IMLebanon

«شبكة منظّمة» خلف شحّ الدولار لفكّ طوق العقوبات عن دمشق

 

لم تهدأ المَخاوفُ من أن يصبح لبنان فريسةَ «تأثيرِ الدومينو» على واقِعه المالي – الاقتصادي في ظلّ الإشارات المُتَدَحْرِجة إلى أن البلاد باتت في «قلْب الأزمة» – وربما أكثر – التي تُسابِق «حالَ طوارئ دفْترية» لم تجد أي ترجمات لها بعد وإصلاحاتٍ موجعة ينتظرها «عرّابو» مؤتمر «سيدر» لإطلاق مساره التنفيذي، ووضْعٍ إقليمي بالغ الاضطراب «تُقتاد» إليه بيروت بقوةِ الـ«لا حوْل» بإزاء وضعية «حزب الله» الجاذبة للمَخاطر في ضوء استرهانه للدولة وخياراتها وتموْضعها الاستراتيجي.
وفيما كان رئيسُ الجمهورية ميشال عون يُلْقي كلمةَ لبنان أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، بعدما استكمل لقاءاته مع كل من الملك الأردني عبدالله الثاني والرئيس المصري عبدالفتاح السيسي والأمين العام للمنظمة الدولية أنطونيو غوتيريس، بقيتْ بيروت مشدودةً إلى ملفيْن بالغيْ الأهمية هما العقوبات الأميركية «الخانقة» على «حزب الله»، و«أزمة الدولار» التي باتت محاولات احتوائها تُسابِق ملامح «انفجار اجتماعي» بفعل «اختفاء» العملة الخضراء من الأسواق.
وأبدت أوساط مطلعة عبر «الراي» خشيتها من تَرافُق التفاعُل المتدحْرج لهذين الملفين مع إشاراتٍ سلبية حيال مدى قدرة السلطة السياسية على الحفاظ على «رباطة جأشها» والإبقاء على «الجبهات نائمةً»، في ضوء ما عبّرتْ عنه 3 مؤشرات: الأول الجلسة التشريعية للبرلمان (أول من أمس) وما سادها من احتقانٍ بين الرئيس سعد الحريري وتكتل «لبنان القوي» (كتلة الرئيس ميشال عون) سرعان ما اتّخذ أبعاداً طائفية ومناطقية وذات صلة بصلاحيات رئاسة الحكومة.
والثاني «القطب المخفية» في النزاع العقاري الذي «نُكئ» مجدداً بين بشري والضنية (الشمال) وتحديداً حول «القرنة السوداء» (أعلى قمة في الشرق الأوسط) والذي بدا أنه يستبطن في توظيفاته محاولةً لتوريط حزب «القوات اللبنانية» في «مشكلة طائفية» (مع البيئة السنية) يُراد أن تخرج منها «مهشَّمةً».
أما الثالث فـ«تَسَلُّل» قانون الانتخاب من خلف «اللحظة المالية» بامتيازِ عبر اقتراح كتلة رئيس البرلمان نبيه بري (اعتماد لبنان دائرة واحدة مع النسبية) الذي بدأ بحثه أمس في اللجان المشتركة وسط «ارتيابِ» غالبية القوى المسيحية، التي تعتبر قانون 2017 الأفضل لناحية حُسن التمثيل، من خلفيات طرْح ملفٍ «جاذب للصواعق» السياسية في هذا التوقيت الدقيق داخلياً وخارجياً.
ولم تُبْدِ هذه الأوساط اطمئناناً إلى مسار الأمور، متسائلة، هل ثمة مَن يريد افتعال «خلافات جانبية» لإزاحة الأنظار عن «أمّ المَخاطر» التي يشكّلها الواقع المالي – الاقتصادي و«كرة ثلج» العقوبات الأميركية، أو السعي للاستفادة من «تعدُّد المخاطر» لاقتناص «نقاط ثمينة» إمعاناً بكسْرِ التوازنات الداخلية.
