IMLebanon

هل طارت فرص إقرار الموازنة ضمن المهل؟

فيما كانت الحكومة اللبنانية تسابق الوقت لانهاء درس موازنة 2020 ضمن المهل الدستورية، حلّ 15 تشرين الاول موعد “الاستحقاق”، من دون ان تتمكن من تحقيق “الانجاز” الذي هللّت له قبل حصوله، وتحدّث عنه رئيسها سعد الحريري امام الدول المانحة من باريس الى الامارات. وبعد سقوط هذه المهلة، وضع المجلس لنفسه تاريخا جديدا هو الثلثاء المقبل لاحالة مشروع الموازنة قبل حلوله الى البرلمان، بما لا يُعدّ خرقا للدستور الذي، وفق بعض الخبراء، يعطي الحكومة أسبوعا اضافيا بعد 15 تشرين، لارسال الموازنة الى ساحة النجمة.

فهل ستتمكن الحكومة من رفع التحدي في الايام القليلة المتبقية امامها؟

بحسب ما تقول مصادر سياسية مراقبة لـ”المركزية”، لا تبدو الاجواء ايجابية او مشجّعة. فمن الناحية التقنية – الاقتصادية، التباينات بين القوى السياسية انفجرت من جديد في مجلس الوزراء امس. وأظهرت ان الخلاف على شكل الموازنة وكيفية احالتها الى مجلس النواب، مع الاصلاحات المنشودة الجاري البحث فيها في اللجنة الوزارية المختصة، او من دونها، لم يحسم بعد.

فالقوات اللبنانية على موقفها المبدئي: نرفض موازنة بلا اصلاحات ولن نقبل بأي اجراءات ضريبية، لخفض العجز وتأمين واردات للخزينة من دون الاصلاحات. التيار الوطني الحر ايضا يرفع هذا الشعار. لكن يبدو ان ثمة ازدواجية في خطابه، وفق المصادر، حيث يصار الى الاتفاق معه على بعض النقاط في لقاءات جانبية، آخرها كان في بيت الوسط بين الحريري والوزير جبران باسيل وبين الاخير ووزير المال علي حسن خليل، ويتم الانقلاب عليها لاحقا. من هنا، كانت “انتفاضة” الرئيس الحريري امس حين رفع الجلسة “غاضبا” من رفض الوزير باسيل طرحه زيادة الـtva. أما القوى السياسية الاخرى من حزب الله الى الحزب التقدمي الاشتراكي، فيرفضان ايضا الضرائب او يطالبان بدراسة متأنية لها ولما ستشمله من منتجات وسلع قبل تحديد الموقف…

واذ تشير الى ان هذه التباينات كلّها، التي لا تطال تفاصيل بل نقاطا جوهرية في الموازنة، لا توحي بامكانية الانتهاء من درسها في المدى المنظور، تقول المصادر ان الاجواء السياسية المشحونة التي عادت لتسيطر على المناخ الداخلي عموما والوزاري خصوصا في أعقاب مواقف باسيل من زيارة دمشق ومطالبته باعادتها الى الجامعة العربية، لا تساعد هي الاخرى، في تقريب وجهات النظر ولا في توقّع خروق ايجابية قريبا.

امام هذا التعثر، تحذّر المصادر من استسهال عرقلة الموازنة وعدم ولادتها في مواعيدها الدستورية. فالعالم بأسره يراقب لبنان وينتظر منه الوفاء بما تعهّد به، وتوجيه رسائل ايجابية الى دول “سيدر”، لا تكون فقط باقرار موازنة دفترية تقليدية، ضمن المهل، بل موازنة “نوعية” تلحظ، في بحرها او الى جانبها لا فرق، اجراءاتٍ بنيوية لمحاربة الفساد ومكافحة الهدر، عبر ضبط التهرب الضريبي والتهريب عبر المعابر الشرعية وغير الشرعية، وتشكيل هيئات ناظمة لقطاعات اساسية ابرزها الاتصالات والكهرباء…

فاذا فعلت، خطت خطوة جبارة نحو الفوز بأموال المانحين، أما ان لم تفعل، فإن اي مساعدات لن تصل الى بيروت التي تحتضر اقتصاديا في الوقت الراهن. فالقطاعات الحيوية الاساسية كلّها ترفع الصوت ويتم حقنها تباعا من قبل رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس الحكومة بجرعات مهدّئة لتعليق اضراباتها وتأجيلها. لكن هذا المسار لا يمكن ان يستمر طويلا، والانفجار آتٍ لا محالة اذا لم يسارع اهل الحكم الى العمل الجدي، فيضعون السجالات السياسية جانبا ويتخذون القرار بالاصلاح الحقيقي.