IMLebanon

خاص IMLebanon: هكذا تم استهداف قائد الجيش في قضية الفاخوري

خاص IMLebanon- أثارت عودة عامر الياس الفاخوري إلى لبنان موجة عارمة من الانتقادات، في ظاهرة طبيعية لرفض ممارسات وارتكابات تلتصق بصورة الآمر السابق لمعتقل الخيام إبان الاحتلال الاسرائيلي.

وإذا كانت الحملة ضد الفاخوري أكثر من طبيعية، فإن محاولة البعض حرف الحملة باتجاه استهداف قائد الجيش العماد جوزاف عون ومدير المخابرات العميد طوني منصور تشي بخلفيات تتراوح بين تصفية الحسابات السياسية وبين صراع خفي بين أجهزة، بحيث يُشتمّ عمل البعض لمحاولة تشويه صورة قائد الجيش لغايات في نفس يعقوب!

الهجوم على قائد الجيش تمّ من زاويتين: الزاوية الأولى تتعلق بالهجوم على قيادة الجيش ومديرية المخابرات من بوابة شطب اسم الفاخوري عن البرقية 303، وهنا ثمة إشكالية أساسية تتعلق بلجوء جهاز أمني لبناني إلى سلسلة من التسريبات بهدف الإساءة إلى قيادة الجيش ومديرية المخابرات من دون اتضاح الأسباب. وهذه التسريبات تمثلت أولاً في تسريب كل موضوع عودة الفاخوري بشكل مجافي للحقيقة والوقائع، وتمثلت ثانياً بمتابعة الهجوم على اليرزة من خلال تسريبات اللوائح الاسمية لأشخاص تم شطب أسمائهم عن البرقية 303 والإيحاء بأن قيادة الجيش تعمل على تنظيف ملفات عملاء، مع العلم أن هذه اللوائح صادرة عن قيادة الجيش ومُرسلة إلى الأمن العام.

وفي هذا الإطار، تجمع مصادر أمنية وسياسية متابعة أن قيادة الجيش ومديرية المخابرات إنما ينفذان أولاً قراراً للسلطة السياسية الممثلة في مجلس الوزراء في جلسة 24/7/2014 والذي قرر “الموافقة على إلغاء وثائق الاتصال ولوائح الإخضاع الصادرة حتى تاريخه عن الأجهزة العسكرية والأمنية وتكليف وزراء الدفاع الوطني والداخلية والبلديات والعدل اقتراح مشروع تنظيم يتعلق بالإجراءات المتعلقة بهذا الموضوع ورفعه إلى مجلس الوزراء”. وينفذان ثانياً تعميم المدعي العام التمييزي رقم 62/ص/2015 وفي فقرته الثانية ينص على أن “تُلغى جميع بلاغات البحث والتحري الصادرة بحق الأشخاص المعممة استناداً إلى وثائق الاتصال ولوائح الإخضاع الصادرة حتى تاريخه عن الأجهزة العسكرية والأمنية”، إضافة إلى مراسلات وزير الداخلية السابق نهاد المشنوق الذي أصرّ على تنفيذ قرار مجلس الوزراء “لجهة إلغاء وثائق الاتصال الصادرة قبل 24/7/2014 ووقف إرسال وثائق جديدة ما عدا المتعلقة بتهمة التعامل مع العدو الإسرائيلي والإرهاب المثبت قضائياً”. كما ينفذان ثالثاً قرار مجلس الدفاع الأعلى في هذا الإطار والصادر في العام 2017، بحيث كانت التوجيهات الرئاسية بأن تسقط مديرية المخابرات البرقية الرقم 303 حتى لا تتحمّل وزر المطالبة الشعبية والسياسية بإلغائها، وليتحمّل القضاء مسؤولياته في هذا الإطار عوض أن تبقى “المخابرات” عرضة للانتقادات بسبب هذه البرقية.

