IMLebanon

عن لعبة الشوارع الخطرة! (بقلم رولا حداد)

هل انزلق لبنان إلى “حرب شوارع” سياسية؟

هذا السؤال بات ملحاً بعد تطورات الأحد والانتقال إلى سيناريو الشارع مقابل الشارع، وذلك بغض النظر عن الأحجام الشعبية لكل شارع.

وإذا كان خطاب رئيس الجمهورية أمام شارع “التيار الوطني الحر” مسالماً وداعياً لالتقاء الساحات وتوحيدها، فإن ذلك لا يكفي على الإطلاق لأن مجرد الانزلاق إلى منطق الشوارع يعني الانتقال بلبنان إلى مرحلة جديدة من المخاطر والمواجهات التي لا يمكن لأحد أن يتكهّن إلى اين يمكن أن تقود البلد العالق في قعر الهاوية.

كان من المفيد بمكان قبل الدعوة إلى المحبة أن تتم العودة إلى الدستورية والآلية المنصوص عنها بالدعوة إلى الاستشارات النيابية الملزمة، على أن يبدأ الرئيس المكلف استشاراته لتشكيل الحكومة الجديدة، عوض أن يتم رهن التكليف بتشكيل مسبق للحكومة من خلال استشارات خلافاً للدستور تجريها أطراف سياسية بمعزل عن هوية الرئيس المكلف، وبتجاوز لدوره وصلاحياته، ما يعكس عدم احترام الدستور والصلاحيات أولاً وعدم احترام الإرادة الشعبية بتكليف وتشكيل سريعين لحكومة من التكنوقراط تخفف من حدة المواجهات السياسية وتنصرف لمواجهة الكارثة المالية والاقتصادية علّها تتمكن من ترميم ما يمكن ترميمه قبل فوات الأوان.

إن منطق الشوارع هو اللامنطق بحد ذاته. منطق الشوارع المتقابلة هو منطق الغرائز المفتوحة على سيناريوهات مخيفة تطيح بما تبقّى من استقرار، إذا كان بالإمكان بعد كل ما يجري الحديث عن “استقرار” ما!

ولعلّ الخطير في ما يجري، هو محاولة حرف الشوارع عن أحقية المطالب الاقتصادية والمالية والاجتماعية والحياتية التي توحّد اللبنانيين من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب، إلى عناوين سياسية بهدف تفريق اللبنانيين مجدداً ووضعهم في خنادق متقابلة. فما يوحّد اللبنانيين هي المطالب بالحق بالماء والكهرباء والطبابة والاستشفاء وفرص العمل، وليس المطالبات بعشرات قوانين الانتخابات أو بطروحات سياسية تفرّق ولا توحّد.

إذا كان الشارع غير واعٍ لكل ما يجري، فإن الكارثة أن ينقسم السياسيون بين غير مدركين لخطورة الوضع وبين متآمرين لا يمانعون في جرّ لبنان إلى ما لا تُحمد عقباه.

إن كل الطبقة السياسية تتحمّل مسؤولية الكارثة التي يأخذون لبنان إليها، ولم تعد تقتصر الكارثة على الجانب المالي والاقتصادي والاجتماعي، بل باتت تهدد الجانب الأمني من خلال الإصرار على تحدّي اللبنانيين والدستور، ورفض تقديم أي تنازل على حساب كراسيهم ومصالحهم، فيصرّون على المكابرة ولو كلّف الأمر إشعال البلد. ومن يدري، لربما كان إشعال البلد من مصلحتهم لإخفاء كل ما اقترفت أيديهم من جرائم مالية وصفقات يندى لها الجبين.

حمى الله لبنان، على أمل أن يبقى الشعب اللبناني متيقظاً من كل المؤامرات التي تحيط بنا، لربما يكون الشعب أوعى من مسؤولين فيحبطها ويمنع تنفيذها على حساب أمنه واستقراره!