IMLebanon

هل يتجه لبنان نحو دول مثل الارجنتين والبرازيل وسوريا وغيرها؟

كتب د. عامر مشموشي في صحيفة “اللواء”:

معظم المراقبين، غير متفائلين بخروج لبنان معافى من أزماته الاقتصادية والمالية البالغة الحدة في ظل غياب المعالجات الصحيحة.

يواصل رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري جولاته على الدول العربية طالباً منها الدعم لمساعدة لبنان على الخروج من ضائقته الاقتصادية والمالية التي تتفاقم يوماً بعد آخر، وكانت زيارته الأخيرة إلى الإمارات المتحدة حيث شارك في مؤتمر الاستثمار الاماراتي – اللبناني وعقد سلسلة اجتماعات على هامشه مع ولي العهد الاماراتي، وعدد كبير من المسؤولين والمؤسسات الاستثمارية وكبار رجال الأعمال الاماراتيين والأجانب.

وقد وصف الرئيس الحريري مباحثاته معهم بأنها كانت ناجحة جداً وبدأت بوادرها تظهرة بقرار السماح للاماراتيين بزيارة لبنان والاستمرار فيه وأعرب معظم أعضاء الوفد المرافق لرئيس مجلس الوزراء عن آمالهم في أن تعقب هذه الخطوة الاماراتية خطوات أخرى منها على سبيل المثال لا الحصر تقديم مساعدات إلى لبنان منها وضع ودائع في المصارف والاقبال على شراء ستندات يصدرها لبنان باليورو بوند، إضافة إلى مساعدات لقطاع الكهرباء من شأنها أن تخفض من ميزان العجز التجاري، والقروض، وتضع لبنان على طريق الإنعاش، من دون أن ينسى هؤلاء نصائح المسؤولين الاماراتيين إلى رئيس الحكومة اللبنانية بوجوب السير اليوم قبل الغد في تحقيق الإصلاحات البنيوية من خلال الموازنات العامة، استجابة منها لمطالب المجتمع الدولي بدءًا بمؤتمر «سيدر» ووصولا إلى المؤسسات الدولية للتصنيف الائتماني. إلا أن هذه الصورة الإيجابية التي ما زال يشوبها الشك، وخصوصاً بعد المعلومات التي نقلها أحد أعضاء الوفد والتي تشير إلى أن المسؤولين الاماراتيين لم يجزموا للرئيس الحريري بأنهم يعمدون في القريب العاجل إلى وضع وديعة مالية على غرار ما فعلته المملكة العربية السعودية بعد حرب 6 تموز بل تركوا هذا الموضوع مطلقاً لمزيد من الدرس عمّا إذا كانت ظـروف لبنان تسمح بذلك أم لا.

وإذا كانت زيارة الحريري إلى دولة الإمارات وإلى المملكة العربية السعودية طلباً لمساعدة لبنان تركت أصداء ارتياح في السوق، إلا أن معظم المراقبين، ما زالوا غير متفائلين بخروج لبنان معافى من أزماته الاقتصادية والمالية البالغة الحدة، في ظل غياب المعالجات الصحيحة التي تجنّب الوقوع في المحظور المعلوم، مستندة في تشاؤمها إلى أزمة الدولار التي ما زال لبنان يعيش فصولاً منها بالرغم من بعض الإجراءات الخجولة التي اتخذها حاكم مصرف لبنان في الآونة الأخيرة والتي هدف منها إلى لجم ارتفاع سعر صرف الدولار على حساب الليرة اللبنانية، لأن هذه الإجراءات في نظر هؤلاء المراقبين لم تسفر عن أية نتيجة إيجابية لجهة المحافظة على سعر صرف الدولار الذي ظل ثابتاً منذ منتصف تسعينات القرن الماضي نتيجة الإجراءات التي اخذها المصرف، ويغزو هؤلاء المراقبون السبب إلى سوء تعاطي المسؤولين اللبنانيين مع هذه الأزم

إما عن قصد أو عن عدم معرفة الأمر الذي أدى بعد الإجراءات التي اتخذها حاكم المصرف رياض سلامة وبعد الاجتماع الذي عقده رئيس الجمهوري مع نقابة الصرافين إلى سحب البساط من تحت قرار تحديد سعر الصرف الذي شكل في السابق ضمانة لليرة اللبنانية، ومزيداً من ثقة المستثمرين بلبنان وفتح الباب واسعاً أمام السوق السوداء، كما أعلنت النقابة بعد اجتماعها مع رئيس الجمهورية مطلع هذا الأسبوع، بما يعني أنه لم يعد هناك أي انضباط لسعر الصرف، ولو تحت شعار تثبيت سعر الصرف الرسمي، وإطلاق حرية نقابة الصرافين في وضع سعر الصرف في لبنان مثل الدول التي تعتمد سعرين أحدهما رسمي وآخر خاضع للسوق السوداء مثل سوريا ومصر والارجنتين والبرازيل وغيرها من الدول التي يُعاني مواطنوها من تدني سعر صرف العملة الوطنية تجاه الدولار، وهي مضطرة إلى التأمل معه على أساس حركة السعر في السوق السوداء.

وإزاء ما وصل اليه الأمر على هذا الصعيد يفتح الباب واسعاً أمام انهيار العملة اللبنانية، خصوصاً إذا صحت المعلومات المتداولة بين كل الأوساط عن تفاهمات بين المصارف المفيدة بالسعر الرسمي وبين الصيارفة والذي من شأنه أن يؤدي حكما إلى انهيار سعر الليرة أمام الدولار كما حدث في عهد حكومة رئيس الحكومة السابق المرحوم عمر كرامي في أوائل التسعينات، تجاوز سعر صف الدولار الألفي ليرة وأدى في حينه إلى استقالة الحكومة وإلى تعميم الفوضى المالية، فهل هناك مخطط يصب في هذا الاتجاه؟ هذا هو السؤال المركزي الذي يطغى على ما دونه من التطمينات التي تطلق من هذا المسؤول ومن ذاك عن ثبات سعر صرف الدولار؟