IMLebanon

رسالة دوكان اللبنانية: “أيها المسؤولون استفيقوا!”

فيما كانت كل المعطيات والتوقعات تشير الى ان الموفد الفرنسي المكلف متابعة مقررات مؤتمر “سيدر” بيار دوكان يزور بيروت للاستماع الى ما لدى المسؤولين ازاء ما بلغته حراجة الاوضاع، فاجأ سفير “سيدر” الاوساط السياسية والاقتصادية والمالية بمؤتمر صحافي عقده في المركز الثقافي الفرنسي، هو الاول من نوعه في لبنان منذ انعقاد المؤتمر الدولي، اضاء فيه بوضوح على مكامن الخلل وحدد طريق الاصلاح المطلوب بإلحاح وسريعا “لأن الوضع طارئ للغاية ولا يمكن ان نجد اي مؤشر اقتصادي او مالي غير سيئ.”

رسائل دوكان كثيرة، والارجح اكثر مما توقع البعض. الموفد الفرنسي وضع نقاط الاصلاح على حروف الخلل، وتحدث عن علاجات بنيوية يفترض الاقدام عليها بعيدا من الاطار الشكلي المعتمد حتى الساعة، ما يعني عمليا ان كل المقاربات اللبنانية لم تلامس الهدف المنشود من اجل اخراج لبنان من الازمة، وإذا بقيت السياسات المعتمدة على حالها فإن لبنان سيكون عاجزا عن تجاوزها.

وتعتبر مصادر سياسية مراقبة، عبر “المركزية”، ان دوكان الذي “بق البحصة” للمرة الاولى على هذا النحو، وأبلغ رسائله الى “من يعنيهم الامر”، حدد مكمن الخلل الاساسي بإعلانه أن “60 في المئة من العجز يأتي من كهرباء لبنان، وبالتالي لا بد من التصرف إزاء هذا الأمر”، وأراد بإعلانه هذا الاشارة، ولو بطريقة غير مباشرة، الى ان السياسات المعتمدة في هذا القطاع غير مجدية ولا بد من تغييرها. وتذكّر بأن ملف الكهرباء لطالما شكّل عنوان اشتباك اساسيا بين القوى التي كانت منضوية في حكومة “استعادة الثقة” التي لم تستعدها يوما، لا بل فقدت ما تبقى منها مع بلوغ الاوضاع ما بلغته بفعل المعالجات غير المجدية المرتكزة الى قاعدة التنفيعات وتقاسم الحصص وجني الارباح على حساب خزينة الدولة. كلام دوكان يفترض، بحسب المصادر، ان يشكّل الضغط الكافي على طرفين في الحكومة يرفضان الاعتراف بالواقع الكهربائي المرير والاتجاه الى المعالجات الجدية.

وفي تعويل بعض المسؤولين على النفط والغاز لإنقاذ البلاد من براثن السقوط، قال دوكان ايضا كلمته التي يمكن اعتبارها مثابة حث على اعادتهم الى الواقع والنزول عن شجر “الاوهام” او على الاقل الآمال غير المقرونة بأفعال اقله حتى الساعة. قال المسؤول الفرنسي صراحةً إن “اكتشاف النفط ليس الحل السحري الذي سيحل كل الصعوبات التي واجهها لبنان، هذا أمر إيجابي لكننا لم نصل إليه بعد، وهذا أمل خاطئ وليس الطريق المناسب الى الأمام.”

لم يأت دوكان، بحسب المصادر، ليزيد الى وضع اللبنانيين الميؤوس منه يأسا، غير انه تعمّد تصويب البوصلة نحو مكامن الخلل الحقيقي ووجوب معالجتها بالدواء الناجع الشافي المتمثل بالاصلاحات المطلوب “الا تكون ارضاء للخارج وإنما لخدمة الشعب والمؤسسات اللبنانية وللنهوض باقتصاد لبنان”. وتوضح ان ما قاله دوكان ليس جديدا على اللبنانيين، فهم سمعوه من اكثر من طرف سياسي، لاسيما من حزبي القوات اللبنانية والكتائب، اللذين لم ينفكا يقدمان الخطط والحلول من دون ان يتم الاخذ بأي منها، وقد ذكر دوكان بعضها، لاسيما ضبط الجمارك ووقف التهرب الضريبي والتعاقد الوظيفي.

خلاصة واحدة يمكن استنتاجها من مؤتمر دوكان “اللبناني” بعد جولته على الرؤساء والوزراء المعنيين: “ايها المسؤولون استفيقوا… إصلاحاتكم شكلية وإجراءاتكم ليست على قدر المطلوب ولا تتلاءم مع الاجندة الموضوعة دوليا، صوبوا اداءكم وخذوا في الاعتبار النصائح الدولية، فلبنان موضوع تحت المجهر الدولي ولدى الجهات المانحة “تشكيك ارتفع في الاسابيع والاشهر الأخيرة” ولو انها لا تزال جاهزة لتقديم الدعم… فاحذروا”.