IMLebanon

“أزمة المُسيَّرتين”.. لا ضمانات بعدم الانجرار الى المواجهة

على وقع غليان متصاعد الوتيرة من فوهة “أزمة المُسيَّرتين”، تعيش البلاد سباقًا محمومًا بين مسارَيْ التفجير والتبريد، في وقت يبدي المجتمع الدولي حرصا شديدا على استقرار لبنان، من دون ان يرقى هذا الحرص الى مرتبة توفير ضمانات بلجم اسرائيل عن المضي في عدوانها.

واذا كانت موسكو بما تملك من شبكة علاقات دولية متشعبة مع الجهتين الاصليتين في الصراع، اسرائيل وايران، وعدت لبنان بتفعيل اتصالاتها وبذل الممكن للجم اي تصعيد وفق ما تبين من اتصال رئيس الحكومة سعد الحريري بوزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف امس، حيث أوضح الرئيس الحريري ان لبنان يعوّل على الدور الروسي في تفادي الانزلاق نحو مزيد من التصعيد والتوتر، وتوجيه رسائل واضحة لاسرائيل بوجوب التوقف عن خرق السيادة اللبنانية، واعلنت ​وزارة الخارجية الروسية​ تمسكها بسيادة لبنان واستقلاله ووحدة أراضيه”، فإن واشنطن تبدي ميلاً واضحًا نحو إضفاء مشروعية دولية على حق اسرائيل في الدفاع عن نفسها، بما يبقي شبح المواجهة العسكرية حاضرا ويوجب تفعيل الحراك الدبلوماسي الذي يقوده رئيس الحكومة الى الدرجة القصوى، لأن استمرار اللعب على حافة الهاوية الامنية قد يسقطه في المحظور في اي لحظة.

وفي موازاة حراك الحريري الديبلوماسي المستمر، لمنع استمرار استخدام لبنان صندوق بريد تتطاير عبره الرسائل الاقليمية والدولية على ابواب مفاوضات قد تنطلق بين واشنطن وايران، وتستلزم من بين عدة العمل توجيه مثل هذه الرسائل لتحصين مواقع او اضعافها، حيث شملت اتصالاته الى موسكو، الاتحاد الأوروبي، الذي أكد بدوره “دعمه أمن لبنان وسيادته، بالتنسيق الوثيق مع شركائه الدوليين لتحقيق هذه الغاية”، تفترض خطورة الاوضاع والتحولات المتسارعة على المسرحين الاقليمي والدولي اعلى درجات اليقظة لبنانيا، كما تقول اوساط سياسية لـ”المركزية”، فالوضع يقتضي مزيدا من الحكمة والتبصر في ما قد تؤول اليه الامور، ان تُركت للحالات الانفعالية تتحكم بها وعدم التعاطي ببالغ الجدية مع شأن على هذا القدر من الخطورة، وقد ذاق اللبنانيون دولة وشعبا مرارته في العام 2006 وليسوا مستعدين على الارجح لتكرار هذا السيناريو، علما ان الظروف التي احاطت بالبلاد آنذاك ووفرت مقومات الصمود، لم تعد متوافرة في الحد الادنى منها راهنا في ظل حال الانهيار الاقتصادي الذي تقبع تحته.

وترى الاوساط ان في زمن التحولات الكبرى دوليا، حيث لا يمكن لأي جهة ان تتكهن الى اين تتجه المنطقة، يفترض بأركان الدولة التمسك التام بالسيادة وحصر قرار الحرب والسلم بها، واقفال الباب على اي ” تسريب” من شأنه ان يجرها الى حيث لا يرغب اي من اللبنانيين. وتستشهد في هذا المجال بموقف المنسق الخاص للأمم المتحدة في لبنان يان كوبيتش الذي يجول على كبار المسؤولين في الدولة منبها ومحذراً، وقد اعرب اليوم بصراحة اثر اجتماعه مع رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميل “عن خشيته من تراخي الدولة اللبنانية تجاه امساكها بسيادتها”.

واذا كانت وحدة الموقف اللبناني تشكل السلاح الانضى في مواجهة الخطر الاسرائيلي، فإن هذه الوحدة، تعتبر الاوساط، لا يجوز ان توفر غطاء لأي لبناني، يسعى الى جر البلاد في اتجاه الانغماس في صراعات المحاور التي دفع لبنان وما زال، ثمنها من دماء ابنائه ومقوماته واقتصاده، بحيث يعمل خلف ستار “حق اللبنانيين” الوارد في بيان المجلس الاعلى للدفاع تماما كما ورد في البيان الوزاري، وشكل موضع نزاع حيث تحفظت عليه بعض القوى السياسية، ويستخدمه تفويضا شرعياً للتحرك عسكرياً حيث يرتئي وتتناسب مصالحه العابرة للحدود.