IMLebanon

جراحة الفك التصحيحيّة: تجميليّة أو طبيّة؟

كتبت ماريانا معضاد في “الجمهورية”:

 

يجري حوالى 5 إلى 8 في المئة من الناس في العالم جراحة الفك التصحيحية لعلاج مشاكل في العضّة، ولتجميل شَكل الوجه. وقد تكون النسَب في الشرق الأوسط أعلى بقليل من تلك العالمية.
تعتبر جراحة الفك التصحيحية التي يطلق عليها أيضاً جراحة الفكّين التقويمية، طبيّة كما تجميلية. وهي تعمل على تصحيح عدم انتظام عظام الفك وإعادة مُحاذاة الفك والأسنان لتحسين عملها. وقد يؤدي إجراء هذا التصحيح إلى تحسين مظهر الوجه.

قد تكون جراحة الفك خياراً تصحيحياً، إذا كان المريض يعاني مشاكل في الفك لا يمكن حلّها باستخدام تقويم الأسنان فقط. وفي معظم الحالات، يمكن أيضاً استخدام دعامات الأسنان قبل الجراحة وفي أثناء التعافي بعدها، حتى يكتمل الشفاء والمحاذاة. وتعتبر جراحة الفك مناسبة بعد توقّف النمو، تقريباً من عمر 14 إلى 16 عاماً للإناث ومن 17 إلى 21 عاماً للذكور.

في حوار مع الدكتور جهاد الخوري، وهو اختصاصي في أمراض الأنف والأذن والحنجرة، وفي جراحة وترميم الفك والوجه، وهو أيضاً أستاذ مُعاين في جامعة البلمند، ورئيس دائرة الأنف والأذن والحنجرة وجراحة الفك والوجه في مستشفى القديس جاورجيوس الجامعي، تناولت جريدة «الجمهورية» دوافع جراحة الفك التصحيحية، فضلاً عن نتائجها ومضاعفاتها المحتملة.

الأسباب

بحسب د. جهاد، «يعاني عادةً المريض، الذي يرغب في إجراء جراحة الفك التصحيحية، مشاكل في الفك، ما يؤدي إلى مشاكل في فتحة الفم والعضّة. ويستشير المريض في غالب الأحيان طبيب تقويم الأسنان والفك، الذي يجري له صوَراً للفك، ويقوم بدراسة علمية للكشف عن حالته: هل يحتاج تصحيح العضّة وترميم شكل الوجه لدى المريض إلى تقويم أسنان من دون عملية جراحية، أم أنه بحاجة إلى الجراحة؟ يتعلق الأمر بنوع مشاكل العضّة.

وتجدر الإشارة إلى أنّ تحسين العضة يؤدي تلقائياً إلى تحسين شكل الفك والوجه (إذ تظهر الوجنتان والشفاه بشكل أوضح، ويرتفع الأنف…). علماً انّ غالبية المرضى الذين يُجرون جراحة الفك التصحيحية، يوجّههم طبيب تقويم الأسنان إليها».

عملية تصحيح الفك تجميلية وتصحيحية

تشمل عملية تصحيح الفك شقّين، فيشرح د. الخوري: «يهدف الشق التصحيحي إلى تصحيح العضّة. هو شق طبّي يسمح بتمكين المريض من تناول الطعام ومَضغه بشكل سليم، ووضع حدّ لتَضرّر الأسنان، لاسيما في الجزء العلوي من الفك، التي قد تسقط أو تفقد ثباتها نتيجة المشكلة في الفك».

ويعاني بعض الأطفال والمراهقين من السخرية والتهميش بسبب أشكال وجوههم «الغريبة»، نتيجة مشكلة كبيرة في الفك. لذا، تساعدهم هذه العملية على تحسين أشكال وجوههم بشكل ملحوظ، ما يعيد ثقتهم بأنفسهم، ويعود بالفائدة على صحتهم النفسية، وحياتهم الاجتماعية وحتى المهنية.

تقويم الأسنان إلزامي في جراحة الفك التصحيحية

نادراً ما يرفض الجرّاح إجراء عملية الفك التصحيحية، لأنه وقفاً لـ د. جهاد «إنّ طبيب التقويم هو الذي يحضّر المريض للعملية في غالب الأحيان، وهو الذي يوجّهه لدى الجرّاح في أول العلاج أو خلاله. ولكن ثمة مرضى يأتون إلى الجرّاح مباشرة. هنا، يرسلهم الجرّاح لدى طبيب التقويم، لأنّ استشارته هي أمر إلزامي قبل إجراء العملية».

