IMLebanon

جعجع: “أرانب السياسة” تفتعل بهلوانيات

حيّا رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع “من معراب الشهداء، شهداء لبنان شهداء المقاومة اللبنانية وشهداء “القوات اللبنانية” الذين لولاهم لما كنا الآن هنا ولا كانت معراب ولا كانت بعبدا ولا كانت دولة”.

وأضاف، في كلمة بعد قداس ذكرى شهداء المقاومة اللبنانية في معراب: “أقدمنا على خطوة انتخاب العماد ميشال عون رئيسًا للجمهورية على الرغم من الخصام التاريخي الذي كان قائمًا بيننا لأسبابٍ وجيهةٍ وحيوية”.

ولفت إلى أن “تحقيق المصالحة التاريخية بين “القوات” و”التيار” من خلال تفاهم معراب الذي هو كناية عن اتفاق شراكة حقيقية بين أكبر حزبين مسيحيين مثلما يجري بين أعرق الأحزاب الديموقراطية في العالم كله وليس اتفاقا لتقاسم الحصص كما يحلو للبعض وصفه. ولكن ما كل ما يتمنى المرء يدركه تم الانقضاض على اتفاق معراب والتنكر له والتنصل من موجباته وكأن الطرف الآخر أراده لمجرد الوصول إلى الرئاسة ومن بعدها فليكن الطوفان”.

وأردف: “لو أن الطرف الآخر تنصل فقط من اتفاق الشراكة السياسية بينه وبين “القوات” لكان الأمر مفهومًا في إطار الجشع السياسي وحب التفرد بالسلطة والاحتكار ولكنه تنصل أيضًا من ورقة النقاط العشر التي تليت أمام الرأي العام والإعلام في معراب وبحضور الفريقين والتي تعنى مباشرةً وبشكلٍ واضحٍ وصريحٍ بقيام الدولة السيدة القوية القادرة المسؤولة وحدها عن مصير شعبها. أما المؤسف أشد الأسف أن العهد الذي أردناه وما زلنا عهد استعادة الدولة من الدويلة عهد بحبوحةٍ وازدهارٍ لم يكن حتى اليوم على قدر كل هذه الآمال إن لم نقل أكثر”.

وقالل: “الشيء بالشيء يذكر يكفينا فخرا أن رئيسًا من صفوفنا أمضى عشرين يوما ويوما فقط كرئيسٍ منتخبٍ فقط ومنذ سبعةٍ وثلاثين عاما وما زال اللبنانيون حتى اليوم يترحمون على عهده، بشير حي فينا. الدولة القوية التي أردنا قيامها من خلال هذا العهد باتت اليوم تخسر أكثر فأكثر من رصيدها ومقومات وجودها في شتى المجالات والميادين، فأنياب الدويلة بارزةٌ أكثر من أي وقتٍ مضى وأركان الدولة بالذات يمالئون الدويلة ويغسلون أيديهم من الدولة”.

واعتبر أنه “سقط مفهوم الدولة فقدت هيبتها تراجعت دولة القانون اهتزت صورة القضاء غابت وحدة المعايير وحضرت الزبائنية والمحسوبية والاستئثار بأبهى حللها استشرى الفساد وتسييبت المعابر الشرعية وغير الشرعية ومن أين يرجى للبنان تقدمٌ وسبيل حكامه غير سبيله. كما سوء إدارة مؤسسات الدولة مقرونا بغياب الكفاءة وارتفاع نسبة الفساد والهدر والمحسوبيات أدت إلى تردي الأوضاع المالية للدولة مما أدى بدوره إلى خفض تصنيف لبنان الائتماني وضرب صورة لبنان المال والاقتصاد في العالم. صحيحٌ أن واقع لبنان المتأزم لا ينفصل عن واقع المنطقة من حروبٍ وتجاذباتٍ إقليميةٍ ودولية لكن لا يمكن للبعض أن يضع الحق دائما على الطليان لتبرير عدم قيام دولةٍ فعليةٍ في لبنان أو لتبرير انخراطه في عمليات الهدر والفساد، فلنقم بواجبنا البديهي تجاه الوطن والمواطن نصل إلى بر الأمان على الرغم من ظروف المنطقة”.

