IMLebanon

على جسر “البالما”: رادار السرعة “متوقف” وعداد الموت “شغّال”

كتب مايز عبيد في “نداء الوطن”:

 

هناك على طريق “بيروت – طرابلس” وتحديداً مدخل طرابلس الجنوبي، ما زال عداد الموت مستمراً بلا توقف. فعند كل حادث مميت، تعود قضية “جسر البالما” العصيّ على الإصلاح، إلى الواجهة من جديد وتبدأ المطالبة بـ “ضرورة إيجاد حل علمي للجسر”. وكان آخر تلك الحوادث، الحادث الذي أودى بحياة الشابتين العكاريتين: ريان مقصود من عيدمون ونادين محمد من السنديانة.

وإذا كان المعنى الحقيقي للجسر هو “أن يعبر المواطن من منطقة إلى أخرى بسهولة وسلام، فإن جسر البالما – تيمنًا بمنتجع البالما الذي يقع قبالته، هو معبر للمواطن من الأرض إلى السماء مباشرة”. ولأن حوادث الموت صارت تتكرر على هذا الجسر باستمرار، أصبح اسمه “جسر الموت”.

ويعدّ هذا الجسر الذي يسمى أيضًا جسر “أبو حلقة”، نقطة خوف لدى المواطنين على أنفسهم وأبنائهم، خصوصاً من ناحية “القلمون – رأس مسقا” حيث حصد منذ العام 2011 وحتى اليوم أكثر من 30 ضحية معظمهم من الشباب ولا تزال قضيته إلى اليوم رغم كل الحملات المدافعة التي نظمت من دون حل.

المحامي حازم درويش كان قد فقد نجله عبدالله ورفيقيه في المكان نفسه. أسس بعدها جمعية عبدالله حازم درويش للخدمات الاجتماعية الإنسانية. كان من صلب أهداف الجمعية أيضاً إيجاد حل لمعبر الموت عند جسر البالما. يقول المحامي درويش في حديثه لـ”نداء الوطن”: “بعد وفاة نجلي المرحوم عبدالله ورفيقيه رمزي نمير وشادي شريف وكانوا عائدين من الجامعة، قمنا باعتصامات وطالبنا بإصلاح الجسر ونصبنا الخيم على الأوتوستراد. قابلنا بعدها وزير الأشغال وقتها غازي زعيتر الذي وعد بإصلاح الجسر فأرسل لجنة فنية وبعد الكشف عليه تبين أن (الجوانات والزفت) بحالة سيئة. عندها طالبنا بإضافة العيون الساحرة التي تسمى عيون القطط والرادار الثابت للتخفيف من السرعة. الوزير أرسل الورش فأصلحت (الجوانات والزفت) لكن باقي الطلبات لم يتم تنفيذها كالإشارات الضوئية والإنارة الليلية وغيرها. خفّت نسبة الحوادث بعد الإصلاحات التي قامت بها وزارة الأشغال لكنها لم تنته وكان آخرها وفاة الشابتين ريان ونادين وهذا دليل على أن هناك تقصيراً من الدولة ووزارة الأشغال. كما أننا أخيراً طالبنا وزيرة الداخلية والبلديات ريا الحسن بوضع رادار ثابت ولكن حتى الآن لم يحصل ذلك”.

الرأي العلمي الهندسي لسبب الحوادث عند هذه النقطة والحلول المقترحة يشرحها رئيس اتحاد حوض المتوسط للمعماريين UMAR المهندس وسيم ناغي لـ”نداء الوطن” فيقول: “مدخل طرابلس الجنوبي المعروف بجسر البالما هو عبارة عن قطاع من الأوتوستراد الدولي بطول 1 كيلومتر تقريباً، مشكلته منذ أن خطط له في نهاية السبعينات على شكل حرف S أنّ فيه انعطافتين وراء بعضهما بمسافة قليلة وفي منتصف العقدة يقع الجسر. الإنعطافتان تشكلان خطراً حقيقياً في طريق تصل السرعة فيه إلى 100 نقطة ولا يجب أن تتجاوز السرعة الـ 80. وإذا كان لا بدّ من وجودهما فالأمر بحاجة إلى الميول نحو المركز super elevation لأن أي سيارة صغيرة مسرعة قد تفقد السيطرة وتكون النتيجة الحوادث. وتم سد الفراغ بين المسربين بجسر حديد أخيراً وتم وضع العواكس الليلية لكن كل ذلك لم يفد في شيء بسبب المنعطفين القريبين وحلهما بحاجة إلى عملية طويلة من الإستملاكات وإعادة البناء وغيرها”.

ويوضح ناغي أن مكتبه الهندسي قد وضع حلولًا سريعة لقضية الجسر وغير ذات كلفة. الحل الأسرع والرأي الخبير هو: تخفيض حدود السرعة القصوى إلى 80 كيلومترا لغاية اجتياز المنعطفين وجسر البالما كي لا يفقد السائق السيطرة ويكون الحادث غير قاتل. كما أن هناك إشارات تخوّف السائق من أجل سلامة السائق، مع اعتماد الرادار الثابت وإشارات التنبيه بتعديل السرعة على هذا الأوتوستراد.

ترفع بلدية “راسمسقا” التي يقع الجسر في نطاقها المسؤولية عنها باعتبار أن الطرقات الدولية هي من اختصاص وزارة الأشغال العامة والنقل. وتتمثل مسؤولية وزارة الأشغال في تأمين كفاءة الطرق وتجهيزات السلامة العامة من عواكس ليلية وتخطيط المسارب وصيانة الجسر، أما وزارة الداخلية فمسؤوليتها تحديد السرعة ووضع الرادارات الثابتة وتحرير الغرامات… وكلها إجراءات لوقف عدّاد الموت.