IMLebanon

الهجوم على معوض استهداف أم غباء؟

استغربت مصادر متابعة الحملة العنيفة التي شنّتها جيوش الكترونية على رئيس “حركة الاستقلال” النائب ميشال معوض بعد موقفه العالي النبرة والرافض لمضمون خطاب الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله في ذكرى عاشوراء.

مرد الاستغراب الأول هو أن الهجوم على معوّض تركز من جيوش الكترونية تعود لأحزاب كانت ضمن 14 آذار سابقاً كـ”القوات اللبنانية” مثلاً، والتي يُفترض أنها تتلاقى مع معوض في المواقف السيادية ورفض سلاح “حزب الله” ورفض جرّ لبنان إلى المحور الإيراني، فلماذا انتقاد معوض على ثباته على مواقفه من هذه القضايا والملفات؟ والمضحك- المبكي أيضاً أن يندرج هجوم مماثل في جريدة “المدن” الالكترونية ما يدلّ على “عقم فكري” لدى من كتب مانشيتتها!

أما إذا كانت الذريعة انتقاد تحالفه في الانتخابات النيابية الأخيرة مع “التيار الوطني الحر”، فالجدير ذكره أن “القوات” سعت أيضاً في مرحلة ما للتحالف مع “التيار” انتخابياً إلا أنه تبيّن لها أن طبيعة قانون الانتخابات النسبي والصوت التفضيلي تعطيها مكاسب أكبر فيما لو شكلت لوائحها منفردة، وهذه الحسابات هي التي أملت تحالفات “القوات” انتخابياً وليس أي حسابات سياسية أخرى أو أي مبادئ. أما من ناحية معوّض فأعلن وكرّر منذ اليوم الأول أنه يتحالف مع “التيار” انتخابياً على عناوين دعم العهد وتحقيق الشراكة الوطنية واستعادة التوازن في زغرتا الزاوية ويختلف معه على العناوين السياسية المتعلقة بسلاح “حزب الله” والموقف من النظام السوري ورفض الانخراط في محاور إقليمية إضافة إلى إصرار معوّض على نهج علاقاته المميزة عربياً مع السعودية والإمارات (هذا ما يفسّر العلاقة الوطيدة مع السفير السعودي في لبنان وليد البخاري الذي زار قبل أيام مؤسسة رينه معوض) وغيرها ودولياً مع الدول الأوروبية والولايات المتحدة خصوصاً (وهذا ما يفسّر إصرار كبار المسؤولين الأميركيين على زيارة معوض في منزله كلما زاروا لبنان وآخرهم وزير الخارجية مايك بومبيو الذي لبّى دعوة معوض إلى عشاء سياسي على شرفه). وقد ظهرت استقلالية معوّض حتى داخل تكتل “لبنان القوي” تكراراً فهو على سبيل المثال لا الحصر رفض التصويت للرئيس نبيه بري في انتخابات رئاسة مجلس النواب كما رفض انتخاب “زميله” في التكتل النائب ايلي الفرزلي نائبا لرئيس مجلس النواب رغم قرار التكتل، وهو يختلف مع مواقف التكتل في كل مرة يُطرح ملف له علاقة بسلاح “حزب الله” أو العلاقة مع سوريا.

مرد الاستغراب الثاني هو أنه إذا كان التحالف مع “التيار الوطني الحر” في الانتخابات النيابية جريمة، فبماذا يمكن وصف انتخاب العماد ميشال عون رئيساً للجمهورية؟ هل غيّر العماد عون أو الوزير باسيل تموضعهما السياسي أو تحالفاتهما قبل اتفاق معراب ليتم السير بـ”الجنرال” رئيساً؟ طبعا لا!

مرد الاستغراب الثالث هو في التناقض الفاضح ما بين الهجوم على معوض على خلفية مواقفه السيادية الثابتة، وما بين الدفاع عن النائب السابق سليمان فرنجية فقط لأنه في مواجهة سياسية مع باسيل، في حين أن فرنجية هو الداعم المسيحي الأول لسلاح “حزب الله” ولمواقف السيد نصرالله و”الأخ” للرئيس السوري بشار الأسد!

مرد الاستغراب الرابع هو في الإصرار على مطالبة معوض بالانسحاب من تكتل “لبنان القوي” على قاعدة أنه يختلف مع التكتل، في حين أن “القوات اللبنانية” على سبيل المثال تبرّر رفضها استقالة وزرائها من الحكومة رغم أنها لا تتفق مع سياسات الحكومة بشيء وحتى أنها صوتت ضد الموازنة، وقد تكون محقة في ذلك. لا بل إن “القوات” في كل أدبياتها عندما تتناول “اتفاق معراب” تطالب باسيل بالعودة إليه تحديداً في ما يتعلق بـ”تقاسم الحصص” المسيحية ليس أكثر، ولا مشكلة لديها معه في كل المواقف السياسية. بناءً عليه لماذا على معوّض ان ينسحب من التكتل طالما أنه يحتفظ بحريته دائماً؟!

وتختم المصادر بالتأكيد أن الحملة على معوّض يمكن تفسيرها ما بين حدّين لا ثالث لهما: إما الغباء السياسي لدى بعض الجماهير والجيوش الالكترونية والتي وعوضاً أن تقتنص فرصة التلاقي سيادياً مع معوض تقوم بالحملات ضدّه، وإما الاستهداف السياسي وذلك إرضاءً لعلاقة سياسية هجينة مع تيار “المردة” ورئيسه ما يستلزم مهاجمة معوض بشكل دائم!