وتابع: “لن نبتلي بالمعاصي حتى لا نستتر ونستر معنا المبتلين بها وستبقى ضمائرنا متحررة من كل قيدٍ أو شرطٍ وستبقى لغتنا واحدةً في السر وفي العلن وستبقى حناجرنا تصدح بالحق وتشهد للحقيقة مهما كانت صعبة، هكذا نشأت القوات اللبنانية وهكذا ترعرعت وكبرت وهكذا ستبقى. إذا رأيتم أحزابا أخرى تغدق على محازبيها الوظائف والخدمات على حساب بقية اللبنانيين وعلى حساب مصلحة الدولة العليا فلا تتوقعوا أن تجاريهم القوات في سلوكهم. فـ”القوات” لا تريد توظيف شخصٍ لأسبابٍ انتخابية لتحرم بقية اللبنانيين من إداراتٍ منتجة بالمقابل فإنها تريد خلق استقرارٍ نقدي واقتصادي طويل الأمد يؤمن فرص عملٍ لكل فردٍ من أفراد المجتمع”.

زأشار إلى “لمن يعيرون “القوات اللبنانية” بأنها دخلت جنة السلطة ولم تستطع تغيير الكثير نقول صحيحٌ أن السلطة جنة لغيرنا، لكنها حمل ومسؤولية لنا لم ندخلها إلا لتحقيق أحلامكم لكن قدرتنا على تحقيق الاحلام هي بقدر الثقة التي منحتمونا إياها ولو منحتمونا ثقةً أكبر لكنا فعلنا أكثر ووصلنا إلى ما تأملون”.

وشدد على أن “محاولات عزل ومحاصرة القوات من الأقربين والأبعدين ليست جديدةً علينا بل هي ملازمةٌ لمسيرتنا التاريخية. إن أغلى ما تملكه القوات في رصيدها الوطني بالإضافة إلى إرث الشهداء والمصابين والمخفيين قسرا في سجون الأسد هو كرامتها وكلمتها وواجبها واستقامتها ومصداقيتها تجاه شعبها ونفسها ولن تفرط بهذا الرصيد أمام اي شيء أو أي كان، ولن ينالوا منا حاول قبلهم كثيرون وفشلوا والذين يحاولون اليوم فاشلون أصلاً كلما حاولوا إضعافنا ومحاصرتنا في السلطة تعلق الشعب بنا أضعافاً مضاعفة وكلما أرادوا حرماننا من موقعٍ سياسي نستحقه أصبح جمهورنا أقل تمسكاً بكل المواقع والخدمات وأكثر عطاءً لقضيته. كلما تعرضنا للإجحاف والتضييق كلما ازداد إنصاف الشعب اللبناني لنا من كل الطوائف والفئات وشرعت امامنا ابوابٌ وساحاتٌ جديدة ومن جرب محاصرة القوات وإقصاءها من جديدٍ كان جاهلاً بالتاريخ وهو كذلك”.

وقال: “صحيحٌ أن بعض أرانب السياسة اليوم تتوهم بأنها تسابق القوات بمجرد انها تقفز يمينا ويسارا وتصدر الأصوات والضوضاء وتركض سريعاً أمامنا وتخلف على دربنا الحصى وتثير الغبار لكنها مهما ركضت وقفزت وافتعلت بهلوانياتٍ تبقى مجرد أرانب وتبقى القوات هي الأساس. فادعاء البعض بأنه يعمل لتحقيق الشراكة المسيحية الكاملة في الدولة هو ادعاء حق يراد به باطل وإن الضنين بتحقيق الشراكة المسيحية في السلطة لا يسعى لتهميش جميع المسيحيين الذين لا يدينون له بالولاء ويحرمهم حتى فرصة المنافسة الشريفة. إن تحقيق الشراكة لا يكون بتزكية مبيضي الوجوه والانتهازيين الصغار في الدولة لأننا بالنهاية سنعود وندفع كمسيحيين وكلبنانيين ثمن إدارة فاشلة فاسدة كما ثمن التفرد والاستنسابية في الاختيارإن الحريص على الحضور المسيحي في الدولة يجب أن يكون حريصا على الدولة بالدرجة الأولى”.

