IMLebanon

“الحزب” يسعى لردّ بلا حرب!

كتب حسين عبد الحسين في “الراي الكويتية”:     

قبل ايام من قيام «حزب الله» اللبناني بشن هجوم عسكري ضد اهداف اسرائيلية في مزارع شبعا المتنازع عليها، رداً على اغتيال جهاد عماد مغنية، بضربة جوية في الجولان السوري في كانون الثاني 2015، استلم وزير الخارجية الاميركي جون كيري «إيميلاً» من نظيره الايراني محمد جواد ظريف، قال فيه انه «في حال قام حزب الله بالرد» عبر الحدود اللبنانية الاسرائيلية، فان الحزب «ليس مهتما بالتصعيد تجاه حرب شاملة مع الاسرائيليين».

فهمت ادارة الرئيس باراك أوباما، يومذاك، ان الإيرانيين كانوا يستخدمون قناة ظريف – كيري لايصال رسالة للاسرائيليين بان الحزب ينوي تنفيذ هجوماً محدوداً، وانه ليس راغباً في حرب. بعد ايام، سدد «حزب الله» ضربة بصاروخ مضاد للدروع ضد هدف اسرائيلي في مزارع شبعا، ما ادى الى مقتل جنديين اسرائيليين، وجندي اسباني من قوة حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة (يونيفيل)، وجرح سبعة اسرائيليين. ولعلمها بنوايا الحزب، تفادت تل أبيب التصعيد باتجاه حرب شاملة.

هذه الايام، يجد «حزب الله» نفسه في موقف مشابه، انما في غياب قناة الاتصال الايرانية – الاميركية… يسعى لشن ضربة لحفظ ماء الوجه بعد قيام اسرائيل بهجوم أو اكثر، ربما أحدها بطائرات مسيّرة في الضاحية الجنوبية لبيروت، والثاني ضد معسكر تابع لاحدى التنظيمات الفلسطينية المسلحة في لبنان. كانت الرسالة الاسرائيلية للبنان مفادها بان جمود الجبهة بين البلدين – لاسباب كثيرة تتصدرها فداحة أي حرب في حال اندلاعها – لا تعني انه يمكن تحوّل لبنان الى مقرّ عمليات لشن هجمات ضد الدولة العبرية، من الاراضي السورية او حتى العراقية.

ومنذ الهجوم الجوي فوق لبنان، الاسبوع الماضي، رصد الاسرائيليون والاميركيون عدداً من رسائل «حزب الله»، لكنها جاءت في معظمها عبر الاعلام، ربما بسبب غياب قنوات اتصال مثل قناة ظريف – كيري. هذه المرة، مثل قبل اربع سنوات، يسعى الحزب لشن هجوم محدود عبر الحدود، يؤدي الى مقتل اسرائيليين او ثلاثة، من دون ان يتسبب ذلك في حرب شاملة بين الطرفين. هذه المرة، عمد الحزب الى توجيه رسائله حول نيته شن عملية محدودة وتفادي الحرب الشاملة بشكل مفتوح، وعبر الاعلام. التقط الاسرائيليون والاميركيون الرسائل، ولكن اسرائيل ترفض كشف رد فعلها او تقديم ضمانات للحزب بانها لن تصعّد المواجهة نحو حرب شاملة.

ويعتقد المتابعون الاميركيون انه على الرغم التشابه في اوضاع الأزمتين في العام 2015 واليوم، الا ان المسؤولين الاسرائيليين يرفضون ذلك. وينقل اميركيون عن اسرائيليين انه في 2015، لم تكن تل أبيب تعلم ان مغنية كان في الهدف الذي اغارت عليها مقاتلاتها جنوب سورية، وانها وقتذاك تفهمت ان الحزب مضطر للرد من دون التصعيد نحو حرب.

لكن هذه المرة، ينقل الاميركيون عن اسرائيليين، ان الوضع مختلف، اذ ان اسرائيل لم تبادر الى شن هجمات ضد أي اهداف لبنانية، بل هي تعاني من تحويل «حزب الله» لبنان الى قاعدة تآمر وتخطيط ضد سلامتها وسلامة اراضيها، وهو ما يجبرها على «رد الفعل عبر القيام بابطال مفعول المخربين عند انطلاقهم من لبنان او مرورهم فيه».