وبالفعل بدأت قيادة الجيش ومديرية المخابرات بتنفيذ القرار السياسي لمجلس الوزراء، والذي لم يعترض عليه وزراء “حزب الله”، وذلك بشطب الأسماء للأشخاص الموجودين خارج لبنان أولاً والذين مرّ الزمن على وجودهم في الخارج، وهذا ما يساهم بتشجيعهم على العودة إلى لبنان فيتصرّف القضاء عندها.
والمفارقة تكمن في أن شطب أي اسم عن البرقية 303 لا يلغي الواقع القضائي للمعني، كما أنه وبحسب معلومات IMLebanon فإن شطب الأسماء تم بشرط واضح بأن يمثل المعنيون في حال قدومهم إلى لبنان أمام مديرية المخابرات لتعبئة استمارة أمنية وإحالة الشخص بعدها إلى القضاء المختص.
كل ما سبق يدفع إلى طرح أسئلة في العمق عن أسباب التسريبات واجتزاء المواضيع على قاعدة “لا إله” لتشويه صورة الدور الوطني والأمني الذي يؤديه الجيش اللبناني ومديرية المخابرات، كما إلى السؤال الكبير: هل المطلوب من الأجهزة الأمنية ألا تمتثل لقرارات السلطتين السياسية والقضائية؟

أما الزاوية الثانية فهي في موضوع الصور التي تم تسريبها بشكل مشبوه ومتعمّد للعماد جوزاف عون مع عامر الفاخوري في لقاء للجالية اللبنانية في واشنطن على شرف قائد الجيش، وهي صور لا قيمة لها على الإطلاق بفعل أن العماد عون ليس منظم الحفل ولا صاحب الدعوة، وبطبيعة الحال لا يعرف أكثرية المدعوين الذين يبادرون إلى التقاط الصور الشخصية معه. وموضوع تسريب الصور يثبت أن المطلوب من هذا الملف هو استهداف قائد الجيش بشكل شخصي ومباشر والإساءة لصورته أمام اللبنانيين ويؤكد أن وراء الأكمة ما وراءها، وخصوصاً أنه إضافة إلى تسريب صورة قائد الجيش تم تسريب صورة مدير المخابرات العميد طوني منصور على أنه العميد الذي رافق عامر الفاخوري إلى الأمن العام!

وفي الختام ثمة سؤال الإجابة عنه قد تسهم في كشف الكثير من خفايا حملة استهداف قائد الجيش، والسؤال هو: لم صادر الأمن العام في المطار جواز السفر الأميركي لعامر الفاخوري؟ القانون يقول إما بتوقيفه في حال كان ثمة حكم عليه أو مذكرة أو في حال كان مطلوباً بموجب البرقية 303، ولكن كون الحكم الغيابي بحقه ساقطاً بمرور الزمن العشري، وكون اسمه مشطوباً عن البرقية 303، على أي أساس تم احتجاز جواز سفره؟ ومن أبلغ الأمن العام بقدوم الفاخوري ليتم اتخاذ قرار استنسابي بحجز جواز سفره؟ ولماذا لم يبلغ الأمن العام مديرية المخابرات بعودة الفاخوري طالما أنه حجز جواز سفره؟ ولماذا تم اللجوء إلى تسريب كل القصة بشكل مجتزأ بعد 4 أيام على عودته؟ وهل المشكلة في موضوع الفاخوري اليوم تتعلق بشطب اسمه عن البرقية 303 أم في الجانب القضائي الذي يسقط حكم العمالة بمرور الزمن العشري؟ وفي الأساس وفي ظل كل الاتهامات عن جرائم تُساق بحق الفاخوري كيف يمكن للحكم الغيابي الصادر بحقه أن يكون اقتصر على 15 سنة سجن مع أشغال شاقة؟ وألا يُفترض أن تكون عقوبته الإعدام مع تخفيضها إلى السجن المؤبد؟ وختاماً لم كل الحملة على الجيش اللبناني وقائده طالما أنهم ينفذون قرارات السلطتين السياسية والقضائية، ولم يوجه أحد أي سؤال لهاتين السلطتين حول كل تفاصيل القضية وكل ما يتعلّق بالأحكام القضائية بحق المتعاملين مع إسرائيل وبخصوص طلب إلغاء كل وثائق الاتصال ولوائح الإخضاع الصادرة قبل العام 2014؟ لم المطلوب “رأس” العماد جوزاف عون وصورته؟ وهل القضية تتعلق بالصراع على الملف الرئاسي أم يدخل في إطار الصراع الاستباقي مع الأميركيين قبل العقوبات الجديدة المنتظرة؟