وسأل: “فماذا ينفع الشراكة المسيحية إذا ربح المسيحيون وظائف في الدولة والدولة بحد ذاتها مغتصبة الصلاحيات وعلى شفير الإفلاس إن تأمين التوازن في الدولة لا يكون بدعم سلاحٍ خارج الدولة والاستقواء به على باقي المسيحيين واللبنانيين وتأمين التوازن في الدولة يبدأ بتأمين الدولة حرةً سيدةً مستقلةً وبالتعاون والتفاهم مع باقي المسيحيين واللبنانيين. إن “القوات اللبنانية” تعلنها من هنا أن المسيحيين براءٌ من هكذا دعواتٍ مزيفة فالمسيحيون يعرفون صالحهم جيداً ويعرفون من دافع بالفعل عنهم وعن حقوقهم بالعرق والدم والدموع وليس بالطنطنة وافتعال المعارك الوهمية والحرب بطواحين الهواء، لنصل إلى شبه دولةٍ يعشعش فيها الأزلام والفاسدون حافظنا على الشرعية عندما دق الخطر على ابواب الدولة وهم وبكل بؤسٍ ووقاحة يسخرون الشرعية لخدمة الدويلة في زمن قيام الدولة”.

وسأل جعجع: “لماذا وصلنا إلى ما وصلنا اليه؟ مجموعة من الأسباب أهمّها أنّ المواطن اللبنانيّ محروم وممنوع من الوصول الى دولة فعليّة تحقّق له تطلّعاته بحكم وجود دويلة داخل الدّولة، دويلة تصادر القرار الاستراتيجيّ، وتقيم اقتصادا موازياً، ولا تتورّع عن استخدام وسائل عنفية مدانة لمحاولة تطويع معارضيها وكمّ أفواههم. وهذا ما تسبّب طيلة العقود الأخيرة وحتّى اليوم بتشويه الحياة السياسيّة في لبنان، والوصول الى دولة معتورة وغير سوية”.

ولفت إلى أن “من اسباب التدهور ايضاً هو القصور في إدارة الدّولة، والعقليّة الزبائنيّة التي تحكّمت بها. فتحوّلت مؤسسات الدولة وإداراتها إلى مكاتب انتخابيّة للبعض. سبب اضافي استجد لتدهور الدّولة وهو أنّ بعض الجماعات التي كانت تنتقد كلّ الممارسات الشاذّة داخل الدّولة، من سرقة وهدر وفساد ومحسوبيّة وتوريث وعائليّة، أصبحت هي نفسها عندما وصلت الى السّلطة، الشّريك الأساسيّ والمضارب في هذه الممارسات كلها. وهذا يدلّ على أنّ انتقاد هذه الجماعات نابع بالأساس من عدم إشراكها بالمحاصصة وتقاسم المغانم، وليس من حرصها على الدولة والماليّة العامّة”.

وقال: “أن تكون ضدّ الفساد، لا يعني بأن تتحفنا ليل نهار بالشّعارات وقصائد الزجل، وفي الوقت نفسه وزارة كوزراة مكافحة الفساد، لا تضبط فاسداً كبيراً واحداً ولا سرقة كبيرة واحدة طوال سنتين. ثمّ يعودون ويلغون الوزارة ، ويبقى الفساد. حسبنا الله ونعم الوكيل. كم من الصفقات ترتكب باسم مكافحة الفساد. من جهة ثانية، وهذا المثير للعجب والدّهشة، نجد أنّ بعض أركان السّلطة هم اكثر من يمعن في السّلطة تدميراً وفي العهد تشويهاً، والا كيف نفسّر بأنّهم هم من تسبّب بالاضطراب السياسيّ الذي ساد البلاد في الأشهر الأخيرة، وصولا إلى تعطيل الحكومة نحو شهر ونصف، فيما نحن بأمسّ الحاجة إلى كلّ دقيقة عمل وزاريّ؟ كيف نفسّر أنّ بعض أصحاب السّلطة بالذات أكثر من يساهم في تسيّب الدولة، وتفشّي المحسوبيّات، وفتح دكاكين التوظيف العشوائيّ، والاستئثار وعرقلة عمل الدّولة، وأيضاً وايضاً، الفساد ثمّ الفساد ثمّ الفساد”.