ولاحظتْ الأوساط أنه وقبل أن يجفّ حبر «الرسائل الحازمة» التي حمَلها مساعد وزير الخزانة الأميركي لشؤون مكافحة الإرهاب مارشال بيلينغسلي وفحواها «العقوبات ستشتدّ، وابتعِدوا عن (حزب الله)»، وفيما كانت إيران توجّه إشارات ليونة متضاربة حيال حوارٍ مع واشنطن، عاودتْ طهران تظهير (إمساكها) بالواقع اللبناني عبر تأكيد وزير دفاعها أمير حاتمي «أن إيران تلعب دوراً حاسماً في معادلات الإقليم والمثال الأبرز ما يحدث في سورية والعراق ولبنان».
واستوقف الأوساطَ نفسها، أن «حزب الله» لم يتأخّر عبر قريبين منه في الإيحاء بأنه يستعدّ لـ «مواجهة العدوان الأميركي» بالعقوبات، محمّلاً السلطة السياسية والحكومةَ مسؤولية ضرورة «منْع الاستباحة المصرفية والمالية»، مع غمْز من قناة «تواطؤ داخلي» وأن ضرر العقوبات سيصيب في النهاية كل لبنان، سائلة هل يؤشر هذا المناخ إلى أن البلاد تتجه لتكون بين «مطرقة» عدم قدرة لبنان الرسمي والقطاع المصرفي على عدم الامتثال لـ«التعقُّب المالي» الأميركي للحزب ومحيطه وربما حلفاء له، وبين «سندان» الهجوم المُعاكِس الذي يتوقَّع أن يمارسه الحزب لمنْع توسيع «حبل العقوبات».
وفي سياق متّصل، أعربت الأوساط عيْنها عن عدم ارتياحها إلى ما يشبه «تقاذُف المسؤولية» عن شحّ الدولار في الأسواق والذي راوح بين حدّيْن: الأول ما كُشف عن أن بري عزا أمام بيلينغسلي هذا الأمر إلى العقوبات الأميركية وخوف المودعين من تدهور الأوضاع في البلاد نتيجتها، والثاني ما نقلتْه «وكالة الأنباء المركزية» عن مصادر مصرفية من ان «البنك المركزي» يستشعر منذ مدة وجود مخطط (وُضع حدّ له) تضطلع به شبكة منظَّمة مؤلفة من لبنانيين وسوريين وفلسطينيين وجنسيات أخرى، مقرّبين من النظام السوري، تُقْدِم على عمليات غير سليمة عبر أجهزة الصراف الآلي (ATM) الموزَّعة في الشوارع، بحيث تسحب الدولارات منها بكثرة في سبيل تحويلها إلى سورية، نقداً أو عبر شراء مواد أولية وبضائع، لتمكين النظام من الصمود في وجه العقوبات الأميركية عليه.
ولفتت إلى «أن المخطط يضرب في حجر واحد الاستقرار النقدي والمالي والاقتصادي اللبناني، ويخلق بلبلة في الداخل، كما يستنزف (المركزي) الذي يضخّ الدولارات في الأسواق ويظهره في صورة العاجز عن مواجهة الأزمة، علماً أن جهات محلية إعلامية وسياسية، لم تتردد في اتهامه بالاحتفاظ بالعملة الخضراء».
ولم يكن بعيداً ما نُقل عن رئيس لجنة الرقابة على المصارف ‏سمير حمود الذي تحدّث عن «عمليات تهريب من لبنان إلى سورية»، مؤكداً أنّ «مصرف لبنان لن يفرّط ‏بالدولارات الموجودة لديه كي يخزّنها المواطنون في منازلهم أو يتمّ تهريبها إلى الخارج، إنما مستعدّ للحفاظ على ‏أموال الناس وودائعهم».
وبعدما كان اللبنانيون «التقطوا أنفاسهم» مع إعلان مصرف لبنان ليل أول من أمس في إطار محاولة احتواء أي «انفجار اجتماعي» أنّه سيصدر تعميماً الثلاثاء المقبل ينظّم فيه تمويل استيراد القمح والدواء والبنزين بالدولار الأميركي، كرر تجمع أصحاب المحطات أمس «التمسك بالبيان الصادر يوم الاثنين والذي قبِل بمهلة الـ48 ساعة لوضع آلية لتأمين الدولار لبعض القطاعات المستوردة، وأن أي فرصة أخرى هي بمثابة إعلان إفلاس لجميع أصحاب المحطات»