IMLebanon

الشارع السني للحريري: “لا للتسوية”!

كثيرة كانت المفاجآت التي خبأها اللبنانيون طويلا لزعمائهم قبل أن ينتفضوا في وجههم “كلن يعني كلن”، ليس أقلها الانفجار المباغت الذي يطفئ اليوم الخميس شمعة أسبوعه الأول في الشارع، والذي يبدو أن لا شيء قادرا على امتصاص غضبه، لا ورقة الحكومة الاصلاحية، ولا خطاب رئيسها سعد الحريري الذي ذهب إلى حد تبني مطلب الانتخابات النيابية المبكرة، عله يسحب فتيل الانتفاضة. حتى أن رسالة رئيس الجمهورية ميشال عون لم تؤد الغرض منها، بل انعكست زخما شعبيا أكبر وربما أفعل… لكن كل هذا في واد والرسائل الواضحة التي يوجهها الشارعان السني والشيعي إلى زعمائهما في واد آخر.

ففي وقت تسجل للحراك الشعبي المفترض أنه انطلق عفويا من وجع الناس قدرته على دفع جمهور الثنائي الشيعي إلى القفز فوق الممنوعات المعهودة التي حرمته طويلا حق التعبير عما يختلجه من صرخات المعارضة والاحتجاج، تلفت مصادر سياسية مراقبة عبر “المركزية” إلى ما تشهده الساحات والشوارع في المدن والمناطق ذات الأكثرية السنية.

وتعتبر في السياق أن ليس أبلغ من المشهد الليلي الذي تسجله مدينة طرابلس، وإن كان مطبوعا بالرقص والموسيقى وسواهما من مظاهر الفرح، رسالة إلى رئيس الحكومة سعد الحريري، مفادها أن الشارع الذي لطالما نام الحريري على “حريره” السياسي والشعبي ليس راضيا عن الخيارات السياسية التي يركن إليها رئيس الحكومة، وإن كانت الواقعية السياسية تبرر له هذه الخطوات.

وتشير المصادر إلى أن الكلمة التي ألقاها الحريري بعد جلسة مجلس الوزراء الأخيرة في بعبدا دلت بوضوح إلى أن خيار الاستقالة من منصبه ليس واردا، علما أنه يحضر على رأس قائمة مطالب ملايين المحتجين في الساحات، وفي ذلك مؤشر إلى تمسك رئيس الحكومة بشراكته مع زعيم التيار الوطني الحر جبران باسيل، لتسيير أمور الحكم والحكومة، وهو ما لا ينزل بردا وسلاما على القاعدة الشعبية الزرقاء. بدليل أن كوادر من تيار المستقبل مارسوا كثيرا من الضغط لإلغاء اللقاء الذي كان المفترض أن يجمعهم بباسيل، وقد نجحوا في تسجيل هذا الهدف في مرمى الحريري.

ولا تفوت المصادر عينها فرصة الاشارة إلى أمر حساس لا يقل أهمية عن المطالب الشعبية في حد ذاتها، وهو تعرض رموز التيار الوطني الحر وممثليه في البرلمان لذكرى الرئيس الشهيد رفيق الحريري، ما يمس القاعدة المستقبلية بشكل مباشر، علما أن هذه الأخيرة اغتنمت فرصة الانتخابات النيابية لتعبّر عن امتعاضها إزاء التسوية الرئاسية، بدليل تراجع عدد نواب المستقبل، والنتيجة المهمة التي حققها رئيس الحكومة الأسبق نجيب ميقاتي في طرابلس على سبيل المثال، لا الحصر. وتختم المصادر مشيرة إلى أن إذا كان القيّمون على التسوية بين الحريري والثنائي عون- باسيل يجهدون في ابقائها على قيد الحياة، فإن من المفيد إعادة مراجعة أسسها، بما من شأنه أن يجنب أطرافها مزيدا من الخسائر الشعبية.