وتابع: “ما نقوله ليس غريباً عنكم،فأنتم تعرفونه وتشعرون به وتقاسون الأمرّين من تبعاته. إنّ الأمل بالنّهوض من هذا الواقع ليس مفقوداً، وهو لا يستلزم لا خططاً اقتصاديّة مكدّسة في الأدراج، ولا خرائط طريق أتخمت بها الملفّات، ولا دراسات متوافرة بالأطنان. إنّ ما ينقصنا بالفعل هو رجال دولة. رجال دولة يسهرون على مصالح الناس وحسن سير إداراتها، ويعطون مثالاً صالحاً للمواطنين في النّزاهة والتّجرّد والاستقامة والإنتاجيّة. لا يعتقدنّ أحد أنّ لبنان أصبح خاليا من هذا النموذج من الرجال، وهو موجود أمام أعيننا. إنه نموذج القوات اللبنانيّة في الدولة والذي يسعى بعض المتضرّرين لتهميشه وتطويقه واستهدافه وشلّه لا لسبب سوى لأنه لا يشبههم  لا بل يضيء على عوراتهم مهما حاولوا ستره”.

وقال: “في مقابل كلّ تهم الفساد والزبائنيّة واستغلال مقدّرات الدولة التي تلاحق آخرين، تبرز صورة “القوات اللبنانيّة” في عملها النيابيّ والوزاريّ بيضاء ناصعة. فـ”القوات” تلتزم معايير محددة وواضحة إن في العمل النيابيّ أو في الوزارات التي تسلّمتها، بينما غيرها يخضع الوزارات والمؤسسات لمعاييره واستنسابيّته ومزاجيّته. “القوات” تعمل على أن يكون الرجل المناسب في المكان المناسب وبالآليّة القانونيّة المناسبة، بينما غيرها يعمل على أن يكون الرجل المستزلم في المكان ولو غير المناسب ولو بطرق ملتوية غير مناسبة. “القوات” لا تؤمّن الخدمات إلّا بما يسمح به القانون ومن دون تمييز أو تفرقة حزبيّة او سياسيّة او طائفيّة او مناطقيّة، بينما غيرها “يبخشش” وظائف وخدمات من جيب الدّولة والنّاس من دون أدنى أسس علميّة او معايير موحّدة ولمجرّد تحصيل أصوات انتخابيّة هائمة. “القوات” تحوّل كلّ حجر رذله البنّاؤون في بناء الدّولة الى حجر زاوية في بناء الوطن، وغيرها يحوّل أحجار الزاوية في الدّولة إلى أحجار شطرنج يموت فيها الجميع ليحيا واحد فقط”.

وشدد على أن “كل الوزارات التي تولتها “القوّات اللبنانيّة” تحوّلت إلى حجر الزاوية في بناء دولة القانون والمؤسّسات. المثال الأكثر حداثة على ذلك تمثّل بوزارة العمل التي كانت وزارة يتهرّب منها الجميع وعـــيّرنا لقبولنا بها، ولكنّها مع القوات تحوّلت في فترة قياسيّة إلى وزارة أساسيّة تخطف الأضواء وتستقطب الإعلام وتتحدّد منها معايير القرارات السياديّة، على الرّغم من المحاذير والمطبّات والمخاطر والعراقيل التي حاول البعض وضعها أمام تدابير الوزارة. فانتظم العمل فيها بسرعة قياسية بعد طول فوضى وفساد، واتى قرار واحد اتخذته الوزارة، أمن آلاف فرص العمل للّبنانيين، وأعاد للدّولة اللبنانيّة هيبتها، ووضع وزارة العمل في مصاف الوزارات الأساسيّة، وشكّل نموذجاً متطوّراً للعمل الوزاريّ السّليم، ولن نتراجع عنه مهما كانت الضغوط. مطرح ما في قوات، في دولة فعلية، في جمهورية قوية”.

