IMLebanon

عون يناشد زعماء العالم: ساهموا بعودة النازحين الى سوريا

أكد رئيس الجمهورية ميشال عون ان الحرب الساخنة التي عمّت دولاً عدة في الشرق الأوسط خلال العقد الأخير، انحسرت  إلا أن أثارها ونتائجها على بلداننا ومجتمعاتنا تزداد انتشاراً وترسخاً وخصوصاً على الصعيدين الاقتصادي والاجتماعي.

وسأل في كلمته امام الجمعية العامة للامم المتحدة: “هل نحن بحاجة لتذكيركم بحجم التأثيرات السلبية لأزمة النزوح وتداعياتها على لبنان أمنيّاً وسياسيّاً واجتماعيّاً واقتصاديّاً وبيئياً، وعلى البنى التحتيّة والنمو وارتفاع معدّل البطالة؟”، معتبرًا ان “النزوح شكّل خطراً جدياً على برنامج تحقيق أهداف التنمية المستدامة في لبنان، وأدّى الى تفاقم أزمته الاقتصادية”.

وأضاف: “إذا كان لبنان يسعى جاهداً لمواجهة هذه الأزمة، فإن ذلك يدفعني الى مناشدة كل زعماء العالم ليساهموا في العمل على عودة النازحين الآمنة الى سوريا”، لافتا الى ان ” إنّ مسؤولية معالجة أزمة النزوح لا تقتصر على لبنان وحده، بل هي مسؤولية دولية مشتركة تحتّم علينا أن نتعاون جميعاً على إيجاد الحلول لها، وبصفة عاجل”.

واكد عون انه “لا يمكن للمجتمع الدولي أن يكتفي فقط بتأمين الحد الأدنى من المساعدات للنازحين واللاجئين في أماكن نزوحهم وتغييب برامج العودة الآمنة والكريمة لهم إلى بلادهم”، لافتًا الى ان ” إن شروط عودة النازحين إلى بلادهم أصبحت متوافرة، فالوضع الأمني في معظم أراضي سوريا، ووفقاً للتقارير الدولية، أضحى مستقراً والمواجهات العسكرية انحصرت في منطقة إدلب، وقد أعلنت الدولة السورية، رسمياً وتكراراً، ترحيبها بعودة أبنائها النازحين”.

وكشف انه “غادر من لبنان حتى الآن قرابة 370 ألف نازح، عاد منهم إلى سوريا ما يزيد عن 250 ألف، ولم ترِد أي معلومات عن تعرّضهم لأي اضطهاد أو سوء معاملة”، مضيفًا: ” لدينا علامات استفهام عديدة حول موقف بعض الدول الفاعلة والمنظمات الدولية المعنية، الساعي إلى عرقلة عودة النازحين والادعاءات بخطورة الحالة الأمنية في سوريا، وإثارة المخاوف لدى النازحين”.

ولفت عون الى ان “إنّ المساعي لعرقلة عودة النازحين تؤشر بوضوح الى المنطلقات السياسية التي يتم من خلالها التعاطي مع أزمة النزوح، وكأن بالنازحين قد تحولوا رهائن في لعبة دولية للمقايضة بهم عند فرض التسويات والحلول”.

عون شدد على ان “عرقلة عودة النازحين تدفع لبنان إلى تشجيع عملية العودة التي يجريها بالاتفاق مع سوريا لحل هذه المعضلة التي تهدد الكيان والوجود، لأن تجارب قضايا الشعوب المهجّرة في العالم، وانتظار الحلول السياسية لا تطمئن أبداً”.

من جهة اخرى، نبّه من خطورة تقليص خدمات الأونروا التي تقدّمها للاجئين الفلسطينيين مما تسبّب بمزيد من الضغط الاجتماعي والمالي عليهم وعلينا، ما يهدد بالتالي بتحويل الشباب الفلسطيني من طلاب علم الى طلاب ثأر. كما سجل رفض لبنان القاطع كل محاولة للمس أو تعديل في ولاية الأونروا، وناشد الدول المساهمة في موازنتها مضاعفة مساهماتها للتمكن من استعادة دورها الحيوي.

