سيدر” والافادة من المشاريع التي تعتزم الدول المانحة تقديمها للبنان.