وتطرّق جعجع إلى الصراع العربي الإسرائيلي وقال: “إنّ التزام لبنان الصّراع العربيّ الاسرائيليّ هو امر مسلّم به انطلاقاً من إيماننا العميق بعدالة القضيّة الفلسطينيّة من جهة، ومن مبدأ التضامن العربيّ ووجود لبنان ضمن جامعة الدول العربيّة من جهة ثانية، ولكنّنا لا نفهم وفق ايّة أسس ومعايير يريد أحد الأطراف اللبنانيين اليوم الزجّ بلبنان وشعبه، ويمكن زجه وخلص، في أتون المواجهة بين الولايات المتحدة وايران؟ من غير المسموح أن يفرض على اللبنانيين أمر واقع بهذه الخطورة ليسوا معنييّن به بالأساس. وماذا يمكن للبنان أن يغيّر أصلاً في مجرى مواجهة بهذه الضّخامة، في حال تمّ جرّه الى أتونها، سوى أن يتلقى الضّربات من كلّ الاتّجاهات ويدفع ابناؤه الأثمان الباهظة من أرواحهم وممتلكاتهم ومستقبل أولادهم. من غير المقبول أن يوضع لبنان أمام احتمال حرب مدمّرة لا ناقة له فيها ولا جمل. وماذا يبقى أصلاً من هيبة الدّولة ومن مقوّمات العهد القويّ، إذا كان القرار الاستراتيجيّ الأوّل والأخير في يد أطراف خارج مؤسّسات الدّولة، والدولة تبصم وتمشي”.

ولفت إلى أن “التمادي في الأدبيّات الوطنيّة بشكل ببّغائيّ وفي غير موقعها الصّحيح، يخدر الرأي العام ويقوده إلى الهاوية ومن دون أن يدري. إنّ الحكم الحقيقيّ هو استباق ودراية وتجنيب المواطنين الويلات والشّرور، وليس حفل زجل ينتهي، وهكذا علّمنا التاريخ، بتراجيديا إغريقيّة لا يعود النّدم ينفع معها. من هذا المنطلق، ندعو فخامة رئيس الجمهوريّة الى اتّخاذ موقف واضح وحاسم وشفّاف من هذه المسألة التي لا تحتمل المزايدات، وطرح الموضوع على مجلس الوزراء، بالتّوازي مع توجيه رسالة الى مجلس النوّاب يضع الجميع فيها أمام مسؤوليّاتهم. إذا كان رئيس البلاد قد وجّه رسالة الى مجلس النّواب من اجل مجموعة من الموظفين، فكيف بالحريّ إن تعلق الأمر بأرقاب وأرزاق ملايين اللبنانيين؟ إنّ مسألة بهذه الخطورة تستوجب المعالجة بهذه السّرعة وهذا الحسم وعلى هذا المستوى، قبل خراب البصرة وحريق روما، لا سمح الله”.

وشدد على ان “لبنان والشعب اللبنانيّ قام بكلّ ترحيب وضمير بواجباتهم الإنسانيّة والأخلاقيّة تجاه اللاجئين السوريين منذ أكثر من ثماني سنوات وحتّى اليوم. إلّا أنّ بلوغ الواقع الاقتصاديّ ما بلغه أخيراً وضع اللبنانيين أمام خيار المفاضلة بين لقمة عيشهم هم ومستقبل أولادهم ووجودهم بحدّ ذاته، وبين بقاء اللاجئين السوريين”.

ولفت إلى أن “الواقعين الاقتصاديّ والاجتماعيّ لا يسمحان ببقاء اللاجئين السوريين أكثر من ذلك بعد على أرضنا، وإلاّ تعرّض النّسيج الاجتماعيّ اللبنانيّ المركب للتّفسخ والاختلال، والوضع الاقتصاديّ للانهيار أكثر ممّا هو عليه بعد، ووقع لبنان في المحظور، فضلا عن المخاطر الأمنيّة الكامنة في وضعيّة مماثلة”.

