IMLebanon

الإكتئاب عند الرجل.. عندما يحتاج للمساعدة!

كتب أنطوان الشرتوني في صحيفة “الجمهورية”:

لجميع يتكلم عن الإكتئاب بشكل عام والإكتئاب عند المرأة بشكل خاص. ولكن نادراً ما يذكر أحدنا عوارضَ اكتئابٍ عند الرجل. وقد يكون السبب عدم تحدث الرجل نفسه عن حالته النفسية وخاصة عن الإكتئاب، لأنه حينها سيشعر حتماً بالضعف. ولكن بكل بساطة، الإكتئاب لا يفرّق بين رجل وامرأة ويمكن أن تظهر أعراضُه عند الجنسين، غير أنّ كلّاً منهما يعبّر عنه بطريقته الخاصة. وعند اقتراب شهر الخريف، أشخاص كثر تتلبّد مشاعرهم ويتغيّر مزاجهم الذي يمكن أن يتراوح ما بين حزن خفيف إلى تقلّب حاد في المزاج مع كآبة تستمر أشهراً وصولاً إلى الأفكار الإنتحارية والشعور بالذنب. فما هو «الحزن العارم»؟ وكيف يمكن تفرقة الحزن «العام» عن الإكتئاب المرضي؟ وما هي عوارضه عند الرجل؟ وكيف يمكن للزوجة مساعدة الزوج في محنته القاسية؟

كما المرأة، الرجل أيضاً يصاب بالإكتئاب. ولكن للرجل طرقه الخاصة لإخفاء (قدر المستطاع) مشاعره خاصة في الشرق الأوسط وفي البلدان العربية، إذ يتربّى الطفل الذكر على ألّا يظهر ضعفه، وألّا يبكي وألّا يتحدث عن ألمه (خاصة النفسي). لذا يحاول الرجل جاهداً السيطرة على «كآبته» أو تخطيها بأساليب يمكن أن تدمّر حياته، كالإدمان على مواد مخدرة… ولكن يعترف بعض الرجال بإصابتهم بالحزن ويطلبون المساعدة، وهنا تكمن أهمية التشخيص الدقيق للحالة، لأنّ للإكتئاب درجات تتراوح ما بين إكتئاب خفيف، وصولاً إلى الإكتئاب المرَضي الذي يتطلب متابعة نفسية وربما إستشفائية.

تشخيص الإكتئاب عند الرجال

خلال كل فصول السنة، يمكن أن يقع الإنسان في شباك الإكتئاب. ولكن مع إقتراب مرور فصل الخريف (وبداية فصل الربيع)، تزداد حالات الإكتئاب عند الرجال وعند النساء على حدٍّ سواء. ولكن كيف يتمّ تشخيص إكتئاب الرجل خاصة أنّ التكوين النفسي عنده يختلف عن تكوين المرأة؟

أولاً، هناك الإكتئاب الخفيف والمتوسط، اللذان يتطلبان تدخّلاً طبياً ودوائياً، فيؤثر هذان النوعان تأثيراً مباشراً على حياة الرجل الذي يشعر طول الوقت بالحزن وعدم وجود قيمة للحياة، وملل من اليوميات… ما يؤدّي إلى مشاكل عائلية ومع أرباب العمل. كما يؤدي الإكتئاب الخفيف والمتوسط إلى فقدان الطاقة، أي عدم القدرة على القيام بشيء معيّن حتى النشاطات التي كان يستلذّ بها الشخص المريض من قبل. ويعاني المكتئب أيضاً من مشاكل في النوم والتركيز، ما يؤثر على مردوده العملي. لذا دور «رب العمل» أن يكون متيقّظاً لموظفيه، لا سيما الذين يعانون من الإكتئاب.

ثانياً، الإكتئاب الشديد (أو المرضي)، حيث تكون موجودة جميع العوارض التي تمّ ذكرها من قبل ولكن على وتيرة أقوى مع وجود أفكار إنتحارية والتفكير بالموت وشعور بالذنب من كل شيء يحصل حول المريض ويعني ذلك، إذا أصيب فرد من العائلة بمرض ما، يشعر المكتئب أنه سبب مرضه…

ويجدر الذكر أنه هناك أنواع أخرى من الإكتئاب، تختلف عن بعضها البعض من حيث المدة الزمنية التي يشعر بها الرجل بالاكتئاب، ووطأة الإضطراب على المريض.

أسباب الإكتئاب عند الرجل

لا يمكن جزم سبب رئيسي للإكتئاب ولكن إتفق جميع العلماء بأنّ هناك أسباباً مباشرة وأسباباً غير مباشرة لظهور الإكتئاب عند الرجال:

  • عندما تصبح بعض المواد الكيميائية في الدماغ في حالة عدم توازن، ولكنّ الأبحاث ما زالت مستمرة حول هذا الموضوع.
  • أسباب ثقافية وتربوية تجعل الرجل غير قادر على التعبير عن مشاعره وخوفه، أو يخفي تلك الأحاسيس السلبية، ما يزيد الطين بلّة. لذا تشجيع الأطفال الذكور على التعبير عن مشاعرهم من الأمور الأساسية في التربية.
  • المشاكل العائلية ومشاكل العمل وغيرها من الضغوطات النفسية… جميعها قد تكون سبباً مباشراً للإكتئاب عند الرجل. وجميع تلك الأسباب يمكن أن تؤدي أيضاً إلى إضطرابات جسدية وقلق وقلة النوم وتضاؤل الطاقة وانعدام الثقة والتوتر…

والذي يجب ذكره هو أنّ للرجل سلوكيات مختلفة عن المرأة للتعامل مع الاكتئاب، حيث لا نجد إنسحاباً من العالم والبقاء لوحده، بل إنّ الرجال يميلون إلى التصرف بتهوّر، أو الإفراط في العمل أو تطوير هواية والتشبّث بها بهوس شديد أو حتى الإنخراط في سلوكيات خطيرة أو سرعة زائدة خلال القيادة أو استعمال مواد تباعية، كحول مخدرات، عدوانية،…

دور الزوجة مع الزوج المكتئب

في بادئ الأمر، عندما تشعر الزوجة بأنّ هناك إختلافاً كبيراً في تصرفات وسلوكيات زوجها، من المهم تشجيعه لزيارة الطبيب النفسي، خاصة إذا لاحظت عدوانية أو تصرفات عشوائية غير مقبولة من الزوج (ضرب، بكاء، إستعمال مواد مخدرة أو أدوية…) وهذه السلوكيات مستمرة منذ أكثر من ثلاثة أشهر.

كما يمكن للسيدة أن تساعد زوجها من خلال النقاط التالية:

  • تشجيع زوجها على التحدث عن مشاعره. كما تساعده للتكلم عن مخاوفه وسبب قلقه.
  • إذا وجدت الزوجة بأنه بحاجة إلى مساعدة، يجب التوجّه عند طبيب نفسي ثم عند أخصائي نفسي للعلاج النفسي.
  • ممارسة الرياضة مع بعضهما وممارسة نشاط جديد.
  • ممارسة الإسترخاء من خلال الحركات الجسدية والتنفس الذي يساعد على تخفيف التوتر والقلق الذي يعيشه المريض.
  • أن تتفهّم الزوجة تقلبات زوجها وحالته النفسية من خلال التثقيف العلمي حول الإكتئاب.