IMLebanon

الرسائل الأميركية غير المشفّرة!  (بقلم رولا حداد)

بعد كلام مساعد وزير الخارجية الأميركي دايفد شينكر الأخير، وما أعقبه من تصاريح لكل من وزير الخارجية ومساعد وزير الخزانة الأميركيين أتت لتصب في الإطار نفسه، لا بدّ من التوقف بهدوء عند الاستراتيجية الأميركية الجديدة حيال لبنان وكيفية التعاطي معه.

بداية وفي الشكل، وبحسب المعلومات المتوافرة، فإن شينكر هو من كان يرغب بالإطلالة الإعلامية، وبالتالي كان يريد قول ما قاله علناً وأمام جميع اللبنانيين لتصل الرسائل كما يجب. أيضاً وفي الشكل، ولأول مرة منذ أعوام طويلة، يتحدث مسؤول أميركي عبر الإعلام عن تفاصيل السياسة اللبنانية في خروج عن أسلوب الرسائل الدبلوماسية ضمن اللقاءات والغرف المغلقة التي اعتاد الأميركيون عليها. وأيضاً وبحسب المعلومات يبدو أن شينكر سيكون الوصي المباشر على تنفيذ السياسات الأميركية حيال لبنان وعلى العلاقات المباشرة مع الدولة اللبنانية ومع الأطراف الداخلية أيضاً للتأكيد على أن الولايات المتحدة ستتحوّل لاعباً أساسياً في كل التفاصيل، ما يشي بتوجّه الإدارة الأميركية نحو “سياسة انغماسية” في لبنان في تحوّل جذري في التعاطي مع لبنان.

أما في مضمون كلام شينكر فلا بد من التوقف عند أكثر من نقطة:

ـ أولاً الاعتراف الأميركي الرسمي العلني الأول منذ العام 1991 بالخطأ الأميركي الاستراتيجي بتسليم لبنان إلى سوريا يومها، وتأكيد مساعد وزير الخارجية بأن هذا الخطأ لن يتكرر. وفي هذا الكلام رسالة تطمين واضحة إلى المتخوفين من أن تقدم واشنطن على تسليم لبنان مجددا إلى إيران هذه المرة عبر “حزب الله” في حال حصل أي اتفاق إقليمي جديد مع طهران، وتأكيد بأن لبنان سيبقى تحت العناية الأميركية المباشرة.

ـ ثانياً، تلاقي شينكر مع كلام الرئيس سعد الحريري بأن “حزب الله” مشكلة إقليمية وليس مشكلة لبنانية داخلية حصراً، وذلك باعتراف المسؤول الأميركي بأن “حزب الله” ليس فصيلاً لبنانياً عملياً وأنه يأتمر بأوامر إيرانية، وأيضاً بأنه من الصعب مواجهة “حزب الله” داخلياً وخصوصاً ان هذا الحزب مسؤول عن سلسلة الاغتيالات التي استهدفت القادة والمسؤولين اللبنانيين منذ العام 2005. ويأتي هذا الاتهام الأميركي العلني للحزب بالمسؤولية عن الاغتيالات تمهيداً ربما لحكم المحكمة الدولية الخاصة بلبنان، ما يشي أن الحكم المنتظر لن يكون تفصيلاً عابراً كما يشتهي البعض بل ستكون له نتائج وعواقب لا بد من ترقّبها.

ـ ثالثاً، التأكيد على الاستراتيجية الواضحة بتشديد العقوبات، لا بل تشديد “الخناق” على إيران و”حزب الله”، وهذا لن يستثني حتى حلفاء الحزب ومن كل الطوائف، ما يعني أن المواجهة ستكون مفتوحة وإن اقتصاديا وماليا وليس عسكريا.

ـ رابعاً، تكرار ما يجب على الحكومة القيام به من إصلاحات لأن لا استثمارات من “سيدر” من دون القيام بالإصلاحات المطلوبة مسبقاً، وبالتالي فإن الرهان على المماطلة لن ينفع.

كل ما تقدم يؤكد بأن لبنان بات إحدى ساحات المواجهة الإقليمية المتقدمة، وإن كانت هذه المواجهة على ساحته لا تزال باردة وتعتمد أسلحة العقوبات المالية حتى الساحة، لكن لا شيء مضموناً حول مستقبل هذه المواجهة مع استعراض الأميركيين لمدمّرتهم USS Ramage في مرفأ بيروت وكلام السفيرة الأميركية بأنها رسالة، ما يعني عملياً أن الأميركيين مستعدون لكل الاحتمالات…