واعتبر أن “الحلّ المثاليّ والمبدئيّ الأوّل بالنّسبة لنا لحلّ أزمة اللاجئين السورييّن، يكمن برحيل النّظام في سوريا، وإقامة نظام ديموقراطيّ عادل يعيد لمّ شمل الشّعب السوريّ تحت جناحيه داخل اراضيه.وبانتظار هذا الحلّ، هناك حلاّن آنيّان بات من المحتّم اعتماد أحدهما: إمّا إقامة منطقة آمنة في سوريا بحماية روسيّة مباشرة وإشراف الأمم المتّحدة يلجأ إليها اللاجئون السّوريّون، وإمّا توزيع اللاجئين السوريين على الدّول العربيّة التي لن تتأثّر لا اجتماعياً ولا حتّى اقتصاديّاً من جرّاء ذلك، على اعتبار أنّ عدد اللاجئين الذين ستستقبلهم كلّ دولة على ارضها لا يمكن أن يؤثّر، لا على نسيجها الاجتماعيّ المتجانس أصلاً، ولا على واقعها الاقتصاديّ. فللمتشدّقين ليل نهار بموضوع اللاجئين السوريين، أنيروا بالله عليكم بحكم موقعكم شمعة صغيرة من خلال جولات خارجية على الدول المعنية واتصالات حثيثة معها بدل التّلهّي بجولات داخلية وخطابات رنّانة لا تشبع ولا تروي. هذا الجهد وحده هو الكفيل بإعادة اللاجئين السوريين، وليست التّصاريح والزجليّات والمواقف الكلاميّة”.

وأوضح أن “قداس شهداء “القوات اللبنانيّة” هذا العام يتزامن مع مناسبة  وطنيّة  أخرى تتمثّل بالذكرى السنوية الواحدة والأربعين لتغييب سماحة الإمام  السيد موسى الصدر ورفيقيه. موسى الصدر صاحب العقل المنفتح والثقافة الواسعة، موسى الصدر الثائر على الظلم والإقطاع والتحكم والاستئثار. ونستذكر في هذه المناسبة مواقف الإمام المغيّب، وتحديداً لجهة تمسكه بالدولة اللبنانية ورهانه عليها وتشديده على مرجعيتها وتأكيده على أولويّة المصلحة اللبنانية على ما عداها من مصالح. اعادك الله الينا سيد موسى وانار عقول الآخرين”.

ووجّه جعجع تحيّة من القلب والعقل والوجدان إلى اللبنانيين أمّهات وآباء، شابات وشبّانا”.

وقال جعجع: “نحيي هذه السنة ذكرى الشهداء وفي قلبنا غصّة، وفي قلب شهدائنا بالمقابل فرح وغبطة، فقبل أشهر قليلة غادرنا بطريرك كبير من بطاركة الموارنة العظماء الذين خلدوا ذكراهم وأعمالهم في سجلّات المقاومة والصّمود على هذه الأرض، غادرنا ليلتحق بالشّهداء والأبرار والقدّيسين في ربوع الآب السّماويّ. فما من مجد أعظم من ذلك. غبطة ابينا البطريرك صفير نفتقدك اليوم بالذّات، ونفتقد حضورك في هذه الأيّام البائسة بالفعل. نفتقدك بحزن ممزوج بالفرح والرّجاء، لأنّنا خسرناك قيمة روحيّة، ورمزاً تاريخياً وقامة وطنيّة تبخل الأيّام بمثلها في كلّ الظّروف، وحارس الهيكل، وحارس الحرّاس، ولو أنّنا ربحناك شفيعاً لنا وللبنان في السّماء”.

وختم”اللّبنانِيين يطمئِنّون إِلى الدولةِ القادِرةِ والعادِلة والطموحة. إلى دولةِ المؤسّساتِ السليمة والإِنماءِ المتوازِن، إِلى دولةِ الدستورِ والقانونِ والنِظامِ دون تلاعب. إِلى دولةِ السِيادةِ الكامِلة الحقّة والحرِّيةِ المسؤولةِ الحقّة والدِيمقراطِيّةِ النزيهةِ الحقّة، إِلى دولةِ الصِدقِ والأمانةِ والأخلاق. إلى دولةِ الجودةِ لا دولةِ المذلّة. كفانا تلوّث العقولِ والذِهنيات والسلوكِيّاتِ قبل النِفايات. نريد أفعالا لا أقوال. كفانا تصاريح مِن هنا وتصاريح مضادّة مِن هناك، كفانا نبش دفاتِرِ الأيام. لقد مجّ المواطِن اللّبناني هذه المهاترات. هل نعتبِر مِن قولِ أحدِ الحكماء: ” من كثر كلامه، كثر خطؤه. ومن كثر خطؤه، قلّ حياؤه. ومن قلّ حياؤه، مات قلبه؟”.

كما شكر البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعس ورئيس مجلس الوزار والنواب.