ولفت الى إن أزمة الشرق الأوسط المتمادية منذ عقود تزداد تعقيداً لأن كل مقاربات الحلول وكل الممارسات الإسرائيلية تناقض المبادئ التي قامت عليها الأمم المتحدة، لافتا الى ان “تهويد القدس والاستيطان والاعتراف بضم أراض احتلت بالقوة والوعود بضم أراض جديدة، مع ما يرشح عن صفقة القرن وتصفية القضية الفلسطينية وإبقاء الفلسطينيين حيث هم، وتضرر لبنان كونه يضم قسما كبيرا منهم.. كل ما سبق يقوض فرص السلام وينذر بمستقبل مجهول؛ فحقوق الشعوب تبقى مهما طال الزمان”.

عون اعتبر ان “الخروق الإسرائيلية للقرار 1701 لم تتوقف يوما، وكذلك اعتداءاتها المتمادية على سيادة لبنان، والعدوان على منطقة سكنية في بيروت هو الخرق الأخطر لهذا القرار… أمّا الحرائق التي استمرت لأيام في مزارع شبعا المحتلة جراء القذائف الحارقة، فتشكّل جرماً بيئياً دولياً يستوجب إدانة من تسبب به”، مضيفًا: “أعيد التأكيد أن لبنان بلد محب للسلام، ونحن ملتزمون القرار 1701، ونجهد دائماً لاحترامه، ولكن التزامنا هذا لا يلغي حقنا الطبيعي وغير القابل للتفرّغ، بالدفاع المشروع عن النفس، عن أرضنا وشعبنا، بكل الوسائل المتاحة”.

كما اكد تمسّك لبنان بحقوقه السيادية على مزارع شبعا وتلال كفرشوبا وشمال الغجر المحتلة، وهو لن يوفر فرصة في سبيل تثبيت حدوده البرية المعترف بها دولياً بالوثائق الثابتة في الأمم المتحدة وكذلك ترسيم الحدود البحرية بإشراف الأمم المتحدة، مع ترحيبه بأي مساعدة من أيّ دولة بهذا الخصوص”.

ولفت الى ان “لبنان سيباشر بعمليات التنقيب عن النفط والغاز في مياهه الإقليمية قبيل نهاية هذا العام بحسب القوانين والأعراف الدولية”.

واوضح ان “منطقة الشرق الأوسط، تشهد العديد من الحروب، وشعوبنا تدفع دوماً الثمن، من أمنها واستقرارها وسلامها واقتصادها، وحتى تنوّعها الديمغرافي… وجوهر المشكلة هو نفسه، تعارض مصلحة الأقوياء مع حق الضعفاء فتضيع المبادئ والمنطق والعدالة وتتميّع الحلول”.

وقال ان “الانحراف الطاغي على السياسة أفقد العالم استقراره، ولم تعد هناك مقاييس لحصر الخلافات والسيطرة عليها وبالتالي لحلها وفق القواعد المعمول بها، ما جعل شعوبا عدة عاجزة عن اتخاذ خيارات سياسية تتخطى حدودها ومنعها عن اللقاء والتعاون، فضاعت فرص كثيرة لحل النزاعات، وأفسح المجال واسعا للفوضى”. ولفت الى انه “لن تقوم عدالة ولن يستقيم حق ولن يتحقق سلام طالما أن المبدأ السائد في عالمنا هو: أنا قوي إذاً أنا على حق..!”

الى ذلك، اعلن عون انه سيتابع “بحرص قيام “أكاديمية الإنسان للتلاقي والحوار” إيماناً مني بأن السلام الحقيقي هو الذي يقوم بين البشر لا على الورق، وبدور لبنان ورسالته كأرض تلاقٍ وحوار، وبما يكتنزه شعبه ومجتمعه التعددي من تجارب وخبرات جعلته رافضاً للتطرف الفكري والديني، وعلمته عيش التسامح والقبول بالآخر”.