IMLebanon

الصراخ وأطفالنا.. كيف يسيطرون على انفعالاتهم؟

كتب د. أنطوان الشرتوني في صحيفة “الجمهورية”:

خلال النّموّ، وخلال السنوات الثلاث الأولى من حياته، يتعلّم الطفل كيفية التصرّف عندما يواجه التجارب في يومياته. فيتعلم «متى» و«كيف» و«لمَ» يصرخ، واحد من الانفعالات التي يكتسبها الطفل. ولاحظ علماء النفس والاختصاصيين بعلم نفس النموّ بأنّ الانفعالات عند الطفل وخصوصاً الانفعالات السلبية، مرتبطة أشدّ الارتباط بالظروف التي يعيشها الطفل وبالمواقف التي يواجهها. القصة التوعويّة لهذا الأسبوع عن «هادي» الذي سيتعلم كيف يجب أن يسيطر على انفعالاته. قراءة مفيدة للطفل وللأهل على حدٍّ سواء.

بعد رجوعه من المدرسة، وصل «هادي» إلى البيت وكان غاضباً جداً. شيء ما حصل معه في الصف. حاولت والدته أن تعرف سبب انزعاجه:
– ما بك يا بني؟ لمَ انت غاضب جداً؟

لم ينطق «هادي» بأيّ حرف، بل ظلّ عابساً وهو جالس في إحدى زوايا البيت.

– ألا تريد أن تأكل شيئاً؟ لقد حضّرت لك طبق البازيلا والأرُزّ. أنت تحب كثيراً هذا الطبق!

بقي «هادي» صامتاً لا يقول أيّ كلمة. فاقتربت منه أخته الصغرى «جنى» تحاول أن توانسه لتخفّف من غضبه وحزنه. ولكن تصرّف «هادي» كان غير مقبول. فقد بدأ بالصراخ والركل:
– لا أريد أن أتكلم مع أحد! إبتعدوا عني! لا أريد أن أخبركم شيئاً!

فقالت له والدته بكلّ هدوء:
– كما تريد يا بنيّ. سأدعك لوحدك ترتاح وتهدأ. وعندما تصبح بأفضل حال يمكننا التكلم عن الموضوع الذي يزعجك.

نظر «هادي» إلى والدته، التي دخلت إلى المطبخ وبقي لوحده في إحدى زوايا البيت، يفكر بتصرفاته ولماذا يشعر بالغضب.

بعد حوالى الـ10 دقائق، أخذ «هادي» نفَساً عميقاً، وكرّر هذا التمرين 5 مرات:

جلس «هادي» بشكل مريح ووضع يده على صدره واليد الأخرى على بطنه وأغلق عينيه وبدأ يتنفس بشكل عميق وبطيء جداً. كما ركزّ «هادي» على تنفّسه لكي يستطيع الاسترخاء. وتخيّل «هادي» بأنّ في كلّ حركة زفير، مشاعر القلق والغضب تخرج من فمه.

وعندما أحسّ «هادي» بأنّ عضلاته قد ارتخت وشعر بأنّه أقلّ غضباً وأقلّ حزناً، توجه إلى المطبخ، حيث كانت الأمّ تقوم بإطعام «جنى». نظرت الأم إلى ابنها وقالت له:
– هل هدأت الآن؟

– نعم يا أمي !
ردّ عليها «هادي» بكلّ رويّة.

– وماذا يجب أن تقول لي:
– إنني متأسف جداً على تصرفاتي غير المقبولة. إنني أعرف بأنّ الصراخ والركل ليسا تصرّفين سليمين، كما لا يمكن حلّ المشكلة بالصراخ.

فردّت عليه الأم متفهمةً كلام ابنها:
– عافاك يا بني ! عندما نواجه مشكلة في الصف أو في المنزل أو حتى مع أصدقائنا، من المهم أن نعالجها بشكل هادئ ورصين. ولا يمكن أن نصرخ أو نضرب أحداً أو حتى أن نستعمل كلمات سيئة.

وعرف «هادي» بأنّه لا يمكن الصراخ أو ضرب أو ركل أحد إذا كان يشعر بالغضب، بل يجب أن يخبر أحداً عن غضبه. يمكن أن يخبر معلمة الصف أو الماما أو حتى البابا أو أيّ شخص يثق به. كما يمكنه أن يطبّق تقنية الاسترخاء وألّا ينفعل بشكل سريع.