IMLebanon

المعابر غير الشرعية والقرار السياسي

كتب د.ناصر زيدان في “الانباء الكويتية”:

قال وزير الدفاع اللبناني الياس بوصعب «إن حل قضية المعابر غير الشرعية التي يتم التهريب عبرها بين لبنان وسورية يحتاج لقرار سياسي ولترسيم الحدود» والمعلومات التي أدلى بها بوصعب بعد ترؤسه لاجتماع ضم قائد الجيش العماد جوزيف عون وقادة الأجهزة الأمنية في وزارة الدفاع، أكدت أنه تم إقفال 95 معبرا بين البلدين، ومعظمها طرقات ترابية، وهناك 47 نقطة مراقبة للجيش تنتشر على الحدود اللبنانية – السورية، وما زالت 10 معابر غير شرعية مفتوحة، لا يمكن إقفالها بالكامل إلا بقرار سياسي، وبتنسيق بين الجيشين اللبناني والسوري، كما أن ضبط الحدود بالكامل يحتاج الى تجهيزات غير متوافرة، كما يحتاج الى تطويع جنود جدد، لأن العدد الحالي لا يكفي لتغطية كامل مساحة الحدود. والاجتماع عند رئيس الحكومة خصص لبحث هذه النقاط الأساسية.
كلام بوصعب الذي جاء في سياق رده على اتهامات طالته من قبل نائب رئيس الحكومة الذي ينتمي الى القوات اللبنانية غسان حاصباني، ومن نواب آخرين، وغمزت من قناة التراخي الذي تتعامل به بعض القوى المعنية لناحية عدم القيام بالواجب كاملا في ضبط التهريب عبر الحدود، والذي يؤثر على القطاعات الإنتاجية اللبنانية، ويحرم خزينة الدولة من مبلغ 500 مليون دولار أميركي على أقل تقدير، في وقت تعاني المالية العامة من عجز مخيف، كما تتخبط القطاعات الزراعية والصناعية بأزمات كبيرة ناتجة عن المنافسة غير المشروعة للمنتوجات التي تدخل الى لبنان من دون رسوم جمركية.
الخطير في تصريح وزير الدفاع هو الاعتراف علنا بوجود 10 معابر غير شرعية بين البلدين، لا يستطيع الجيش ضبطها لعدم وجود قرار سياسي بذلك. ويعني هذا الموضوع بطبيعة الحال، أن بعض القيادات المسؤولة والنافذة والشريكة في الحكم تغطي سياسيا عمليات التهريب، وبالتالي تشارك في حماية ناهبي المال العام، في الوقت الذي طالب فيه السيد حسن نصرالله الذي يحظى حزبه بنفوذ واسع على جانبي الحدود، باستعادة الأموال العامة المنهوبة إلى خزينة الدولة، بدل فرض ضرائب ورسوم على المواطنين من ذوي الدخل المحدود، وهذا مطلب حق يجاريه فيه معظم اللبنانيين.
مصادر متابعة لما يجري أشارت الى خطورة الوضع لهذه الناحية، من الجانب المالي والاقتصادي، ومن الجانب السياسي والأمني، خصوصا بعد أن اعترف وزير الدفاع بعدم وجود قرار سياسي بإقفال 10 من هذه المعابر غير الشرعية، علما بأن موضوع التهريب عبر الحدود، كما التهرب الجمركي المريب عبر جمعيات دينية وهمية قد تم الحديث عنه سابقا، والانطباع الذي كان سائدا أن بريطانيا قدمت تجهيزات عالية الذكاء التقني لمكافحة التهريب وضبط الحدود مع سورية، لكن الوقائع المستقاة من مصادر موثوقة تؤكد تلزيم قطاعات بكاملها لأفراد مختصين بعمليات التهريب، وهؤلاء يحظون بغطاء من قوى نافذة تستوفي منهم مبالغ طائلة. وبطبيعة الحال فإن العشرة معابر كافية لتخريب لبنان إذا ما استمر وجودها متفلتة من الرقابة، وهي تستعمل لتهريب الأفراد والبضائع المختلفة والسلاح.
وأخطر ما أشارت اليه المصادر المتابعة، هو استخدام هذه المعابر لتهريب المشتقات النفطية بكميات كبيرة جدا، مما أدى إلى ضغوط هائلة على سعر صرف الليرة اللبنانية مقابل الدولار، لأن المعلومات تشير الى خروج ما يقارب المليار دولار منذ بداية العام حتى اليوم من لبنان مقابل ثمن مشتقات نفطية تهرب خارج الحدود، ويتم إدخال مواد استهلاكية الى الأسواق اللبنانية مقابل هذه المبالغ، بمعنى أنها لا تسدد بالعملة الصعبة. وهذا ما زاد من حجم العجز في الميزان التجاري وفي ميزان المدفوعات، وهذا العجز يؤدي الى تراجع التصنيف الائتماني.