IMLebanon

قضية حنوش: نعم لقانون “الهيبة”! (بقلم رولا حداد)

كمواطنة لبنانية لا تهمني الأسباب الكامنة وراء خطف ابن البترون جوزف حنّوش، إنما ما يعنيني بالدرجة أن ثمة مواطناً لبنانياً خُطف داخل الأراضي اللبنانية من مجموعات معروفة منذ حوالى الشهر، وكل الدولة اللبنانية واجهزتها لم تستطع فعل أي شيء لتحريره، سواء عن عجز أو عن “تساهل” مع الخاطفين تحت شعار أن الموضوع ربما يكون مرتبطاً بـ”مافيات” وأمور شخصية!

على مدى حوالى 30 يوماً تحدثت الأجهزة الأمنية عن أنها تلاحق الموضوع من دون أن تتوصل إلى أي نتيجة. سمعنا وقرأنا كثيراً كيف أن الخاطفين كانوا ينقلون حنوش من منطقة إلى أخرى في البقاع الشمالي، وكيف أنهم يغيّرون خطوطهم الخلوية، وكيف بدأوا يستعملون خطوطاً سورية، والمعروفة أنها تعمل من داخل الأراضي اللبنانية أيضاً، قبل ان تصل أخبار إلى عائلة حنوش أنه أصبح مع خاطفيه في الداخل السوري، بغض النظر ما إذا كانت هذه الأخبار صحيحة.

ثمة مفارقات مذهلة في ملف خطف حنوش مقارنة بعمليات خطف سابقة مقابل فدية. المفارقة الأولى أن دور الأجهزة الأمنية يقتصر على إجراء اتصالات بالخاطفين وتسلّم المخطوفين، فلم يتم يوماً اعتقال عصابة خطف من العصابات المعروفة تماماً للأجهزة في منطقة البقاع الشمالي.

المفارقة الثانية أن الأجهزة الأمنية والمسؤولين المعنيين “يتحفوننا” كل مدة بالإعلان عن خطة أمنية جديدة للبقاع الشمالي، وفي كل مرة يُقال للرأي العام إن الخطة الجديدة مختلفة عن سابقاتها، فيتبيّن أن لا خطة ولا من يحزنون وأن العصابات والمسلحين يسرحون ويمرحون ويخطفون ويسلبون من دون أي رادع!

المفارقة الثالثة أن التعاون والتنسيق الجدي بين لبنان وسوريا هو بين العصابات من الجهتين وليس بين الأجهزة لدى الطرفين!

وتكثر المفارقات المضحكة- المبكية في عمليات الخطف مقابل فدية، والتي بدأ البعض يتحدث همساً عن أنها تحصل بغطاء حزبي بهدف التعويض عن حال الحصار القائمة نتيجة العقوبات الأميركية. أما الخلاصة العملية فتكمن في غياب أي هيبة للدولة اللبنانية وأجهزتها والتي يُفترض أن تمنع ارتكاب مثل هذه الجرائم بشكل مسبق وقبل حصولها. والسؤال البسيط هنا: طالما العصابات معروفة، والمسؤولون عن أعمال الخطف والسلب معروفون بالأسماء، لم لا تبادر الأجهزة الأمنية وبقيادة الجيش اللبناني بإنذار العشائر والعائلات المعروفة بتسليم المخطوف والخاطفين فوراً تحت طائلة تهديد عائلات المطلوبين المعنيين بالاعتقال حتى تسليم المطلوبين.

رُبّ قائل إن مثل هذه الممارسات لا تليق بالدولة والأجهزة الأمنية الشرعية، لكن الثابت أن موقع المتفرّج للمسؤولين والأجهزة مسيء أكثر بكثير.

بالحديث عن هيبة الدولة، كم نحتاج إلى مسؤول على طريقة “جبل شيخ الجبل” في مسلسل “الهيبة” ليطبّق العدالة للجميع ولو من خارج النصوص القانونية، عوض أن نستمر في متابعة مسلسل قضم حضور الدولة نتيجة غياب الرجال والمسؤولين الذين يعرفون كيف يفرضون الهيبة!