IMLebanon

هذا ما تنتظره الدول المانحة من لبنان!

يتوجّه رئيس الحكومة سعد الحريري غداً الى باريس في زيارة رسمية يلتقي في خلالها الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون يوم الجمعة المقبل. إقامته في الربوع الفرنسية هذه المرة لن تكون عادية. فهو، شخصيا، رفع سقف الرهان والآمال المعقودة عليها الى حدوده القصوى، بإعلانه منذ أيام، ان الزيارة ستعطي اشارة “انطلاق عملية تنفيذ مقررات مؤتمر سيدر 1”. الحريري – الذي سيلتقي الى “صديقه” سيّد الاليزيه، كلا من نظيره الفرنسي إدوار فيليب والدبلوماسي المكلف متابعة مؤتمر “سيدر” السفير بيار دوكان وممثلين عن عدد من الدول والصناديق المانحة والشركات المهتمة بالاستثمار في بيروت – يعوّل اذا على ثمار “وفيرة” سيجنيها في فرنسا في زيارته العتيدة، ويتوقّع ألا يعود منها الى لبنان بسلّة فارغة بل على العكس، وقد علّق اللبنانيون الغارقون في أزمات اقتصادية – معيشية – مالية آخذة في التفاقم يوميا، آمالا على موقف رئيس حكومتهم هذا.. فهل ستضع هذه الزيارة فعلا، قطارَ سيدر على سكّة التطبيق العملي؟ أم ان الرئيس الحريري كبّر “الحجر”؟ بحسب ما تقول مصادر سياسية مراقبة لـ”المركزية”، فإن “الام الحنون” ستفتح ذراعيها من جديد للبنان ورئيس حكومته. وهي ستؤكد مرة أخرى انها “على الوعد” وأن أيا من المساعدات المخصصة لبيروت في مؤتمر سيدر، لن يضيع، وهذا اصلا ما أعلنه دوكان من بيروت منذ اسابيع قليلة..

والحال، ان موقف الرئيس الفرنسي الذي أعرب للحريري في اتصال هاتفي بينهما مطلع ايلول الجاري، عن ارتياحه للتقدم الجاري نحو إطلاق مشاريع سيدر الاستثمارية”، والذي اتسم بـ”ليونة” على خلاف النبرة “القاسية” نوعا ما، التي كان اعتمدها قبله دوكان في توصيف الوضع اللبناني، شكّل “الركيزة” التي بنى عليها الحريري “تفاؤله”… غير ان الاخير يرى أيضا ان اطلاق حكومته ورشة موازنة 2020 والتي سيقرّها البرلمان في مواعيدها الدستورية في “سابقة” لبنانية قلّ نظيرها، يُعتبر “سلاحا” قويا في جعبته، من شأنه ايضا تعبيد الطريق امام الدعم الدولي المنتظر.

لكن هل تكفي هذه المعطيات لفتح خزنة “سيدر”؟ بحسب المصادر، هي اشارات جيدة بلا شك تدل الى ان الدولة جادة في الاصلاح والتغيير. الا ان الاهم، في عين المانحين، هو ان تقترن بخطوات عملية ملموسة من قَبيل تشكيل الهيئات الناظمة في قطاع الكهرباء والاتصالات ووقف التهريب عبر المعابر الشرعية وغير الشرعية، وعصر النفقات ورفع الايرادات (…) وألا تبقى في الاطار النظري.

كما ان للمساعدات شروطها “السياسية” ايضا، تضيف المصادر. فالدول المانحة- وعمودها الفقري غربي وأوروبي وخليجي وعربي- من الصعب ان ترسل اموالها الى لبنان الذي يخرق التزاماته بالنأي بالنفس وبالحياد، ويتنازل عن قراره السيادي ويقف متفرجا صامتا امام تفرّد فريق محلي بقرار الحرب والسلم، وأمام اعلانه أن لبنان لن يقف على الحياد في اي اعتداء تتعرض له ايران. فالمجتمع الدولي، عندما التفّ حول لبنان في سيدر، انطلق في دعمه هذا من تأكيد الحكومة انها تلتزم النأي والقرارات الدولية كلها وعلى رأسها الـ1701 الذي يمنع اي نشاط مسلّح جنوبي الليطاني، وأيضا من تأكيد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون أنه في صدد الدعوة الى طاولة حوار للبحث في استراتيجية دفاعية تحدد مصير سلاح حزب الله.

فهل يغضّ الخارج الطرف عن “التراخي” الرسمي هذا على اعتبار ان ملف حزب الله اقليمي؟ أم يصرّ على حزم لبناني أكبر ويربط الدعم المرتجى به أيضا؟ لننتظر ونرى تختم المصادر، علما ان وزير المالية السعودي محمد الجدعان أعلن اليوم أن المملكة تجري محادثات مع حكومة لبنان بشأن تقديم دعم مالي. وقال “نضع أموالنا والتزامنا في لبنان، وسنواصل دعم لبنان ونعمل مع حكومته”.