IMLebanon

أزمة الدولار تفضح مجددا هشاشة العلاقة بين أهل الحكم

بعيدا من الفوضى المالية الاقتصادية الشعبية التي خلّفتها فوق الساحة المحلية، أزمةُ شح الدولار، التي يفترض ان تشهد مفاعيلها نوعا من الانحسار بعد صدور تعميم المصرف المركزي اليوم، تركت التطورات التي رافقت هذه القضية، وتلتها، لناحية مسبّبات انقطاع العملة الخضراء او لناحية التظاهرات واعمال الشغب التي حصلت في الشارع، ندوبا واضحة في العلاقات الرئاسية.. صحيح ان توتّرها لم يكن “بالمباشر” وبقي صامتا الى حد كبير، الا ان من يتابعون من كثب الاوضاع اللبنانية أدركوا ان الامور ليست على ما يرام بين اهل الحكم. هي ليست المرة الاولى التي يختلف فيها قادة السفينة اللبنانية، العائمة في بحر هائج، بين بعضهم البعض، بحسب ما تقول مصادر سياسية لـ”المركزية”. فتبايناتهم تتخطى بأشواط تفاهماتهم. لكن هذه المرة، اتخذ الخلاف ابعادا مضاعفة لأن الازمة لم تكن سياسية او استراتيجية، متعلقة بموقع لبنان الاقليمي مثلا او بالعلاقة مع دمشق او بمن يمسك بقرار الحرب والسلم. بل كانت المصيبة “معيشية” مسّت المواطن اللبناني في الصميم في حياته اليومية وفي جيبه، متهددة مستقبل الليرة والبلاد برمّتها، خاصة وان الاخيرة تقف اصلا على شفير الانهيار الاقتصادي. وبدل ان تستنفر الحكومة قواها وتقف يدا واحدة وقلبا واحدا لمحاولة ايجاد حلول سريعة للواقع الخطير والدقيق الذي وصلنا اليه، تضيف المصادر، انطلقت عملية تقاذف للمسؤولية في ما بين الفريق الحاكم نفسه، تارة عبر وسائل الاعلام التابعة لهم وطورا عبر نواب ووزراء ومصادر!

أسطع دليل الى الخلل في العلاقات، كان موقف رئيس الجمهورية العماد ميشال عون لدى عودته من نيويورك حين قال ان ما يحصل هو من مسؤولية وزير المال وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة. وتضاف اليه مواقف عضو تكتل “لبنان القوي” النائب زياد أسود– وإن لم يتبنها تكتّله في العلن- وقال فيها عبر “تويتر” “سمعت ان التبجيل وصل الى حد ان عون مسؤول عن خراب البلد وان سعد الحريري يحمل كرة نار وقد تناسى البعض ان البلد وصل الى هنا بسبب سياسة رفيق الحريري المالية والاقتصادية”. كما انبرى الفريق الاقتصادي للوزير جبران باسيل الى تحميل الحاكمَ سلامة مسؤولية افتعال أزمة الدولار . كل ذلك حصل، تتابع المصادر، في وقت من المعلوم ان “الحاكم” يمثّل في شكل او آخر، رئيسَ الحكومة سعد الحريري ونهجه المالي. أما حزب الله، فصوّب بدوره، على حاكم “المركزي” عبر “المنار” التي قالت في مقدمتها امس التعميم “سينظم عبره تأمين الدولار بالسعر الرسميِ لتأمين البنزين والطحين والدواء. فكيف سيتم التأمين بين ليلة وضحاها؟ وان كانت موجودة، وهي موجودة، فلماذا حُجِبَت عن الاسواق التي وصلت حدَّ الغليان، ومعها المواطن الذي ليس له عند هؤلاء اي حساب؟ سؤالٌ برسم الايام”. من جانبه، تحدث باسيل عن “شركاء بالداخل يتآمرون على البلد واقتصاده”، قائلا “تخيلوا ان هناك لبنانيين يفبركون صورا غير صحيحة ليحرضوا المواطنين على الدولة بدل ان نتضامن جميعا لتخطي هذه المرحلة”.

وبعد هذه الحرب الباردة، التي زكّتها ايضا روايات كثيرة نشرت في الصحف عن عتب رئاسي على الحريري وأدائه، سارع الطرفان امس الى نفي هذه المعطيات ودحضها، قبل ان يستقبل الرئيس عون سلامة امس، حيث أفيد ان اللقاء كان ايجابيا ومسؤولا. الهدنة العائدة تحتّمها التسوية الرئاسية وما تؤمّنه لأطرافها. فهل ستتيح التوصل الى حل جذري للأزمة الناشئة؟ الامل الا تنتصر التسوية، ويبقى المواطن ولبنان يراكمان الهزائم! تختم المصادر.