IMLebanon

دولة لبنان المرتاحة (بقلم بسام أبو زيد)

لبنان ليس دولة مأزومة كما يروج أعداؤه، وهو ليس دولة مأزومة كما يراه بعض أهله الذين أعمت بصيرتهم هلوسات وطنية أو ما شابه.

لبنان ليس دولة مأزومة وقد قارب دينه الـ100 مليار دولار.

لبنان ليس دولة مأزومة، لكن اقتصاده متعثر منهار وماليته على شفير الخطر وليرته تحتاج إلى تدابير وتدابير من أجل أن يبقى سعر صرفها ثابتاً.

لبنان ليس دولة مأزومة، لكن حكامه يريدون الدولة مصدر تمويل لأحزابهم وتياراتهم وأنصارهم وأزلامهم ومشاريعهم. يريدون من خزينة ومصالح الدولة بديلا عن مال كان يأتيهم من الخارج فتوقف أو شح.

لبنان ليس دولة مأزومة، لكن هذه الدولة لا قرار لها في الكثير من الأمور ولاسيما في السلم والحرب والتدخل هنا وهناك، وهي آخر من يعلم ببعض ما يجري على أراضيها، وإن علمت لا يُمكن لها أن تحرك ساكنا، فبعض حكامها ومسؤوليها يروجون لهذا الواقع على أنه قوة أو يتواطأون إما خوفاً وإما تحقيقاً لمصالح شخصية.

لبنان ليس دولة مأزومة، لكن فئة كبيرة من مواطنيه معرضة لعقوبات يهدد من يفرضها في كل لحظة أنها يمكن أن تشمل المزيد من الناس والمؤسسات، وآخرها جمال ترست بنك، مع ما لذلك من أثر سلبي على القطاع المصرفي اللبناني الذي يبقى الركيزة الأساس في حفظ اقتصاد لبنان.

لبنان ليس دولة مأزومة، لكنه يعيش دائماً في أجواء الحرب، ويريد تحرير فلسطين ومواجهة أعداء الجمهورية الإسلامية الإيرانية والتدخل في كل الصراعات الإقليمية مع هذا الطرف أو ذاك، ويأتيك من يحدثك عن استثمارات ومشاريع وخطط وحوارات لإنقاذ الوضع وهم يدركون أن في المسألة شبه استحالة.

لبنان ليس دولة مأزومة، لكن أرضه وحدوده مستباحة لكل عدو وصديق، وللانتهاكات والخروقات والتعديات من قبل عدو إسرائيلي، وللتهريب عبر معابر غير شرعية بالتفاهم والتضامن بين بعض من في الداخل وبعض من في الخارج، والأنكى التهريب عبر المرافق والمعابر الشرعية.

لبنان ليس دولة مأزومة، ولكنه لا يستطع أن يتخطى مشاكل الكهرباء والنفايات والتلوث على أنواعه وزحمة السير ومكافحة الفساد وتأمين المستويات الاجتماعية والمعيشية اللائقة لأبنائه، ولأن جيوب المواطنين ومدخراتهم تبقى السبيل الأهون لتمويل الخزينة.

لبنان ليس دولة مأزومة، لكن مؤسساته واستحقاقاته الدستورية تُعطّل سنوات وأشهر، وحكومات الوحدة الوطنية تسودها الخلافات والنزاعات وتديرها المحاصصة ومواقع النفوذ والنكايات.

لبنان ليس دولة مأزومة، لكن تلقي العلم فيه أصبح أمرا صعبا بفعل أن مدارسه وجامعته الرسمية متعثرة، ومدارسه وجامعاته الخاصة أقساطها مرتفعة، والمعلمون يدمنون الإضرابات.

لبنان ليس دولة مأزومة، لكن فرص العمل ضئيلة، وان توفرت فبرواتب منخفضة، وكل ذلك يشجع الشباب على الهجرة الى أي مكان هربا من واقع لا يرون فيه أي أمل لمستقبل مقبل.

كل هذا ويقولون إن لبنان ليس دولة مأزومة، فالنسبة للمسؤولين لبنان دولة مرتاحة أو تُريح نفسها،”ما بدها وجعة راس”، تريد لأعدائها أن يموتوا في غيرتهم وحسدهم، فهم مأزومون ونحن في أحسن حال.