IMLebanon

ماذا بعد “الانتفاضة النيابية المتنية” على الحريري؟

لا يكاد المشهد السياسي يتنفس الصعداء أمام عودة عجلات المؤسسات الدستورية إلى الدوران بشكل طبيعي حتى طفت إلى السطح سجالات وكباشات ذات طابع دستوري وانمائي، من دون أن يفوّت القيمون عليها فرصة تطعيم هذا النوع من “الزكزكات السياسية المعتادة” بنكهة طائفية تشد العصب الشعبي في الاتجاه الذي يبتغيه المتساجلون. هذه هي الخلاصة التي انتهى إليها السجال الكلامي بين نواب تكتل لبنان القوي، وشريك التسوية، رئيس الحكومة سعد الحريري.

كان كافيا أن يطلب الحريري من كرئيس للحكومة سحب مشروع قانون (سبق أن أحالته حكومة الرئيس تمام سلام إلى المجلس) يقضي بفتح اعتماد بقيمة 94.4 مليون دولار مخصص لاستكمال بعض المشاريع ذات الطابع الانمائي في المتن حتى تنفجر القلوب “المليانة” بين الحريري والتيار العوني، تحت ستار “المسّ بصلاحيات رئيس الحكومة”، سجالا قذف المشاريع الانمائية واستكمالها إلى غياهب النسيان.

غير أن الأهم يكمن في أن هذا الاشكال وحدّ نواب المتن، على اختلاف مشاربهم، للمطالبة بضخ الحياة في عروق المشروع الانمائي في القضاء “الأكثر التزاما بدفع الضرائب”، على حد تعبير وزير الدفاع الياس بو صعب (الذي يشغل أيضا أحد المقاعد النيابية المتنية)، وإن كان ذلك لا يعني خطوة أولى على طريق إعادة وصل ما انقطع بين التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية والكتائب، بفعل التسوية الرئاسية.

على أي حال، فإن مصادر مقربة من نواب المتن أكدت لـ “المركزية” أن “المشهد الذي اجتمع في إطاره نواب المتن ليس إلا أمرا طبيعيا عندما تتعرض منطقتهم لهذا النوع من الاجحاف والظلم من جانب القيمين على الحكم والحكومة”، مشددة على أن “أهم العبر الممكن استخلاصها من حادثة الأمس تكمن في أن الأولوية اليوم في مجال الانماء ستكون لقضاء المتن، خصوصا أن المشاريع المشمولة بالقرض لا تحتاج إلا إلى استكمال، والتأخر في إنجازها ليس توفيرا، بل يكبد الخزينة مزيدا من الأعباء”.

وفي ما يتعلق بالخطوات المقبلة التي قد يركن إليها نواب المتن، شددت المصادر على أن التنسيق قائم ومستمر بالرغم من الخلافات السياسية، معربة عن اعتقادها بأن كل نائب  سيعود إلى كتلته ويثير الموضوع معها ليبنى على الشيء مقتضاه”.

غير أنها أشارت إلى أن “المؤتمر الصحافي المشترك لا يعني أننا أمام جبهة سياسية موحدة في مواجهة رئيس الحكومة، علما أن أحدا لم يكن في هذا الوارد. ذلك أن كل ما في الأمر يكمن في أن النواب كانوا يريدون المضي في المشاريع التي سبق أن انطلق تنفيذها إلى النهاية وهذا حق مشروع”.

وإذ أكدت أن المس بصلاحيات رئيس الحكومة ليس هدفا ولا مصلحة لأحد في ذلك، لكن هذا لا ينفي أن الرئيس الحريري أحدث مفاجأة بطلب سحب هذا المشروع، وهذا خطأ على الأقل في الشكل. إذ أنه كان من المفترض أن يمهد لخطوة كهذه بالتواصل مع النواب المعنيين، خصوصا أن كل المعطيات المتجمعة في هذه القضية تفيد بأن الأموال متوافرة، بدليل أن المجلس أقر مشاريع إنمائية لأقضية أخرى، وهو ما ألمح إليه النائب ابراهيم كنعان في كلمته في الهيئة العامة، مذكرا بأن البند المذكور يتعلق بمحافظة جبل لبنان.