المخاطر

بحسب د. الخوري، تشمل مخاطر جراحة الفك التصحيحية التالي:

– مخاطر العمليات الجراحية عامة، أي مخاطر البنج: نزيف، التهاب، عدم اختتام الجرح بشكل صحيح.

– مخاطر عملية تصحيح الفك تحديداً:

الفك السفلي: خطر انقطاع العضل، ما يؤدي إلى تنميل في الشفة السفلة وفقدان الحاسة فيها.

الفك العلوي: نزيف، إلتهاب بعد فترة من العملية نتيجة عدم ثبات جزء من العظمة.

– مخاطر ما بعد العملية: عدم نجاح تصحيح العضة 100 في المئة، أو تحرّك الفك مجدداً من بعد الجراحة. وهذا الأمر لا يتعلق بالطبيب الجرّاح، بل بطريقة تحضير المريض لإجراء العملية، أي الدراسة، وطريقة تنفّس المريض (إنّ التنفّس من الفم لا من الأنف قد يغيّر شكل الفك مجدداً بعد العملية).

هل تعلم؟

تابع د. جهاد: «خلال نمو الإنسان، يدخل الهواء من الأنف عبر الجيوب الأنفية، فينمو الفك العلوي. ويَحدّ اللسان من نمو الفك السفلي، فيصبح هناك اتزان بين الفكّين. ولكن إذا كان الإنسان يتنفّس من فمه، ينمو الفك السفلي، ويبقى حجم الفك العلوي نفسه، ما يؤدي إلى عدم اتّزان، وعضّة غير صحيحة. لذا، إذا شكّ طبيب تقويم الأسنان أنّ الطفل – المريض يتنفس من فمه لا من أنفه (حتى في حال عدم الحاجة إلى عملية جراحية)، فإنه يوجّهه لدى طبيب الأنف والأذن والحنجرة للتأكد من أي مشكلة في التنفس».

نتائج جراحة الفك التصحيحية

علّق د. جهاد قائلاً: «في اللغة الفرنسية، نقول انّ الشخص خضع لعملية جراحية (il a subi un operation chirurgicale). أمّا في حالة الجراحة التصحيحية للفك، فنقول انه استفاد من العملية (il a bénéficié d’une opération).

إجمالاً، إنّ نتائج عملية تصحيح الفك كلها إيجابية، باستثناء بعض المضاعفات البسيطة، مثل تنميل الشفاه والتورّم البسيط… ويتحَسّن الشكل والعضّة أيضاً، كما يخفّ الضغط على مفاصل الفك».

لكنّ الخطر موجود في أي عمل طبّي. لذلك، أوضح د. الخوري: «إنّ 10 إلى 15 في المئة من عمليات تصحيح الفك تزول نتائجها بعد فترة من إجراء العملية. وقد يكون السبب مشكلة معينة، مثل التنفس من الأنف، أو اتجاه الأسنان إلى الأمام. إذاً، لا يخلو الأمر من المضاعفات. ولكن بالإجمال، إنّ نتائج عملية تصحيح الفك أفضل من العمليات التجميلية للأنف مثلاً، أو باقي الوجه أو الجسم. وإذا اتّبَع المريض تعليمات الطبيب التقويمي وتَحضّر جيداً للعملية، فإنّ نسبة فشل العملية أو ظهور المفاجآت خلالها مُتدنية جداً».

موانع العملية

ختم د. جهاد الخوري: «ما من أسباب طبية أو أمراض تمنع إجراء جراحة الفك التصحيحية للمرضى الذين يعانون مشاكل في العضة. ولكن يجب تشديد الحيطة لمرضى السكري مثلاً، فقد لا يلتئم الجرح تماماً بعد العملية. إلا أنه سبق لنا أن أجرينا عمليات تصحيح الفك لمرضى السكري، وكانت ناجحة. كما أنّ هذه العملية غير مُستحَبة للكبار في السن، نظراً لارتفاع نسبة الخطر. فقد لا يلتئم الجرح، وللعامل النفسي دور هنا، إذ يتغيّر شكل وجه المريض ومعالمه بعد العملية، ومن الصعب تَقّبل صورته الجديدة في عمر كبير».