IMLebanon

حزب الله حينما يعد يفي

من العراق الى دمشق، ومن الضاحية الجنوبية الى قوسايا، الفاعل واحد والفعل واحد والمفعول به واحد. اسرائيل تستهدف بالحديد والنار اذرع ايران العسكرية المنتشرة في دول المنطقة العربية. على الارجح هو احد مفاعيل وافرازات الاجتماع الامني الثلاثي الاميركي- الروسي- الاسرائيلي نهاية تموز الماضي، والخطة “ب” التي حددت قواعد المواجهة الاسرائيلية لايران في الميدان بعدما اخفقت دبلوماسيا. فماذا عن الرد الايراني؟ هل ستقف الجمهورية الاسلامية مكتوفة اليدين ازاء انطلاق مسلسل استهدافها عسكرياً وهي في ضيقة اقتصادية لا تحسد عليها وحبل العقوبات يشتد على عنقها الى درجة الاختناق؟ وكيف ستتعامل مع الخطة المستجدة وعلى اي قاعدة؟ هل توّحد ساحات المواجهة ام ترد فردياً وهل تقحم المنطقة في مشروع حرب على قاعدة “عليّ وعلى اعدائي”، علما ان الرئيس الاميركي دونالد ترامب “قال من فرنسا اليوم “أن بلاده لا تبحث عن تغيير النظام في إيران، إلا أنها تريد أن تجعل منها دولة ثرية إن رغبت.”

المتحدث باسم الحكومة الايرانية علي ربيعي أعلن في مؤتمره الصحافي الأسبوعي، أن “يجب على إسرائيل أن تفهم عواقب وثمن عدوانها على العراق ولبنان وسوريا، وأن لهذه الدول الحق في الدفاع عن نفسها”. وأشار إلى أن “الأمين العام لـ”حزب الله”، حسن نصر الله، أوضح أن التصرفات الإسرائيلية لن تمر دون رد”، لافتا إلى أن “إيران تدين أي عدوان من قبل إسرائيل على دول المنطقة وتعترف بحق العراق ولبنان وسوريا في الدفاع عن نفسها.” وشدد على أن “حزب الله قرر بشكل مستقل ولكننا ندعم أي رد دفاعي منه على المعتدين على لبنان.”

جاء كلام ربيعي في اعقاب موقف نصرالله الذي هدد فيه الإسرائيليين بإسقاط طائراتهم المسيّرة، وعدم السكوت على استهدافهم لمواقع الحزب وقتل عناصره. وسرعان ما ردت اسرائيل بغارات صباحية على مواقع للجبهة الشعبية – القيادة العامة في منطقة قوسايا في البقاع الأوسط، في خطوة قرأت فيها اوساط سياسية مطّلعة عبر “المركزية” رسالة رد اسرائيلية مباشرة على نصرالله ( باعتبار ان القيادة العامة تنتمي سياسيا الى محور الممانعة الايراني) مفادها انها لا تأبه لتهديداته بعدما اقتحمت عقر داره بطائرتها المتفجرة في الضاحية مستهدفة دائرته الاعلامية.

لم يعد من مجال للشك ان الدولة العبرية عازمة على احراج واستدراج حزب الله الى المواجهة، كما تشير الاوساط، غير ان السؤال يكمن في المدى التي ترغب اسرائيل في بلوغه وما اذا كانت مستعدة عن حق لفتح حرب غير محسومة النتائج، ام ان رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو المقبل على استحقاقه الانتخابي غير المريح منتصف ايلول المقبل يستخدم هذه الجبهة لتعويم نفسه انتخابيا ورفع حظوظ فوزه بعدما عرتّه سلسلة الاتهامات الموجهة اليه والى زوجته؟

حزب الله الذي توعد امينه العام بالرد في لبنان وليس من مزارع شبعا، لا يمكن الا ان يرد، فهو حينما يعد يفي، كما اثبتت التجارب، بيد انه سيخضع طبيعة رده لعمليات حسابية دقيقة لتؤدي الغرض ولا تؤتي بنتيجة عكسية، تتكرر معها مقولة “لو كنت أعلم”. ذلك انه يدرك اكثر من اي وقت مضى ان دفة الميزان لا تميل لصالحه او بالاحرى لصالح الدولة اللبنانية التي لن يعود له من ملجأ سواها فيما لو أبرمت صفقة التسويات الاميركية- الايرانية النووية، هذه الدولة الواقعة في عجز قاتل على المستويات كافة، تقف عند منعطف خطير، ربما اخطر من استهداف الضاحية في حد ذاتها، يضع مصيرها ووجودها على المحك، ويكاد يحولها الى دولة ساقطة بعد ستة اشهر على الاكثر مع انتهاء مهلة السماح “التصنيفية”. هذا العامل، وعلى رغم قناعة بعض اللبنانيين انه ليس اولوية في اجندة حزب الله الايرانية اولا، لا يمكن الا ان يحضر في طبيعة الرد المنتظرة والمرجح ان تكون محدودة في الزمان والمكان، فلا تُحرج حزب الله امام جمهوره، ولا تستدرجه الى حرب لا طائل منها وليس الزمان زمانها. فمعادلات الـ2006 تبدلت والبيئة الحاضنة تغيّرت وقواعد الاشتباك سياسيا وعسكريا انقلبت رأساً على عقب، تختم الاوساط. وغدا لناظره غير بعيد.