IMLebanon

ثورة المرأة اللبنانية

كتب د.ناصر زيدان في صحيفة الأنباء الكويتية:

برزت المرأة اللبنانية بشكل جلي أنها زهرة الثورة الشعبية التي انطلقت في 17 أكتوبر، وبدا من مشاهد السلسلة البشرية التي امتدت على مساحات واسعة من طرقات لبنان يوم الأحد، احتلال النساء من مختلف الأعمار للحيز الواسع من الأماكن التي غطتها السلسلة، كما في الساحات الواسعة التي غمرها المواطنون بحضورهم خلال الأيام الماضية، والحديث على شاشات التلفزة ولوسائل الاعلام غلب عليه الصوت النسائي بشكل واضح.

المرأة أعطت جمالية للانتفاضة، وكانت عامل جاذبية إعلامية هائلة لنقل وقائع حراك الثورة، كما كانت عنصر جذب كبير لفئات الشعب وشدتهم للنزول الى الشارع والمشاركة في التظاهرات والنشاطات الموازية.

والمشاركة النسائية الواسعة كانت عاملا واقيا للاستهدافات السياسية والأمنية التي خطط لها البعض للنيل من الحراك وتخويفه، وقد برزت المرأة اللبنانية بصورة مشعة ومسؤولة، وأثبتت شجاعة منقطعة النظير، وأكدت أن الثورة موجهة أساسا ضد الخوف ومن أجل المواطنة ومن أجل الدولة المدنية على ما قالت الفنانة ندى بوفرحات.

وما بين سحر اللطافة النسوية الزاهية للمرأة اللبنانية وبين اصرارها وشجاعتها، استمرت الثورة، وحافظت على تألقها ومقبوليتها، رغم المحاولات الخشنة واليائسة التي قام بها البعض لاستغلالها، أو حرفها، أو شيطنتها.

كان نقاء المرأة اللبنانية عازلا سميكا حدّ من الجنوح الذي أراده البعض للانتقام، او للاستثمار، أو لأخذ الثورة الى أماكن لم تكن أبدا هدفا للطيبين الذين نزلوا الى الشارع ضد التهميش وضد الاستبداد، وضد سياسة المحاور السوداء المقيتة، وضد الظلم والفقر اللذين أصابا اللبنانيين جميعا في السنوات الأخيرة.

بعض الشبيحة الذين حاولوا اقتحام ساحات الاعتصام – لاسيما في وسط بيروت – كانوا من الرجال فقط، وقد تصدى لهم النساء بقوة الرقة والصدق والنبالة.

ودموع الجنود الذين بكوا عندما أجبروا على التصدي للمتظاهرين أمام مشاهدتهم عظمة المرأة اللبنانية الجميلة التي أسرت برقيّها عاطفتها ووطنيتها الجنود اللبنانيين.

ومن المؤكد أن القضايا المطلبية التي تنشد اليها المرأة اللبنانية أكبر وأوسع من القضايا التي تهم الرجال، لأن الصعوبات التي تواجه النساء في لبنان أوسع من الصعوبات التي تواجه الرجال. ذلك أن مرحلة دخول المرأة اللبنانية بقوة الى سوق العمل واجهت انكماشا هائلا في الاقتصاد، وتقلصا في فرص العمل.

وبعض القوانين الذكورية – خصوصا في مجال الأحوال الشخصية – دفعت النساء الى الهرولة الى الساحات عندما جاءت الفرصة المناسبة، لأن المرأة لا تستطيع إعطاء الجنسية لابنها اذا كانت متزوجة من أجنبي، وهي تخضع لمحددات تفرضها قوانين الأحوال الشخصية عليها دون الرجال.

وهي في السياسة لا تأخذ دورها كما يجب، لأن الثقافة الذكورية تعطي فرصا للرجال أكثر مما تعطي فرصا للنساء في هذا السياق، نظرا للمضايقات التي تتعرض لها النساء بمناسبة دخولها المعترك السياسي، علما أن القوانين تتعاطى بمساواة كاملة بين الجنسين، لكن نسبة وجود المرأة في مجلس النواب وفي مجلس الوزراء لا تتجاوز 5%.\