IMLebanon

ماذا خلف الهدوء على الجبهات السياسية؟

خلافاً للاجواء الشعبية المشحونة التي تنعكس سجالات عالية السقف تعبق بها مواقع التواصل الاجتماعي على خلفية ملفات معظمها قضائي من العميل الاسرائيلي عامر الفاخوري الى القرار الاتهامي الصادر عن المحكمة الدولية في حق سليم عياش في محاولة اغتيال الوزيرين السابقين الياس المر والنائب مروان حمادة واغتيال الامين العام السابق للحزب ‏الشيوعي جورج حاوي ورد السلطات اللبنانية على طلب تسليمه بتعذر الوصول اليه، يشهد المناخ السياسي العام لا سيما على المستوى القيادي هدوءا قلّ نظيره، افتقدته الساحة السياسية طوال الفترة الماضية، على رغم ان بعض الملفات المطروحة والمثارة يتسم بدرجة عالية من الحساسية التي كانت لتشعل السياسيين واهل السلطة ومعهم البلاد برمتها في ظروف مختلفة.

واذا كان الصمت المطبق الذي تلتزمه بعض هذه القوى مفهوماً لجهة تفاهمات ابرمتها مع اطراف سياسية، اضطرتها لاشاحة النظر عما شكل بالنسبة اليها لزمن طويل رأس حربة اولوياتها وخاضت معارك في سبيله، فإن ما يحكم طبيعة المرحلة وعلاقات اهل السلطة من السياسيين ببعضهم البعض راهنا هو سقف وجوب وضع كل ما هو خلافي جانبا والتفرغ بالمطلق للبحث في كيفية اخراج البلاد من مستنقع العجز الخطير القابعة فيه، حيث لم يعد من حبل نجاة ينتشلها سوى مؤتمر “سيدر” ووجوب تنفيذ شروطه الاصلاحية وتصحيح المسار الذي انحرف عنه والذي اشار اليه بالاصبع السفير المكلف متابعته بيار دوكان ابان زيارته الاخيرة لبيروت. هذا المؤتمر الذي يتوجه لأجله الى فرنسا رئيس الحكومة سعد الحريري على امل اطلاقه عملياً، معطوفا على الواقع الاقتصادي والمالي اللبناني البالغ الحراجة ومهلة الاشهر الستة الممنوحة للبنان من مؤسسات ائتمانية، لم يعد لدى السياسيين ترف تخطيه، لان اي محاولة من هذا النوع ستسقط الهيكل على رؤوسهم جميعا، فلا تنفع آنذاك، والحال هذه  مراهم التخدير والعلاجات الموضعية التي دأب على استخدامها المسؤولون عند كل خضة او خلاف .

وتقول مصادر سياسية متابعة لـ”المركزية” ان اولى ملامح ركون القوى السياسية لمقتضيات المرحلة تمثل بهدوء الجبهات التي اشتعلت طوال الصيف الماضي على خلفية مواقف وزعها في مختلف الاتجاهات رئيس التيار الوطني الحر الوزير جبران باسيل الذي أطل في آخر مقابلاته المتلفزة بهدوء غير معهود، وقد وضعت تسوية حادثة قبرشمون- البساتين الحدّ الفاصل بين المرحلتين، بعدما سمع الرؤساء وكبار المسؤولين في البلد جرس الانذار الذي دقته الدول الكبرى بضرورة الكفّ عن الممارسات التي تقود البلاد الى التوتر والانهيار الوشيك حيث لا ينفع الندم انذاك، عوض الانصراف الى معالجة ما هو داهم من استحقاقات مصيرية.

وبناء عليه، تضيف المصادر، نزل جميع المعنيين عن شجر حساباتهم الخاصة والمصلحية على تنوعها، ورضخوا الى “الامر الواقع” فتحول الجو من سياسي مشحون الى تقني عملي يغوص في ارقام موازنة العام 2020 لاقرارها بأسرع الممكن وتقديمها وما تيسّر من اصلاحات مطلوبة الى المجتمع الدولي لاثبات تجاوب وجدية في التعاطي مع الازمة.

من هنا، كان صمت حزب الله ازاء قضية الفاخوري المفترض انها تعنيه في الصميم، على رغم ما يحيط بها من ملابسات، وصمت القوى التي كانت تدور في فلك 14 اذار ازاء القرار الاتهامي في حق عياش وابلاغ السلطات اللبنانية المحكمة الدولية تعذر العثور عليه لتسليمه، وصمت آخرين على مواقف امين عام حزب الله السيد حسن نصرالله الذي ضمّ لبنان الى محور الممانعة والمقاومة، ومن هنا ايضا وايضا سيكون صمت كثير على اكثر من ملف اشكالي قد يطرأ اليوم او غدا، فانقاذ الوطن اولوية وكل ما عداه ثانوي والصمت افضل دواء.