IMLebanon

الحريري الى الإليزيه لإطلاق «سيدر» بعد «ترانزيت» سعودي

بعد 6 أشهر من خضوعه لقسطرة قلبية في باريس، يعود رئيس الحكومة سعد الحريري إلى فرنسا مجدداً. هذه المرّة ليس بفعل أزمةٍ قلبيّة ألمّت بـ«دولته»، وإنّما لمناقشة أزمة اقتصاديّة تقضّ مضجع دولة بكاملها.
على رغم من كثرة الملفّات السياسيّة التي يحملها الحريري، فإن لا صوت سيعلو فوق صوت الاقتصاد داخل قصر الإليزيه. هذا ما يعكسه في وضوح شكل الوفد المرافق لرئيس الحكومة إلى فرنسا، حيث إنّ غالبيّته تضم مستشاريه الاقتصاديين، الى مستشارين سياسيين (عُرِف منهم الوزير السابق غطّاس خوري) ستكون لهم حظوة ركوب الطائرة الخاصة التي ستقل الحريري إلى باريس غداً.

يبدو الأمر طبيعياً، فجدول أعمال لقاء الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مع الحريري غداً يتمحور حول مؤتمر «سيدر» ومراحل تنفيذه. ولن يكتفي الحريري بهذا المقدار من اللقاءات، بل سيحطّ صباحاً في وزارة المال الفرنسيّة حيث يلتقي مجموعة محدودة من رجال الأعمال الفرنسيين.

لا ينفي القريبون من «دولته» أن تكون لائحة «طلبات الإليزيه» من لبنان، طويلة. فهي قد تبدأ بضرورة إجراء التعيينات في المراكز الشاغرة للإدارات العامّة وتنتهي بضرورة الإسراع في تنفيذ الإصلاحات والتأكّد من جدّية مسارها.

في المقابل، يبدو القريبون من الحريري واثقين من أنّه قادرٌ على استرجاع الثقة الفرنسيّة بلبنان، خصوصاً بعد التسريب الذي دلَّ على انزعاج فرنسا من تأخر لبنان في تنفيذ الإصلاحات المطلوبة منه بغية تحسين اقتصاده.

ما يُعزّز ارتياح هؤلاء هو الخطّة التي سيحملها الحريري إلى باريس بعد أن انكبّ عليها فريقه الاقتصادي منذ فترة.

بيدٍ، يحمل الحريري هذه الخطّة، وباليد الأخرى يتمسّك بحزمة مشاريع لموازنة 2020 التي تفوح منها «رائحة» خفض العجز. وهذا ما سيترك ارتياحاً لدى الفرنسيين يعطي دفعاً لآلية تنفيذ الإصلاحات ويكون «عربوناً معنوياً» لاستعادة لبنان ثقة فرنسا ومن خلفها المجتمع الدولي في إمكانيّة إيفائه بالتزاماته.

بالطّبع، لن يكون يوم الحريري الباريسي الطويل، عبارة عن أرقام وأموال فحسب، بل إنّ السياسة المحليّة والإقليميّة ستحضر في الإليزيه. إذ إنّ قدميه لم تطأ الأراضي الفرنسيّة قبل «ترانزيت» سريع له السعوديّة.

48 ساعة للحريري في المملكة، ستكون كافية لـ«عصف فكري – سياسي» يسبق الأسئلة التي سيوجّهها ماكرون إليه حول الهجمات التي طاولت منشآت النفط السعوديّة في «أرامكو»، والموقف اللبناني الرسمي في حال ثبت تورّط إيران فيها.

ويبدو جلياً إنشغال فرنسا بالوضع السعودي، إذ إنّ الحريري لن يكون أوّل الوافدين إليها من الشرق الأوسط، بل سيسبقه اليها بساعات أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني.

صحيح أنّ السعوديّة لها حصّة الأسد في المحادثات الفرنسية ـ القطرية والفرنسيّة ـ اللبنانيّة، إلّا أنّ الوضع في الجنوب اللبناني لن يسقط أيضاً من أجندة اللقاء.

إذ إنّ الحريري يُدرك جيّداً دور فرنسا في تهدئة الوضع بعد الاتصالات التي أجرتها إثر الاعتداءات الإسرائيليّة الأخيرة وردّ «حزب الله» عليها، بالإضافة إلى كونها شريكاً أساساً وفاعلاً في القرار 1701، وكذلك في قوة حفظ السلام الدولية العاملة في الجنوب (اليونيفيل).

هكذا سينتهي اللقاء بين الطرفين ليعود الحريري في اليوم نفسه (غداً)، من دون أن يعقد مؤتمراً صحافياً مشتركاً مع ماكرون. سيكتفي «دولته» بالردّ على أسئلة الصحافيين أمام قصر الإليزيه، بالإضافة الى إصداره وماكرون، كلٌّ على حدة، بيانيْن منفصليْن. سيجدّد الطرفان تأكيد أهمية العلاقة التّاريخية بين لبنان وفرنسا والدعم الفرنسي الدائم لـ»بلاد الأرز»، بالإضافة إلى التشديد على أهميّة الحفاظ على استقرار لبنان.

ولكن يبقى الأهم في هذين البيانين هو الإعلان عن الدّعوة الرسميّة الى اجتماع اللجنة الاستراتيجية المكلفة متابعة مقررات مؤتمر «سيدر» في تشرين الثاني المقبل، وذلك بعد أن تمّ التحضير له تفصيلياً خلال زيارة سفير «سيدر» بيار دوكان لبيروت قبل أسبوعين.